صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: المختار المكوّر

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

ولد المختار المكوّر بصفاقس في بداية القرن العشرين…وكانت العائلات في صفاقس تتغطى شتاء ببطانية من صوف..والبطانية يصنعها وينسجها النسّاج من خيوط الصوف،(قيام وطعمة) وليتحول الصوف إلى قيام وطعمة لا بدّ أن يمر بمراحل…

مراحل النسج

هذه هي المراحل: يذبح الجزار كبشا أصوف، يسلخ الجلد…الجلد تطليه امرأة بالجير..بنزع صوفه، الصوف تغسله في البحر، يجفف الصوف في الشمس، تضعه امرأة في القرداش لتنظيفه مما علق به وليتحلل، تأخذه المرأة لتحوله بالمغزل إلى خيوط…\

تصل الخيوط في بكرات إلى النسّاج، قد يكون بعضها مصبوغا بلون حسب الطلب، من هنا ندخل سوق النساجين، صفاقس اشتهرت بالنسيج والنساجين، والنساجون في غرف عالية أغلبها يطل على سوق الطعمة بسوق الصباغين…

النساج المختار

من هنا نتوقف مع النساج المختار المكوّر، له في الغرف غرفة ومنسج، وقد اختار بعد خروجه من الزاوية هذه الصناعة، تعلمها، وأتقنها وقد جرت العادة في صفاقس أن تعد الأم لابنها القادم على العرس (بطانية) من صوف العلوش، طولها ستة أمتار، مزينة بخيوط خضراء أو سوداء، والبطانية تطوى أربعا لتغطي العروسين…
وبطانية يصنعها وينسجها المختار المكوّر أو من مثله في إتقان الصنعة تبقى عشرات السنين وتورث، صاحبنا المكور ينسج، الصوف للكدرون، وصوف الكدرون خليط بين أسود وأبيض، وينسج الفراشية والبرنس..
وإن اشتهر النساجون في توزر بنسج البرنس من وبر الجمال بطريقة خاصة تسمى (دك خلالة) وكان بعض النساجين في صفاقس من جربة وفي هذه الغرف يعملون ويبيتون، صناعة النسيج من صوف العلوش هجمت عليها صناعة النسيج بآلات عصرية تنسج البطانية من خيوط النيلون، وإنتاجها اشتهر…

البطانية صارت ‘كسالى’

وصارت البطانية تسمى (كسالى) تباع في المتاجر بعد أن كانت البطانية تباع في سوق الربع، من هنا دخل الكساد في سوق النساجين بصفاقس، فاختار صاحبنا المختار المكور أن يدخل تجارة التموين، فتح دكانا في عمارة بناها بمركز العالية بصفاقس، وقد يصنع بطانية لمن يطلبها، في موعد كعادته يحافظ عليه…

تزوج في شبابه بالسيدة ً الفاضلة مجيدة الهنتاتي، أنجبا البنين والبنات هم: فتحي تعلم وتوظف في شركة ‘السياب’، ناجية، عائشة تعيش اليوم مع زوجها بفرنسا، مفيدة تعيش اليوم مع زوجها بكندا، منصف موظف في بنك، حافظ: فتح دكانا إلى جانب دكان أبيه وكان فيه جزارا لثقته له حرفاؤه، مصطفى كان موظفا في شركة تجارية، سمير موظف في شركة السياب، منير في شركة نفط، فوزية في تجارة مواد التجميل…

ودع الدنيا

ولم يكن واحد من أولاده نساجا، وذلك لأن الآلة قضت على الصناعة اليدوية الفردية..
عاش صاحبنا المختار مكوّر في تجارته وفي مسكن مجاور لمساكن البعض من أولاده، فلما مرض وجد منهم الرعاية، ولما حان أجله ودعه أولاده وأحفاده، وأحبابه وصفاقس بالرحمة وحسن الذكر…فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما، وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى