مقامات رمضانية: خبز العيد

يكتبها: الأمين الشابي
استعد عم سعدون لعيد الفطر. جعله الله مباركا و سعيدا على كل دولة و قطر، وعلى كل أبناء فلسطين المحرومين من أبسط اسباب الحياة الكريمة بسب ظلم عدو – يمثل لكل الإنسانية اكبر خطر – و ظلم ذوي القربى و هذا هو الظلم الأكبر.
استعد لشراء الخبز الذي حرم منه العدو إخوتنا بفلسطين و تركهم جياعا بطونهم خاوية وزادهم على الحرمان قنابل عليهم تقطر.
خرج عم سعدون لشراء من اقرب مخبزة بعض قطع من الخبز، فوجد صفا طويلا و مئات تنتظر دورها من البشر. و لا ادري لماذا استحضر عم سعدون نفس صورة الفلسطيني و هو للخبز بدون أمل ينتظر. فهم لهم عدو شرس لا يرحم و قد قطع عنهم حتى الماء و لو قطر، و لكن من هو عدونا، هل هي تصرفاتنا بتأجيل كل ما سنبتغيه إلى آخر يوم قبل عيد الفطر؟
وهل بإمكان ركبتي تحمل جسدي الضخم و انا في الصف انتظر؟ و هو على تلك الحال إذ قدمت امرأة و تجاوزت الجميع و لم تأخذ دورها في الصف.
تساءل عم سعدون ما هذا التهور و ما هذا الصلف؟ فالمراة كانت و ما تزال تنادي بالمساواة فما بالها تتحدى الرجال و أصبحت الأولى في الصف؟ صمت عم سعدون و لم يتدخل لتقويم هذا السلوك ما دام الكل قد صمت و الخباز ساعدها عن الخروج عن الصف. و بعد عناء و تعب، جاء دوره فطلب من الخباز قطعتي باقات. اجابه الخباز وبعد طول انتظار في الصف، ليس لدينا الا خبز العيد.
فقال عم سعدون للخباز و هل للعيد خبز خاص؟ نعم اجابه الخباز و طلب منه ان لا يعطل غيره من الناس. فسأله بكم هذا خبز العيد يا ‘غفاص’؟ فقال له فقط بـ 3 دنانير يا فاقد الإحساس.
وهل لديكم ترخيص، سأله عم سعدون، لفرض مثل هذا النوع من الخبز على كل الناس؟ فاغتاض الخباز و حمى بينهما الوطيس و الأصوات بدأت تعلو بين صفوف المنتظرين من الناس. هذا يؤيد عم سعدون بلا حد. و هذا لا يرى في موقفه الا مضيعة للوقت و الربط و الشد. و ثالث غادر الصف و هو يشتم الجميع عن اختلاط الهزل بالجد. فالتفت عم سعدون لكل الحضور و كان كلهم من الرجال. اسمعوا و عوا، لا تشتروا من الخبز لا كيلو غرام و لا أرطال.
و غادروا المخبزة حالا و افرضوا على زوجاتكم ان يعدن لكم خبز بالبيت يكون شهيا و لا صفا طويلا مثل الحبال. و من حسن الصدف ان أيده الجميع و غادروا المخبزة، و هم يمنون النفس بخبز ايام زمان و لم يبق منهم أحد.
و بذاك سجل عم سعدون، ضد الخباز، أهدافا لا تحصى و لا تعد. و غير الوضع من التقليد إلى الأصل بعيدا عن الصف و الجزر و المد. و غادر عم سعدون مثلهم و هو يقول، آه لو نعود إلى اصلنا و فصلنا فالحضارة كاذبة، و كلها زيف و طال الزمن او قصر ستزول.