صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثمّ ودع: الحاج محمود بن حسين الحكموني

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

الحكموني في كتاب (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار) تأليف الشيخ محمود مقديش…نجد في القرن الثاني عشر هجري، علمين من عائلة الحكموني…

الأول هو أحمد بن علي الحكموني، تعلم اصول الدين وتفقه وتولى الفتوى بصفاقس، ثم سافر إلى القيروان، وفيها توفي ودفن قرب روضة الصحابي أبي زمعة البلوي….
ونجد العلم الثاني وهو أبو العباس محمد بن الشيخ المفتي أحمد الحكموني، تعلم وتثقف وتولى الفتوى في صفاقس، ولأسباب سياسية سافر إلى مصر ثم رجع إلى صفاقس مفتيا إلى أن توفي…

عائلة أصلها من الحجاز

يرى علماء الأنساب أن عائلة الحكموني أصلها من الحجاز…صاحبنا الحاج محمود، ولد بصفاقس من أب اسمه حسين وأم اسمها محسونة الحكموني…وذلك سنة 1872، ويروى أن والده حسين كان تاجرا، وتجارته مع جربة، وفيها يقيم أياما…
ولما بلغه أن زوجته ولدت ولدا وسألوه عن الاسم الذي يختاره له، ولأنه فلكي يتعاطى التبريج اختار له اسم (محمود) وقال: إما أن أعيش أنا ويموت المولود، أو أموت ويعيش محمود…ومات الوالد في جربة، وعاش الولد محمود يتيما في كنف أمه محسونة الحكموني…
صاحبنا أخذ حظه من القراءة والكتابة وحفظ القرآن في الزاوية…وربته أمه على الاقتصاد فقد اشترت له حمارا يركبه، ويمشي عليه إلى المدينة لقضاء الحاجات التي تطلبها منه أمه، فإذا عاد بما قضى واشترى حاسبته على الخروبة والصوردي، ويروى أنها في يوم حاسبته بعد عودته فوجدت (زوز صوردي ) لا يعرف مصرفهما…طلبت منه العودة، والبحث عنها مع التجار الذين اشترى منهم…
وفي طريق العودة سمع صوت ورنين صفائح البهيم، فعاد إلى أمه فرحا وهو يقول…وجدتهما في صفائح البهيم الذي صفحته اليوم..

صاحبنا والفلاحة

لما كبر حج مع قافلة على الجمل….ودخل ميدان الفلاحةً، والفلاحة في صفاقس كانت مركزة على إحياء الأرض بتشجيرها زيتونا…وجد في جهة عقارب الأرض…وسُميت عقارب بهذا الاسم وهو في الأصل اسم واديها الكبير…
أخذ الحاج محمود مع أولاد عمه قطعة أرض في مكان يسمى (العصيميةً)..ويغرس بحث عن المياه الجوفية، حفر وتعب، فقد وجد الماء بعيدا…لم ييأس، واصل الحفر، وتوصل للماء، وغرس وأحيا قطعة كبيرة بقي أولاده وأحفاده يستغلونها إلى اليوم….

صاحبنا والتجارة

في أرض واسعة بعقارب بنى مع أولاد عمه، مخبزة، ومعصرة زيتون، وأربعة دكاكين للتجارة…ومن مسجد الولي الصالح صيد عقارب وهذه النواةً كانت وتكونت بلدة عقارب…لما اقتسم مع أولاد عمه، أخذ صاحبنا ضيعة العصيمية ودكاكين عمّرها، واستأجر لها معينين، وتولى أولاده البيع فيها مدة…

صاحبنا وسوق الحكموني

كان يملك دارا في نهج سيدي بلحسن مواجهة لجامع سيدي عبد العزيز ….وفوقها مسكنان لأولاد عمه، في الحرب العالمية الثانية لما حطت في صفاقس سقطت قذيفة أو أكثر دكت الدار وما فوقها…وبعد الحرب العالمية الثانية تحصل مع أبناء عمه على منحة تعويض أضرار الحرب…بنى بها سوقا به دكاكين للتجارة عرف ويُعرف اليوم باسم (سوق الحكموني)…والبعض من أبناء صاحبنا فيهم من تولى التجارة في دكاكين بسوق الحكموني…تجارة القماش أو الحلي أو صياغة، الحلي من الذهب…
ويظهر أن وليا يدعى (سيدي حميد المصمودي) كان مدفونا قرب دار الحكموني أو فيها، فلما سقطت الدار بقذيفة سقط قبره، لذلك قرر صاحبنا بأمانته أن يُفرد له في السوق محلا خاصا يحمل اسم الولي، فكان ذلك كذلك، والذي يدخل سوق الحكموني ،يرى في بدايته على يساره بابا مثل أبواب السوق ،وهو باب يقول عنه أولاد الحكموني (باب مسجد سيدي احميدة المصمودي )، وقد ذكر المسجد المؤرخ أبوبكر عبد الكافي في كتابه ‘ج1’ تاريخ صفاقس…

صاحبنا في بيته وبين عائلته

تزوج خديجةً السلامي، وأنجب منها البنات فقط تزوج دوجة السيالة مطلقة لها ابن أنجبت له الأبناء وهم: عبد العزيز، والتوفيق، وحسن ، والطيب ومحمد، كما أنجبت له بنتا اسمها زينب…
وكان في كبره وفترة راحته يجلس على كرسي في مدخل السوق وهو جميل أنيق، يلبس كسوة وجبة وعمامة مذهبة، وقد جالسته وحدّثني عن كفاحه وقوته في شبابه…
قال لي: كنت أشرب قارورة الزيت كاملة، وأرفع على ظهري كيس الزيتون

وفاته

بعد أن احتفل بزواج ابنه الكبير عبد العزيز بالسيدة زكية بنت محمد السلامي، وبعد أن حملت كنته زكية وانتظر ولادة الحفيد عاجله (الموت فتوفي قبل ولادة حفيدته (رفيقة) بيوم أو ثلاثة أيام سنة 1953
فودعته زوجته وأولاده وأحفاده من زوجته الأولى وأحبابه وصفاقس بالرحمة وحسن الذكر….فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما، وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى