صالون الصريح

عيسى البكوش يكتب: مائوية إبراهيم المحواشي (1924-2008): أحد فرسان الصحافة الرياضية في تونس

ISSA BACCOUCH
كتب: عيسى البكوش

اليوم تمرّ مائة عام على مولد إبراهيم المحواشي أحد فرسان الصحافة الرياضية في بلادنا، إذ أنّه رأى النور يوم 24 أفريل 1924 بالحلفاوين في مدينة تونس.

لقد انصهر منذ بواكير شبابه في التنظيمات المجتمعية على غرار الكشافة ونادي الزيتونة وشغف بادئ الأمر برياضة الدراجات وهو في السابعة عشرة من عمره ثم مال إلى الفنّ النبيل أي الملاكمة وكان له فيها شأن إذ تحصل عام 1946 على بطولة شمال إفريقيا في الوزن الخفيف وعرف باسم “Brahim Jeune” ولعله أراد التقيّة من عائلته المحافظة بعدم حمل لقبها.

تعرّف على أم كلثوم

وعلى كلّ فإنّ معرفته الدقيقة بهذا الصنف من الرياضات الفردية واقترابه من الميادين والحلبات في تلك السنّ المبكرة مكّناه من خوض غمار عالم الرياضة بشتّى مظاهره وتوابعه، وبالموازاة مع هذه المسيرة الواعدة فلقد انخرط صاحبنا في الحراك الوطني والبلد يشهد الطور الأخير من حركة التحرير، فارتحل عام 1951 إلى القاهرة مشيا على الأقدام حيث قضى سنة كاملة وهو يعرّف إلى جانب الطلبة والزعماء الوطنيين بالقضية التونسية، ولقد تعرّف فيها على كوكب الشرق السيدة أم كلثوم ويقول في حديث لجريدة الزهرة في أحد أعدادها من شهر مارس 1952 “كنا نلتقيها كلّ صباح على تحية صباح الخير يا ست”.
لمّا عاد إلى أرض الوطن اشتغل بالقلم في عدد من الجرائد السيّارة ومنها “الزهرة” و”العمل” وبالخصوص “الصباح” التي كان يمضي فيها مقالاته باسمه الحميمي “برهوم”.

طرائف ونوادر

وبالمناسبة لم يكتف في ركنه بهذه الجريدة بالمجال الرياضي بل كان يروّح فيه عن القارئ بذكر الطرائف والنوادر التي كان ينقلها من اللقاءات التي كانت تجمعه في أريانة في
“قهوة البلار” مع رجال يمزجون الجدّ بالهزل من أمثال الحكيم الطاهر بن عز الدين وعبد الرحمان الخبثاني.
ثم التحق بالإذاعة الوطنية وابتدأت رحلته مع المصدح مع عمّ راشد – محمّد المؤدب – في حصّة جنة الأطفال وتواصلت هاته الرحلة إلى بداية التسعينات من القرن الماضي.
لقد عرفتُ الرجل في بداية الستينات عندما كنا ونحن تلامذة في الصادقية نقبل على مقر الإذاعة للمساهمة في برامج المنعّم حمادي الصيد وكنا نلتقيه في قاعة الانتظار في الطابق الأوّل حيث الجدارية التي خلّد فيها الفنان زبير التركي أساطين الإذاعة فكان يجالسنا ويتحدث إلينا بصوته المتدفق وما أذكره هو أنه كان يعطينا مقارنات في الأرقام القياسية للنساء في الغرب والأرقام الرجالية عندنا في نفس المسابقات كمثل الوثب العالي أو الوثب الطويل والقفز بالزانة.
ولقد كان يبتغي من وراء ذلك إشعارنا بالبون الشاسع بيننا وبينهم وبضرورة رأبه في أقرب الأوقات.

فرسان الإذاعة

كنّا نستمع إليه عشيّة كل يوم أحد وهو يتناوب في نقل المباريات من ملعب الشاذلي زويتن مع المنعّم الطاهر مبارك (1928-2012) صاحب الصوت الكهربائي ولكنه لم يكن ينقل إلى مسامعنا وقائع المباريات بقدر ما كان يتحفنا بكمّ هائل من المعلومات والطرائف …..
ولقد عاصر المنعم عبد المجيد المسلاتي (1930-2004) الذي كان ينسّق بين المعلقين انطلاقا من أستوديو 2 ضمن حصته الخالدة الذكر “رياضة ونغم” ثم خلفه المنعّم عبد الحميد رقاز (1938-2001).
لقد عمل هؤلاء الفرسان إلى جانب عميدهم الفذّ على شقّ طريق سار على دربه عدد هائل من الشبّان الملهمين ولعلّ من ضمنهم المتميّز هشام الخلصي ابن أخت “الطائر الحاكي” وهي إحدى إمضاءات إبراهيم المحواشي.
انتقل “أبو نزار” رحمه الله يوم 04 جويلية 2008 ودفن بمقبرة الجلاز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى