صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: حين تتجزأ الإنسانية..فتحضر في تركيا وتغيب في سوريا؟!

كتب: الأمين الشابي

حين تكون فاجعة الزلزال كارثية بل ومزلزلة ومؤلمة حدّ الوجع بل حدّ الموت ويدفن تحت أنقاض أطنان من الحجارة  والحديد والاسمنت 

والتراب الآلاف من البشر، المفروض أن يتألم يتألم الإنسان عموما مهما كان لونه أو سنّه أو موطنه أو نظامه السياسي…

وعندها أيضا تحضر الإنسانية والإنسانية فقط، بعيدا عن الحسابات الضيقة و لكن عالمنا للأسف ـ رغم كلّ ما راكمه من تحضر و علم و تقدم ـ مازالت تسيطر عليه النزعات السوداوية والأحقاد و الميز و الحسابات الضيقة و تسكنه للأسف التفرقة و التمييز بين هذا و ذلك و بين تلك الدولة و الدولة الأخرى.

نعم هذا واقعنا أو قل هذا ما كشف عنه الزلزال الأخير الذي ضرب كلّ من شمال سوريا و جنوب تركيا و لم يفرق بينهما بل و وزّع بينهما الموت و الدمار و الجراح و الخسائر الكبيرة بدون حسابات و ميز، ولكن البشر في تعاطيه مع هذا الزلزال الكاري حاد عن تصرف الكوارث الطبيعية التي لم تفرق بين بلدين تربطها الجغرافيا و الدين و الحدود والجوار.

الكوارث تجمع ولا تفرّق ‘يا ماما أمريكا’..

القائمة للزلزال الذي ضرب كل من تركيا وسوريا سوف لا تتوقف عند بعض الأرقام التي تابعها الجميع و في كلّ العالم بل ستتضاعف و قد نزعم أنّها ستصل إلى 10 الآلاف من القتلى و أضعافها ربما من الجرحى، و هذا قدر و ليس بمشيئة أي كان و كارثة طبيعية قد تطال أيّا كان و في أيّ مكان كان و مهما كان قوته و جبروته و نوع نظامه و سطوة جيوشه.
وقد يتعرض لها من يعتقد أنّه في منآى عن ذلك و ما الزلازل السابقة التي حدثت إلاّ دليل على صحة ما ذهبنا إليه و للتاريخ أرقامه المزعجة لمثل هذه الكوارث الطبيعية التي يتعرّض لها الإنسان عموما.

المعيب أنّ تتجزّأ الإنسانية عند التعاطي مع هكذا كوارث طبيعية، فزلزال تركيا / سوريا كشف لنا وبكلّ صفاقة مدى ظلم الأنظمة الغربية و الأوروبية لدولة سوريا على أساس ذاك الحصار الظالم المفروض على سوريا و هذا يعني شيئا واحدا اسمه الاستثمار حتى في أوجاع الشعب السوري بقطع النّظر على نظامه.
ودعنا نقولها مباشرة، ماذا يعني الحرص على مواصلة الحصار على سوريا و منع وصول المساعدات إلى الشعب السوري في مثل هذه المحنة الكارثية و قد وصل الأمر حتى إلى تتبع كل شخص يحاول ارسال مساعدة شخصية إلى الشعب السوري؟ فهل هذه هي القيم التي يعمل  الغرب على نشرها؟.
وفي المقابل تتوفر للجانب التركي كل الوسائل اللوجستية و المادية و المالية و البشرية بل هذا ما نشجع عليه و نباركه قصد نجدة الشعب التركي ولكن الكيل بمكيالين من قبل الغرب و في مقدمته أمريكا ـ رغم أنّ الكارثة إنسانية سواء بتركيا أو بسوريا حتى لا نقول الكارثة هي واحدة هنا أو هنالك ـ فهل يمكن لأمريكا، بمثل هذا التصرف و الانحياز إلى جهة دون أخرى بالرغم من أنّ العملية إنسانية بحت، أن تقنعنا بأنها بلد حقوق الإنسان و بلد الحريات و بلد الديمقراطية و بلد القيم و التحضر. وبلد القانون.؟
وهنا أسأل أين العقول الراجحة في الغرب بل و في كل العالم لتغتنم الفرصة لتجاوز كل الخلافات مع بلد جريح ينزف؟ أ لم تكفيه مدّة 12 سنة من الحصار و الهجمة الشرسة التي طالته و خربت تاريخه و حضارته و قدراته و قطعت  أوصال دولته السورية إلى أجزاء..؟

أين الأمم المتحدة والجامعة العربية؟

بقدر ما نتألم لما أصاب كل من الشعب التركي و الشعب السوري في هذا الزلزال المدمر- الذي لا نتمناه حتى إلى ألدّ الأعداء – باعتبار حجم المعاناة جرّاء هذا الزلزال الذي هزّ هاتين المنطقتين، و ما نتج عنه من موت و دمار و خوف و معاناة و ما سيسببه من صدمات نفسية للناجين من الموت المحقق، بقدر ما نأسف لعدم تحرك الأمم المتحدة لنجدة السوريين في محنتهم بل هي فرصة لابدّ من استغلالها و كسر الحصار المفروض على الشعب السوري من قبل هذه المنظمة باعتبار الظروف الإنسانية البحتة، و لنقول كذلك و أنّه حان الأوان من إعادة النظر في هيكلة هذه المنظمة التي أصبح يتحكم في قراراتها و حراكها بضعة دول قوية على حساب البقية؟
وبالمناسبة أيضا نسأل أين تلك المنظمات ” الإنسانية ” التي تقيم الدنيا ولا تقعدها من أجل موت قطّة أو كلب في منطقة ما؟ فهل هي أيضا تتعامل بميزان المكيالين حتّى في الكوارث الطبيعية و الزلازل أم تنتظر التعليمات من أسيادها؟ بل لا نلوم مثل هذه المنظمات الأممية أو ” الإنسانية ” بل نلوم أكثر أنفسنا و نسأل أين الجامعة العربية من كلّ هذا الذي يحصل؟ و لماذا  خفت صوتها بهذه المناسبة. فهل لديها أيضا حساباتها مع دولة عربية اسمها الجمهورية العربية السورية؟ فلماذا لا تنتهز الفرصة و تدعو كل الدول العربية لكسر الحصار المفروض على سوريا منذ عقد من الزمن و تدعو بالتالي إلى إغاثة الشعب السوري الأبي و تغتنم جامعتنا أيضا المناسبة لتوحيد الصف العربي و إعادة سوريا إلى الحظيرة العربية؟ أ  ليس هذا دورها الأساسي الذي بعثت من أجله؟ و لماذا لا تتحرّك بعض الدول العربية عبر ديبلوماسية الكوارث في كلّ أنحاء العالم من أجل طي كل الخلافات بينها و بين سوريا و تعمل على إزالة كل العراقيل و المشاكل العالقة خاصة و أنّ سوريا تمدّ يدها إلى كل العالم حسب ما جاء على لسان بعض مسؤوليها؟ و  نقترح بالمناسبة على الجامعة العربية

 إمكانية إحداث تنسيقية لديها للتنسيق بينها و بين التنسيقيات الممكن إحداثها على مستوى كل دولة عربية من أجل تخفيف المعاناة على الشعب السوري خاصة في هذا الوقت العصيب الذي تعيشه سوريا و الشعب السوري؟ و هل في تخفيف الوجع على الشعب السوري مشكلة و بالتالي علينا انتظار رأي أمريكا التي تتحرك بهذه المناسبة لتثبيت الحصار على الشعب السوري حتى لا تصل المساعدات الانسانية إليه في ظل هذا الزلزال المدمر..

شكرا لبعض الدول العربية

شكرا لبعض الدول العربية التي سارعت بإرسال المساعدات إلى الشعب السوري على إثر هذه الكارثة الطبيعية على غرار تونس و الجزائر و مصر و العربية السعودية و الإمارات و غيرها و ذلك من أجل التخفيف من آلام الشعب العربي السوري و تعزيته في هذا المصاب الجلل و ندعو بالتالي بقية الدول العربية المؤمنة بوحدة الصف العربي أن تسارع بتقديم العون و المساعدة على كل المستويات اللوجستية و المادية و المالية و الطبية و البشرية حتى لا يشعر المواطن السوري بأنّه وحيدا يكابد مثل هذه الأوضاع القاسية.
وأيضا فرصة لندعو كل الشعوب العربية وكل المنظمات والمجتمع المدني من أجل إحداث تنسيقيات على مستوى الشعوب العربية لجمع التبرعات و المساعدات للشعب السوري ليتجاوز محنته في أقرب الأوقات.
كما ندعو كل إعلاميي الوطن العربي لتحسين المزاج العالمي تجاه سوريا دولة و شعبا حتى يعي كل العالم و كل الشعوب به ما تعانيه سوريا و شعبها منذ ما يزيد عن 12 سنة من الحصار الجائر فضلا عن الهجمة الإرهابية التي كادت أن تنهي وجود الدولة السورية..؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى