صالون الصريح

نوفل سلامة يكتب: عملية عسكرية نوعية…كيف باغتت ‘حماس’ اسرائيل وكتبت تاريخا جديدا

slama
كتب: نوفل سلامة

6 أكتوبر 1967 و7 أكتوبر 2023 تاريخان متشابهان لحدثين يجمع بينهما خيط رابط متين في مسار تاريخي واحد وهو مواصلة الصراع العربي الإسرائيلي من أجل استرداد الأرض الفلسطينية المحتلة وإرجاع الحق لأصحاب الحق المغتصب من طرف الكيان المحتل و آلته الحربية الإسرائيلية والداعمين لها والمتحالفين معها من قوى الهيمنة والحيف العالمية…

ما فرض استعادة الذاكرة التاريخية واسترجاع أحداث حرب الأيام الست أو نكسة حزيران 67 كما درج على تسميتها في الأدبيات المصرية والتي دارت بين الجيش الإسرائيلي والجيوش العربية مجتمعة والمكونة من دولة مصر والعراق وسوريا و الأردن والتي انتهت بخيبة قاسمة للظهر لا تزال آثارها النفسية إلى اليوم مؤثرة بعد هزيمة العرب واحتلال منطقة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان وهي الحرب التي تكبد فيها العدو 800 قتيل فقط مقابل خسائر فادحة في صفوف الجيوش العربية التي فقدت حوالي 80 بالمائة من قدراتها الحربية وفتحت المجال لانطلاق عملية التهجير القسري للشعب الفلسطيني وبداية استراتيجية الاستيطان اليهودي لتغيير التركيبة السكانية للمنطقة وجعل العنصر اليهودي هو المتفوق فوق الأرض.

الهجوم المباغت

استعادة الذاكرة لتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي بعد مرور 56 سنة على حرب أكتوبر 1967 فرضه هذه المرة الهجوم المباغت والسريع الذي قامت به عناصر عسكرية من كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس الإسلامية والمسنودة بمقاتلين تابعين لحركة الجهاد الإسلامي المنضوين ضمن المقاومة الفلسطينية المسلحة وهي العملية العسكرية التي نقلت الصراع وحولت ميدان الحرب إلى الداخل اليهودي وإلى العمق الإسرائيلي حيث على خلاف كل الحروب السابقة التي دارت بين العرب والإسرائيليين والتي كانت المعارك فيها تقع دوما فوق الأراضي العربية فإنه لأول مرة يتم نقل الحرب مع الكيان الغاصب إلى داخل الحدود التي رسمها وإلى العمق الإسرائيلي والدخول إلى المستوطنات والبقاء بها و التحكم فيها لوقت طويل..
بعد أن كان في السابق الوصول إليها أو حتى الاقتراب منها مسألة من قبيل المستحيل مما باغت الجيش الاسرائيلي وادخله في حالة من الدهشة والارتباك والحيرة لمعرفة كيف حصلت هذه العملية العسكرية المباغتة التي اعتبرت إعلان حرب على إسرائيل وليست مجرد عملية فدائية عابرة كما كان يحصل في السابق؟

من ثلاث واجهات

وكيف حصل الإعداد والترتيب لهذه العملية وتوفير كل الوسائل والمعدات لها خاصة وأنها اعتمدت الهجوم من ثلاث واجهات برا وجوا وبحرا ؟ وكيف حصلت التسللات للقوات العسكرية الفلسطينية بكل هذه السرعة والسهولة من دون أن تتفطن إليها أجهزة الرقابة وهي تمتلك رابع قوة عسكرية في منطقة شرق الأوسط ولها جهاز استخباراتي من أقوى الأجهزة في العالم وتتوفر على منظومة رادارات متطورة جدا و مع ذلك لم تتفطن إليها مخابراتها ولم تقدر أجهزتها التكنولوجية أن تكشف العملية وتوقف تنفيذها.

بكل دقة ومعرفة

الذي أربك الكيان الغاصب وأدهش المطبعين معه هو في عدم التوصل إلى حد الآن إلى معرفة حقيقة ما جرى في هذا الهجوم العسكري المسلح الذي تم الإعداد له بكل دقة ومعرفة كيف لم تتفطن المخابرات الإسرائيلية إلى عملية الترتيب التي من المفروض أنها قد تطلب وقتا ؟ وكيف أن إسرائيل بكل قوتها العسكرية والإستخباراتية لم تتفطن لما حصل من تطور كبير في القدرة القتالية للفلسطينيين وكيف حصل الإنزال العسكري من دون أن تتفطن له الرادارات الإسرائيلية والذي تجاوز المدرعات الحربية وكيف حصل هذا الإختراق الجوي لمنظومة متكونة من تقنية عالية يمكنها أن تكشف أي اختراق جوي مهما كان نوعه؟
وكيف حصلت كل التسللات المسلحة التي حصلت للحدود الإسرائيلية والدخول بكل يسر الى المستوطنات اليهودية والسيطرة على مساحة واسعة من الأرض المغتصبة والصمود لوقت طويل في مواجهة مسلحة مفتوحة لوقت طويل.

أسئلة كثيرة

أسئلة كثيرة تطرحها اليوم الجهات السياسية والعسكرية في إسرائيل التي دخلت في حالة من الدهشة والذهول من طبيعة العملية التي حصلت وكانت نوعية، وهي تنّم على تطور كبير تحقق للمقاومة المسلحة أكدته المواجهة التي تدور على أرض الميدان تنم عن تحول نوعي في الصراع لم تشهده إسرائيل من قبل وحتى في حروبها مع الجيوش العربية مجتمعة.
المفيد الذي نخرج به من وراء هذه العملية العسكرية النوعية للمقاومة الفلسطينية فيما خلفته في الداخل الإسرائيلي من حالة الخوف والهلع في صفوف المستوطنين وحالة من التخبط والإرباك التي بات عليها قادة المؤسسة العسكرية الاسرائيلية و نقلته لنا وسائل الإعلام الاسرائيلية بكل وضوح في تصريحاتهم من ” أن إسرائيل عاشت لساعات طويلة ظروفا عصيبة وأن أياما صعبة أخرى تنتظرنا ”

تاريخ جديد

المفيد الذي نخرج به من هذه التطورات الأخيرة التي بالتأكيد سوف تكتب تاريخا جديدا للمقاومة الفلسطينية هو أنه إلى جانب النجاح العسكري الذي حققته في اختراق ما اعتبر قوة تقنية عسكرية ونجاحا آخر في قدرة الفلسطينيين على التشويش على شبكات رادار العدو بكل حرفية ومهنية وقدرة على التسلل إلى داخل الأراضي المحتلة والصمود لوقت طويل في القتال والمواجهة .. إلى جانب ذلك و يحسب للمقامة النجاح في الحرب النفسية والحرب الاعلامية من خلال ما نشره الإعلام العسكري للمقاومة من نشرات إخبارية ومقاطع فيديو عن سير المعركة الميدانية التي اعتمد عليها اليهود لمعرفة ما يحصل على أرض الميدان ما شكل إدانة كبيرة للدولة العبرية التي كانت غائبة إعلاميا ما أثر بصفة كبيرة على نفسية المستوطنين والمحتلين.

المفيد الحاصل في هذا التحول الذي يعرفه الصراع العربي الإسرائيلي في حجم الخسائر التي تكبدها العدو والتي بلغت لأول مرة أرقاما كبيرة تجاوزت كل الخسائر التي حصلت لإسرائيل في كل حروبها مع العرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى