صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: هل تأخذ ماطر حظّها في عهد الجمهورية الجديدة؟

كتب: الأمين الشابي

ماطر اسم على مسمى مشتقة من المطر و”جعلنا من الماء كلّ شيء حيّا” إنّها مطمور تونس عبر العصور لما تمتاز به من أراضي فلاحية خصبة فهي إحدى معتمديات ولاية بنزرت، وتعدّ حوالي 60 ألف نسمة وتفصلها عن مدينة الجلاء بنزرت حوالي 40 كلم…

ماطر الضاربة عبر التاريخ و المتجذرة فيه حيث  تمّ  احداث بلديتها منذ سنة 1898 أي مرّ اليوم على تأسيسها ما يزيد عن 120 سنة بالتمام و الكمال و ما يعنيه ذلك من الوجود البلدي و العمل البلدي و تحضر الجهة..

رجالات ماطر وتجذرها الثقافي ..

ماطر أيضا هي بلد التسامح و التعايش بين الأديان حيث كانت توجد فيها الكنائس و المساجد و المعابد اليهودية و أيضا المقابر الإسلامية و المسيحية واليهودية.
ومن يقول ماطر يقول رجالات ماطر و نستحضر منهم محمد بن شعبان وهو أول رئيس بلدية بعد الاستقلال و الدكتور الحبيب المزي و و الطاهر عباس المزي و الصادق العجابي و عبد الحميد بنور و عبد الجليل الكافي ومحمد البجاوي و محمد الصالح النهدي و المنصف البجاوي و محمد بودة وعبد الرحمان العجابي و غيرهم من رجالات ماطر الأفذاذ.
ومن يقول ماطر يقول الثقافة والفن…فقد أنجبت ماطر الفنانة حسيبة رشدي الذي ذاع صيتها شرقا وغربا كمطربة و كممثلة و من يقول ماطر يقول الموسيقى و نستحضر عازف العود الذوادي و الصادق الماطري، صاحب أغنية يا بير ماطر، و حوسين النفزي، عازف العود و صاحب أغنية ” يا حمام اللي طار يا جاري تربح ” و حمادي لوحات و عماد الرياحي ذاك الصوت الجميل و حمادي البجاوي الذي ارتبط اسمه بفرقة الموسيقى النحاسية و التي كانت لها صولات و جولات في مدينة ماطر بل و حتى خارجها.
و من يقول ماطر يقول الثقافة فقد برز بها الأستاذ محمد الصالح النهدي الذي أسهم بالعديد من المؤلفات نذكر منها “مصطفى خريف في الميزان ” و ” عودة حي ابن يقظان” و”هكذا تكلّم يقظان ” فضلا عن الكم الهائل من المقالات فضلا عن نضالاته في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات الحقوقية.
وكان لماطر أيضا مثقفيها نذكر من بينها الشاعر محجوب العياري الذي أصدر العديد من الدواوين نذكر منها باكورة انتاجه بعنوان
“تداعيات في الليلة الأخيرة قبل الرحيل ” إلى جانب الشاعر و الإعلامي الأمين الشابي الذي له أكثر من ديوان تحت الطبع منها
“صهيل الخيل وقعقعة السيوف ” و ” الثائر “. فضلا عن عديد مقالات الرأي التي نشرها قبل و بعد الثورة على أعمدة جريدة الصريح الورقية ثم الإلكترونية..

و للمسرح نصيب بماطر ..

من يقول ماطر يقول أيضا المسرح حيث شهدت ماطر ولادة أوّل فرقة مسرحية منذ سنة 1937 و هنا نستحضر أسماء بارزة منها عبد الرحمان العجابي و عبد الجليل الكافي و ابراهيم الوسلاتي وقدّور الخزروني و حسونة اليفرني و فاتح الكافي و الأستاذ حمادي المزّي و الممثل القدير و المقلد خميس الجميعي  و أيضا تعتبر ماطر من الأوائل التي كان لها جمعية مسرحية خاصة تحت مسمى ” مسرح الصراحة ” تحت اشراف السيد محمد الهادي البكوري و التي أنتجت أكثر من عمل مسرحي رغم كلّ التضييقات التي كانت تلاحقها و ذلك في فترة أواخر السبعينات وبداية الثمانينات..

ماطر تعاني من الإقصاء

ولكن رغم هذا الزخم التاريخي و الثقافي لمدينة ماطر و في كل المجالات تقريبا مازالت الجهة تفتقر إلى العديد من المرافق و لعلّ في مقدمتها الإسراع بتجهيز دار الثقافة بماطر بعد إعادة تهيئتها بما قدره مليار و نصف من المليمات و لكن بقيت بدون تجهيزات تقنية و فنيّة ليتم استغلالها في المجال الثقافي.
وقصد حلحلة الوضع جاءت المبادرة من نجم الكاميرا الخفية بقناة الجنوبية الممثل محسن الجواني باعتباره ابن ماطر و بالتعاون مع بلدية المكان، التي يرأس مجلسها البلدي الشاب الأستاذ جلال التهامي، ليكون تنظيم احتجاج حضاري عبر الموسيقى و الشعر والمسرح وكان الاحتجاج بأسلوب راق و حضاري جلب ما يزيد عن 6 آلاف متفرج استمتعوا بكل فقرات التظاهرة الثقافية الاحتجاجية و التي كان لها الصدى الطيب حتى خارج مدينة ماطر باعتبار و أن أبناء ماطر لم يلتجئوا للاحتجاج  عبر حرق العجلات المطاطية أو قطع الطريق أو تعطيل مصالح المواطن بل كان عبر تعبيرات الموسيقى و الشعر و المسرح والتنشيط…

التجارة الموازية

وماطر أيضا تشكو من نقائص أخرى وهو ما وقفنا عليه بسوق الجملة للخضر و الغلال بماطر حيث يشتكي أرباب المهنة بهذا السوق من التجارة الموازية التي أصبحت تقلق راحتهم و تهددهم في لقمة عيشهم باعتبار وجود شاحنات تأتي من خارج الجهة و تنصب خارج السوق و تبيع مباشرة سلعها إلى ‘الخضارة’ ممّا أثّر سلبا على العاملين داخل سوق الجملة للخضر بصفة منظمة و قانونية.

أيضا الوضع الذي عليه الملعب البلدي لجمعية الأهلي الماطري الذي يتطلب التدخل العاجل ليعود للرياضة بريقها في ربوع ماطر كيف لا
والأهلي الماطر كانت له صولات و جولات في تاريخ الرياضة التونسية…

منطقة راس العين أيضا وهي منطقة فلاحية بامتياز يسكنها جمع لابأس به من العائلات، ولكن هذه المنطقة تفتقر الى العديد من الخدمات ولعلّ على رأسها غياب البنية التحتية و بالتحديد عدم ربط هذه المنطقة بقنوات التطهير وقنوات تصريف المياه مما انعكس سلبا هذا الوضع على صحة المواطن بعد 60 سنة من الاستقلال…

هل من لفتة؟

ولنختم بالقول و أنّ ماطر تستحق لفتة كريمة من لدن السلط حتى تستعيد مجدها وتساهم كما بالأمس في المجهود الوطني عبر سواعد و فكر أبنائها فهل من مجيب لشواغل أبناء ماطر، ماطر التاريخ و ماطر الفن و ماطر المسرح و ماطر الشعر. و ماطر التحضر و أملنا كبير في رئيس الجمهورية قيس سعيد في أن يزيح على ماطر الغمّة التي لاحقتها في العهد  البورقيبي و النوفمبري وكذلك في العشرية السوداء.. فهل تنتظر ماطر الفرج في عهد هذه الجمهورية الجديدة، كلّنا أمل…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى