محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم: أعلام دخلوا إذاعة صفاقس ثم ارتحلوا/ آسيا قراجة القابسي 1945 ـ 2004
كتب: محمد الحبيب السلامي
لما أسس المرحوم عبد العزيز عشيش إذاعة صفاقس حرص على دعم الإذاعة بالعنصر النسائي فتحقق حرصه بثلاث…الأولى شاذلية شاكر التي فهمت أن دورها تبليغ الرسالة الإذاعية بأمانة فبقيت تبلغها إلى أن تقاعدت مدّ الله في عمرها بالصحة والعافية…
والثانية هي السيدة القايد المناضلة من أجل تحقيق حقوق المرأة فوجهت جهودها وأوقاتها في إذاعة صفاقس لإثبات حقوق المرأة، وما زالت سائرة في نفس الطريق وإن تقاعدت متعها الله بالصحة وطول العمر…أما الثالثة فكانت هي (آسيا قراجة القابسي)…دخلت إذاعة صفاقس فأدركت أنها دخلت مدرسة وإن قضت سنوات من عمرها تنتقل من مدرسة إلى مدرسة لتتعلم…
في مدرسة جديدة
أدركت آسيا أنها في مدرسة جديدة…في مدرسة تتعلم منها وفيها وتُعلم…هي ستخُاطب مستمعين و مستمعات بلغة عربيةً في دولة لغتها الرسمية اللغة العربية التي لها نحوها وصرفها وبلاغتها، ولها أدبها، شعرها ونثرها لذلك حرصت على ربط الصلة بأعلام في هذه اللغةً هم من أعلام هذه الإذاعة…
من الأعلام ترتوي..
فكانت مجالسها مجالس محمد محفوظ، ومجالس محمد الشعبوني، وكان أستاذها في محاولاتها الشعرية في البيت والإذاعة الشاعر الرقيق الأستاذ مصطفى البحري…من الأعلام ترتوي وتقوّم لسانها، تقدم نشرة الأخبار بلسان فصيح يخرج الحروف من مخارجها ووفق صفاتها، وتحاور ضيفا بلسان عربي فصيح يفرض عليه أن يجيب بما يفيد، حاورتني يوما في برنامج فكري فشدّتني بأسئلتها الفكرية الاجتماعية وفرضت عليّ أن أشد على يديها وأحييها…
دخلت آسيا قراجة القابسي الإذاعة فتعلمت الكثير من الإذاعة وهي تجالس الإذاعي محمود بنجماعة المسؤول عن برامج الإذاعة، فصارت بخبرتها وكفاءتها مدرسة تفيد وتعلم كل إطار جديد يدخل الإذاعة، والسيدة الإعلامية المذيعة الرابعة بإذاعة صفاقس (نجيبة معالج دربال)، تعترف لها بذلك وتشكرها على ذلك، وتترحم عليها…
قطف الموت آسيا…
فقد قطف الموت آسيا القابسي فجأة كما تقطف الزهرة برعما من شجرتها وهي مازالت لم تبح بما فيها من عطرها وعطائها…بكاها زوجها وأولادها وأسرة الإذاعة ومن عرفها، وودّعتها إذاعة صفاقس وصفاقس بدموع الرحمة وحسن الذكر فمَن مِن الأصدقاء يقول عنها كلمة تفيد وتزيدنا معرفة بها وفهما وأنا أحب أن أفهم؟؟
