صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ طبال رمضان من سيّدنا بلال إلى الطيب عبيدة…

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

في رمضان، في كل يوم من أيام رمضان إفطار بعد صيام…في كل يوم من أيام رمضان سحور بعد إفطار وصلاة عشاء وتراويح وتلاوة قرآن…في كل يوم من أيام رمضان بعد العشاء والعشاء والتراويح والقرآن نوم…

والنوم يمتد ساعات…والنوم فيه دفء وخاصة في الشتاء، والنوم يريح…والنوم يأخذ صاحبه…والنوم يُنسي صاحبه أن عليه الفجر قبل الفجر…والنوم في رمضان أنسى صاحبه أن عليه السحور في وقت السحر…
فمن يوقظ هذا النائم للسحور في السحر قبل الفجر؟…

بلال بن رباح يؤذن

في هذا ولهذا أذن النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي بلال بن رباح أن يؤذن ليوقظ الناس للسحور لا لصلاة الفجر…وقيل إنه كان يطوف في شوارع المدينة يوقظ النائمين للسحور عند السحر بصوته وأذانه وليس بالطبلة، ولذلك يجوز أن نقول عنه (أول مسحراتي)…
ونفتح كتب التاريخ فنجد الجنود في بعض الدول الإسلامية يطوفون، ويدقون على كل بيت ليوقظوا أهله للسحور…ونفتح كتب التاريخ فنجد بعض الدول عيّنت فريقا خاصا يوقظ الناس في رمضان عند السحر، ويتوقفون أمام بيت كل غني ليقبضوا منه أجرهم، ولا يتوقفون أمام بيوت الفقراء لأنهم يوقظونهم بدون أجر….

الطبال في صفاقس

ونطوي كتب التاريخ ونروي ما رويته ورأيته وعشته في صفاقس…رويت أن الطبال ظهر أولا في المهدية، ثم دخل القيروان وصفاقس وغيرها…في عهد الحماية رأيت الطبالين وعددهم أكثر من عشرين يتجمعون قبل المغرب من ليلة الشك في شعبان أمام المحكمة الشرعية ينتظرون الإعلان عن ثبوت رؤية هلال رمضان، فإذا ثبتت الرؤية للمجلس الشرعي، وصل البلاغ للطبالين فتفرقوا، وتوجه كل طبال إلى منطقته يُعلن ويبشر بقدوم رمضان، ونفس المشهد يتكرر عند هلال العيد…
كان عدد الطبالين داخل المدينة أربعة، يلتقون في بطحاء سيدي علي النوري ثم يتفرقون فيتوجه كل واحد منهم نحو شوارع وأزقة قسمه…رويت أن طبال المدينة كان يمشي وهو يقول: يا نائمين قوموا تسحروا، ولا يذكر من أسماء أصحاب البيوت إلا كبارهم، وفي عهد الحماية صار للطبال معينه، ويطوفان على البيوت نهارا وليلا قبل رمضان ليسجلوا في كراس خاص أسماء من يرغبون في تسميتهم وإن كانوا نساء أو أطفالا…

كراس وأسماء

وفي ليلة رمضان، يكون معين الطبال بيده مصباح وكراس ليملي على الطبال أسماء أصحاب كل بيت عند الوصول إلى البيت، وهذا يُفرح الأطفال ويُسعدهم…وقد يزعج صوت الطبال بعض الأطفال في بعض البيوت فينهى الأولياء الطبال عن ذكر والوقوف أمام ذلك البيت…

الطبال في الأحواز والأجنة

وأخرج بكم من المدينة لنتحدث عن الطبالين في الأحواز والأجنة…إنهم كانوا أكثر من عشرين…عرفت منهم: الطرابلسي، والصيد بن عمر …كانت مهنتهم متعبة، فالطبال منطقته طويلة عريضة ممتدة فيها أبراج كثيرة متباعدة، وعليه أن يدخل كل جنان ويتوقف عند كل برج وينادي للسحور كل من يسكن البرج فالأطفال من سكان البرج يوصونه بذلك…والطبال قد تعترضه الكلاب وعليه أن يتخلص منها، ولذلك كان يركب حمارا يطوف عليه أو يتخذ معه معينا…والحمار يتأكد ليلة النصف من رمضان فربات البيوت يكرمن الطبال بكمية من العجة الصفاقسية المصنوعة من العجين والحمار يتأكد عند العيد، فالطبال يطوف على الأبراج والبيوت نهارا يهنئ بالعيد ويتقاضى أجرا تحدده همة رب العائلة، ومع الأجر يكرم بالحلويات…
وطوافه في العيد قد يستغرق ثلاثة أيام، وما يجمعه من حلويات تتمتع عائلته ببعضه ويبيع الباقي…هذا الطبال الصفاقسي يمتاز بطبلة صغيرة جميلة نقراتها مقبولة غير مزعجة…مدينة صفاقس بقي فيها طبال واحد هو الطيب عبيدة، حفظه الله كثير من مناطق الأحواز وكثير من الأجنة غاب عنها طبال صفاقس….
ونرجو أن يبقى الطبال الذي يحفظ عادة اجتماعية فيها دلالات بكل أسف نازعه فيها المنبه في الساعة وفي الهاتف فهو الموقظ للسحور، وليس الطبال…
وبعد حديثي وسطوري للأصدقاء الحق في الكلمة، والإضافة والنقد لنزداد معرفة وفهما…وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى