صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: …وأسقطت فلسطين كل الأقنعة العربية قبل الغربية

Amine Chebbi ce
كتب: الأمين الشابي

…وهذا محمد بوعزيزي آخر، ولكنه هذه المرّة، أمريكي ضاق به حال الظلم الذي طال كلّ أبناء فلسطين، كلّ فلسطين بقطاعها وضفتها ومخيماتها وخطّها الأخضر،
ولأجل ما يتعرّض له الفلسطيني، من قهر و عذاب و موت و خراب و انتزاع أبسط حقوقه في العيش الكريم كبقية شعوب العالم…

وقد حزّ كل ذلك في نفسه، لم يجد عن التعبير عن ألمه و بموقف الرافض لما يحدث مع أهلنا بفلسطين إلاّ الذهاب إلى الموت، و بطريقة بشعة جدا، على طريقة محمد البوعزيزي، لا لشيء لأنّه جندي أمريكي، لا يقدر أن يرفض الأوامر، فاستباح روحه تعبيرا عن رفضه لما يجري في فلسطين. و كان ما كان..

..وسقطت الأقنعة

السؤال هنا، أين من ذلك كلّ العرب والبعض من الغرب وأكثر من ملياري مسلم في العالم؟ فقط نقول مباشرة، وأنّه مهما قدّم هؤلاء من تبريرات عن عجزهم لنصرة الفلسطينيين والتخفيف عن معاناتهم، فهم كاذبون و هم عاجزون و هم مهزومون بل دعنا نقول و أنّ ما يجري في فلسطين، خاصة، منذ 7 أكتوبر أسقط على الجميع الأقنعة التي يتوارون وراءها؟ بل وأسقطت المقاومة كلّ الأقنعة على وجوه هؤلاء وظهرت وجوههم الحقيقية بلا زيف ولا مكياج. وزاد الإعلام العربي في تعرية الواقع رغم مغالطات الإعلام الغربي.

1/ المقاومة كشفت المستور وأطاحت بكل الأقنعة الأقنعة الغربية:

الحرب التي تشنها آلة الحرب الاسرائيلية بدعم واسناد متناهي من الإدارة الأمريكية بالأخص، من حيث التخطيط والرصد واستخدام الأقمار الصناعية وحشد قواتها العسكرية والسفن الحربية، فضلا عن كونها أيضا مدعومة سياسيا وإعلاميا من قبل الدول الغربية الكبرى على غرار بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها.
كلّ هذه الدول، التي تتبجح بأنّها تمثل العالم الحرّ وأنّها ترفع شعار الديمقراطية وحرّية وحقوق الانسان، أسقط ما يجري بفلسطين، عنها كلّ الزيف وازدواجية المعايير والنفاق السياسي. بل هذا التحيز الغربي للصهاينة ومحاولة تمرير السردية الاسرائيلية بأنّ كل ما يجري الآن هو نتيجة ما جرى يوم 7 أكتوبر، وهي بذلك تحاول طمس أكثر من 75 سنة من الاحتلال والتنكيل بالشعب الفلسطيني. ولكن بسالة المقاومة فضحت كلّ هذا الزيف وكشف لنا الوجه الحقيقي للغرب رغم كلّ عذابات الأبّي.

الأقنعة العربية:

الأقنعة لم تسقط فقط عن وجه الغرب فحسب، الذي حاول ليّ عنق التاريخ و طمس حقائقه بتحويل الشعب الفلسطيني المقاوم من أجل نيل حريته و استقلال بلاده إلى إرهابيين و مجرمين، و إنما أيضا سقطت أقنعة كل النظام العربي برمته. هذا النظام الذي يقف اليوم، موقف المتفرج، و موقف العاجز و موقف الخائن و موقف المتواطئ، و هو يتفرّج على جرائم الإبادة التي تمارس في حق الشعب الفلسطيني. و سقط القناع بالخصوص، عن هؤلاء من ” بني جلدتنا “، الذين لا يخفون تشيعهم لاسرائيل بكل وقاحة و عنجهية سرّا و علنا. فلو لا بسالة المقاومة و تلقينا درسا في الرجولة إلى العدّو، لأظهر هؤلاء شماتتهم في بني جلدتهم و جاهروا بذلك تقرّبا وتمسحا للمجرمين. و لكن و الحمد لله، المقاوم ليس إرهابيا كما يزعمون، بل هو مدافع عن الحق الفلسطيني و الحق في الحياة و الحق في الحرية، كما تتمتع بذلك كل شعوب العالم. و انكشف المستور و ظهر لكل العالم و أنّ الإرهابي الحقيقي هو ذلك الكيان العنصري. و الأكيد و أن محكمة التاريخ عاجلا أم آجلا ستقول كلمتها حول من هو الإرهابي؟

2/ الإعلام والشعوب الحرّة ساهمت في تعرية الواقع الإعلام العربي

حتّى نعطي كلّ ذي حق حقّه، نرى فازت قناة الجزيرة – حسب اعتقادنا – بشرف فضح هذا الكيان الاستعماري الغاصب و المجرم. بل وكشفت عن حقيقة وجهه، الذي حاول تجميله لما يزيد عن سبعة عقود، ليتّضح بأنّه كيان متعطش لشرب دماء الفلسطينيين خاصة، والدماء العربية حين تحين الفرصة لذلك. ولم تكن الصورة لتوضح لو لا قناة الجزيرة التي جندّت كلّ أجهزتها ورجالاتها واعلامييها ومراسلين، لكشف حقيقة ما يعانيه الشعب الفلسطيني وما يكابده من عذابات تراوحت بين الموت والسجن والعراء والجوع و هدم البيوت و التنكيل حتّى بالأموات.
وهي مناسبة لنحييهم جميعا لكلّ ما قدموه من خدمة جليلة للشعب الفلسطيني ومؤازرته وإيصال صوته وقضيته إلى كلّ العالم لتصبح هذه القناة مصدرا للخبر اليقين ولكن دون أن ننسى الخبير العسكري والاستراتيجي السيد الدويري وعمق تحاليله العسكرية بل و الأهم هو طمأنتها على قدرات المقاومة و تصديها للآلة الصهيونية و بكل اقتدار. وهي مناسبة أيضا لنترحم على كلّ استشهد من الإعلاميين والمراسلين، وهم يجاهدون بالقلم والصوت والصورة من الميدان وتحت القصف.
كما نتمنى الشفاء العاجل لكل المرضى المصابين.
هذا في الوقت الذي تشير بوصلة بعض القنوات العربية الأخرى في غير اتجاه قضية فلسطين. بل و أن الإعلام الغربي أيضا حاول بقدر الإمكان خدمة الكيان، و ذلك عبر فبركة الفيديوهات و بث مزاعم الاحتلال و كذبه، خاصة حول قطع رؤوس الأطفال لإقناع الرأي العام العالمي بمدى إرهابية الفلسطينيين. موضحا في نفس السياق ، وأنّ ما تقوم به إسرائيل هو دفاع عن النفس و ذلك دون الإشارة إلى الفظاعات التي يرتكبها الكيان في حق الشعب الفلسطيني. و رغم كلّ تلك الأكاذيب التي روّجها الاعلام الغربي للدفاع عن الاحتلال و جرائمه، ما لبثت أن تحوّلت إلى فضيحة لهذا الاعلام. حيث تمكن الإعلام العربي من اظهار الحقيقة عبر نقل المشاهد الدموية و أشلاء الضحايا تحت الأنقاض.

وقوف الشعوب الحرّة إلى جانب الحق

وتبقى الشعوب الحرّة والمؤمنة بالحريات والعدالة، واقعا لا زيفا، كما تفعل بعض الأنظمة، سواء كانت من الشعوب العربية أو المسلمة أو غيرها، تلك التي تؤمن بإنسانية الإنسان وحقوقه الكونية، تبقى هي المساند الكبير للشعب الفلسطيني في محنته…
حيث خرجت هذه الشعوب الحرة على بكرة أبيها، رغم مضايقات بعض الأنظمة لها، خرجت في مظاهرات حاشدة، من كلّ أنحاء العالم، وفي جلّ العواصم العربية والأوروبية والغربية، لترفع صوتها عاليا وبصوت واحد لتقول ” أوقفوا هذه الإبادة الجماعية عن الشعب الفلسطيني “. وما يعنيه ذلك من الضغط على حكوماتهم لتغيير مواقفهم وبالتالي إبعادها عن تصديق السردية التي يروّج لها الكيان… ولكن دون أن ننسى وسائل التواصل الاجتماعي والدور الهام الذي لعبته هي أيضا في فضح جبروت وإجرام هذا الكيان وإظهاره في موقع المجرم والثابتة إدانته مهما عمل على طمس جرائمه عبر من يسانده في العالم.
و الأكيد أيضا و أنّ فلسطين ستنتصر، ان لم نقل قد انتصرت بعد، من حيث صلابتها أمام أعتى الجيوش في العالم، عتادا و عددا و عدّة و آلة حربية و تكنولوجيا متقدمة جدّا. ولكن الأكيد كذلك و أن هذا الكيان هو الخاسر الأكبر على أكثر من مستوى. فقد افتضح أمره واجرامه ودمويته وعنصريته أمام كلّ العالم. افتضح زيفه من كونه الجيش الذي لا يقهر، فلو لا مساندة الغرب له و في مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية، لما صمد كلّ هذه المدّة أمام مقاومة آمنت بحقها في عيش شعبها بكل كرامة و سلم و سلام و آمنت بقدرات على مقارعة العدو الذي كبّدته ما لم يكن في الحسبان و ذلك باعتراف من العدو نفسه. و لكن ليكتمل الفرح بهذا الانتصار على السلطة الفلسطينية لملمة جروحها، رغم كلّ المحنة التي مرّ بها الشعب الفلسطيني، و البدء في لمّ الشمل لأنّ العدو لا يفرّق بين حمساوي أو فتحاوي أو غيرهما…
إن الغرب ودوله “المتحضرة” ضالعة في حرب الإبادة التي يمارسها الكيان في غزة أساسا وفي الضفة الغربية بشكل أو بآخر..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى