صالون الصريح

مصطفى الكيلاني ما هو بقاص ، وما هو بشاعر ، وما هو بناقد ، وما هو بروائي…

كتب فوزي الديماسي :

هو صعلوك أجناسي بامتياز ، وكاتب مارق ، ومبدع ثائر لا يؤمن بالحد والحدود ، جماع معارف هو، وقلم رحالة في الآفاق ، يضرب في أرض النثر والنظم ، واثق الخطوات يمشي في كل الاتجاهات متسكعا بحثا عن أناه المبدعة.

سباح ماهر في لجج الكتابة بأصنافها المختلفة هو ، لا يقر له قرار، ولا تقف له في دنيا التحبير على حال ، كاتب منشق ، منطلق ، لا يؤمن بآلهة الكتابة ، وسدنتها ، بل هو الكافر بنواميسها ، ومعابدها وعبدتها، دائم الترحال في رحابها ، مدجج بشك ديكارتي ، ومزدحم بكفر نيتشوي ، ومتلبس بضباب وجودي، على سفر يعيش بين أحضان الكلمات ، وفي مناكبها.
ما هو بقاص ، وما هو بشاعر ، وما هو بناقد ، وما هو بروائي ، وإنما هو هذا ، وذاك ، بل هو كل ذاك قد اجتمع في رجل واحد.
عشق الحفر في صخر الكلام ، وبرع فيه ، وتمثل هيدغار وشوبنهاور ، وسار على دربيهما بحثا وتنقيبا ونقدا ، وحلق بأدواته المعرفية خارج السرب ، فلم يكن نمطيا ، ولا كلاسيكيا ، بل ركب مخاطر التجديد والاكتشاف في الكتابة ، على مذهب “سندباد” الحكاية ، فاتخذ لنفسه طريقا وعرة ، كثيفة الضباب ، لا تمنح مفاتيحها كل حين .

سار على نهج هايدقار ، وتعلقت همته بالسؤال الأعظم / سؤال الماهية على طريقته ، وعاد إلى تنسيب المفاهيم والغوص في قيعانها طلبا للحظة البكر فيها ، فتلونت بحوثه وكتاباته على وقع خطاها بألوانها ، وتماهت معها حد الانصهار، والذوبان ، فكان إبداعه نقدا ونظما وكتابة لوحات يكتنفها غموض البحث عن اللحظة الأم، يحيط بها من كافة أقطارها.

سار على هذا الدرب الموغل في الظنة، والشك ،والحيرة، والسؤال، مؤمنا بأن ممارسة فعل الكتابة ذاته هو الطريق الملكية السالكة لإدراك جوهر هذا الفعل وللوقوف على حده وحدوده.وقد ألقى ذاك الزاد المفخخ بالظنة، وتلك الأدوات المدججة بإرادة إدراك اللحظة الوجودية البكر بظلالها على كتاباته شعرا ونثرا ونقدا.فكانت تمتح كلها من كون مفارق للكتابة المتبرجة ، وتنهل من مناخات ليست كالمناخات، وترسم الوجود بكلمات ليست كالكلمات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى