صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: الشيخ عبد الحميد المنيف

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

هو الذي ولد بصفاقس في 25 جويلية 1927…هو ابن الشيخ العالم الخبير بالتاريخ والنحو والرياضيات، المدرّس بالفرع الزيتوني بصفاقس، بعد أن جمع بين التدريس وعدالة الإشهاد سنوات معدودةً…

هو الذي أدخله المدرسة الابتدائية…وبعد سنوات فارقها يحمل الشهادة الابتدائية وينضم إلى التعليم الزيتوني في الفرع الزيتوني بصفاقس، ويكون في علم النحو من تلاميذ أبيه الذي يذكره بالخير، ويذكر فضله، ويهدي إليه في كبره بعض مؤلفاته…

طار إلى العاصمة

كما أنه كان من شباب فرع جمعية الشبان المسلمين الذي كان أبوه من مؤسسيه برئاسة الشيخ محمد بن إسماعيل…هو الذي تحصل على (شهادة الأهلية التي بها خرج من الفرع الزيتوني بصفاقس وطار إلى تونس يواصل التعلم بجامع الزيتونة…ولم يعد إلى صفاقس إلا لزيارةً أهله ووالديه، حتى توفي في 17 أكتوبر 2010…

60 سنة في تونس

هو الذي قضى في تونس العاصمة أكثر من ستين سنة فكيف وفيم قضاها؟…قضى ست سنوات يتلقى العلوم على الشيوخ وكبار المدرسين بجامع الزيتونة، فحصد شهادة التحصيل بعد ثلاث سنوات، وحصد بعد ثلاث سنوات أخرى شهادة العالمية، وفي هذه السنوات كان منخرطا في دروس الخلدونية وبشهادتها فاز، ومنخرطا في الكشافةً…

جاءت مناظرةً لانتداب مدرسين معاونين في التعليم الزيتوني فشاركً ،ونجح، ولأنه متمكن من العلوم الطبيعية فقد كلف بتدريسها، والدروس في دائرة التعليم الزيتوني لكنه يلقيها في مبنى الخلدونية…وكنت من تلاميذه…

أعان الطلبة

في تونس كان يسكن مع أخويه، أحمد وإبراهيم، في دار مؤجرة ومن حسن أخلاقه كان يستقبل ضيوفه من الطلبة الزيتونيين الصفاقسيين الذين يعرفهم ويقدم لهم الطعام…يسمح لهم بالمبيت بعض ليال إن دفعتهم الظروف إلى ذلك، وكنت من بينهم..
في تونس أسّس مع بعض الطلبة الزيتونيين جمعية الترقي الصفاقسي الزيتوني، تولى رئاستها فترةً…كانت تستدعي الأساتذة ليلقوا محاضرات يعرفون بها أدباء للطلبة في سنة الحصول على شهادة التحصيل، والجمعية تطبع كل محاضرة وتبيعها بعشرين فرنكا…
والجمعية تعطى الطلبة الصفاقسيين الفقراء منحة شهرية قدرها (خمسمائة فرنك) والمنحةً يجود بها كل شهر بعض المدرسين بجامع الزيتونة بناء على اتصال الجمعية بهم، والجمعية تنظم للطلبة رحلات يتعرفون فيها على مدن تونسية…
في تونس كان الشيخ المدرس عبد الحميد المنيف يقضي بعض وقت فراغه في مكتب خاص بدكان بسوق الترك في العاصمة متخصص في بيع الجبة والبرنس وما يتبعهما، ويتولى البيع أجير، والدكان قد يكون لصاحبنا عبد الحميد أو لـ عمه أحمد التارزي في صفاقس…

عائلة الشيخ

في تونس، تزوج في صفاقس ورجع لتونس بزوجته الفاضلة بنت عمه، وأنجبا، عواطف التي ساعدتني في هذه التدوينة فلها الشكر…ولأخوتها الذين شرّفوا والديهم وصفاقس وهم طه، ومحمد، وعبد الرازق، وتماضر…دخل جميعهم كلية الطب ونجحوا، وواصلوا، إلا تماضر فقد ودعت الدنيا…
ولصاحبنا بنتان، فتحية وسناء…تخصصتا في الخياطة، وفي تونس وجد الأبواب للرقي العلمي بعد الاستقلال في وجهه مسدودة فتوجه إلى المغرب، وحط رحاله في فاس، في جامعة القرويين…وفيها طلب العلم واستزاد حتى تحصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات القرآنية، رجع إلى تونس يدرّس في كلية الشريعة وأصول الدين…وبعد سنوات تقاعد..

ألف رواية

لصاحبنا قلم، وبقلمه ألف في بداية الخمسينات رواية عنوانها (سر المعركةً) فكان بها أول صفاقسي ألّف ونشر رواية، وأضاف إليها رواية (وأخيرا تزوجتها)، وكتاب (أبو تمام)..ولما رجع من المغرب أثرى المكتبة التونسية بهذه الكتب…(القرآن وأهم عناصر النهضة في الإسلام ـ المغرب الأقصى في القرن الحادي عشر ـ الأجوبة الفقهية للإمام محمد بن سحنون)…

ودع الدنيا

ولأن الله في القرآن أخبر فقال (كل من عليها فان) فقد جاء أجل فناء عبد الحميد بن محمد المنيف فودع الدنيا بنفس راضية وودعه أولاده وأحفاده وأحبابه، وأهله في تونس العاصمة وفيها دُفن…وكل من يعرفه أو تتلمذ عليه يذكره بالرحمة فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما، وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى