صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: وهم الكيان ودعم الأمريكان وتخاذل ‘العربان’ ومقاومة الشجعان

Amine Chebbi
كتب: الأمين الشابي

قالها أبو عبيدة ـ ذلك الملثم الذي ينتظر الجميع طلّته بما فيهم الأعداء ـ وذلك منذ مطلع الحرب الطاحنة بين المقاومة و الكيان الصهيوني، وذلك بالقول ” نحن في انتظاركم’…وبالفعل صدق فيما قال بل و أجزم هذا الملثم، على أنّ أرض فلسطين و تحديدا غزّة العزّة ستكون مقبرة للغزاة الصهاينة…

رغم الصورة التي يتّم تسويقها لقوّة هذا العدو الصهيوني وآلته الحربية التي لا تُقهر بل ونسجت مقولات أسطورية عن جيشها الذي لا يقهر، وحسب نفس الأبواق، فهي القوّة الأكبر و الأقدر في المنطقة العربية بل و حتى في العالم.

جيش اعتقد نفسه أسدا فاتضح أنه ثعلب

كعاداتهم، دأب الصهاينة على تضخيم صورة جبروتهم و تصوير كيانهم على أنّه القوة الضاربة التي لا تقهر، إلى درجة أنّ الكثير بالمنطقة أضحى يهابه ويخشاه. و ما تهافت بعض الدول العربية نحو التطبيع مع هذا الكيان الصهيوني، من مطلق تفادي شرّه و مهادنته و اتّقاء مكره بالنّظر إلى قوته الضاربة، إلاّ تكريس لهذا الخوف من هذا الكيان. و لكن هل بالفعل يتصف هذا الكيان عسكريا بكل تلك الأوصاف الخارقة و خاصة منها بكونه الجيش الذي لا يشق له غبارا؟ كلّ هذا فنّدته المقاومة، بالرغم مما يملكه من ترسانة حربية عسكرية و من الأعداد الكبرى من الجيوش؟
بل دعنا نقول بأنّه افتضح أمر هذا الكيان الذي اعتقد بأنّه أسد المنطقة فاتضح أنّه ثعلب لا غير؟
أيضا سقط قناع وهمه، بالرغم دعم الأمريكان لهذا الكيان و هرولة بعض العربان نحو التطبيع معه، واتّضح و أن كل ذلك لا يجدي نفعا أمام صلابة المقاومة، بل و أضحت كل تلك القوة في خبر كان، أمام استبسال المقاومة، في مواجهة هذه الآلة العسكرية وجبن الجيش الصهيوني.
وشتّان بين من يقاتل من أجل قضية و من يقاتل من أجل تثبيت نفسه كمستعمر؟ و من هذا المنطلق أسئلة نطرحها تباعا و مفادها، أولا انكشاف هذا الوهم الصهيوني الذي يعتقد و أنّه الأقوى؟
وثانيا، لماذا كل هذا الدعم اللا محدود لأمريكا له؟ و أيضا ما سرّ تخاذل، حتى لا نقول تواطؤ و صمت الدول العربية و الإسلامية، أمام ما يجري من قتل للفلسطينيين العزل بهذه الآلة الحربية الصهيو- أمريكية؟

وهم الكيان الصهيوني

حاليا يتبوأ الكيان الصهيوني المراتب المتقدمة عالميا بين الدول الأقوى عسكريا، حيث يتألف جيش هذا الكيان من 173 ألف جندي في الخدمة الفعلية و نحو 465 ألف كجنود احتياط، وتعد القوات الجوية لهذا الكيان من أكثر أسلحة الجو تقدما على مستوى العالم بفضل التكنولوجيا الفائقة التي تتمتع بها. حيث يمتلك هذا الكيان 595 طائرة حربية و 128 طائرة مروحية عسكرية و طائرات لتنفيذ المهام الخاصة و أخرى للشحن العسكري. هذا فضلا عن العدد الهائل من القنابل الذكية و أجهزة الاستشعار عن بعد، إفاضة إلى القدرات العسكرية البحرية و البرّية.
ولكن و بالرغم من كلّ هذه القدرات العسكرية، برّا و بحرا و جوّا، اتضح بالكاشف أمام النزال الذي يجري بين هذا الكيان و المقاومة الفلسطينية، و أنّه لا قيمة له في غياب الشجاعة و الرجولة و الإقدام و في غياب أيضا الاستراتيجيات و الخطط العسكرية الناجحة.
بل أضحى كلّ ذلك في عداد الوهم أمام صلابة المقاومة و شجاعتهم و اقدامهم و شتان بين من يدافع على قضية و بين ما يدافع لترسيخ قدمه كـ مستعمر لأرض غيره. و ما الخسائر التي يتكبّدها هذا الكيان على أكثر من صعيد ( رغم اخفائه للأرقام الحقيقية لهذه الخسائر ) – بشريا و معدات وآليات و انهزامية – في معركته مع المقاومة إلاّ دليل على وهم هذه القوّة في غياب ” القليب” و الشجاعة و الإيمان و ذلك بالرغم من الدعم اللامحدود الذي تقدمه له أمريكيا.

سرّ هذا الدعم الأمريكي اللا محدود للكيان

قد لا يدرك الكثير من المتابعين للسياسة الخارجية الأميركية أسباب دعم واشنطن الأعمى للكيان الصهيوني منذ نشأته قبل 75 سنة، وفي هذا المجال عرض الكثير من الخبراء والأكاديميين نظريات تحلل وتفسر لهذا الدعم النادر في خريطة العلاقات الدولية، ويرجع بعضهم ذلك إلى الترابط الديني بين الصهيونية والبروتستانتية، أو للتحالف القائم على المصالح الاستراتيجية بينهما، أو لدور اللوبي وجماعات اليهود الأميركيين. في التأثير على مسار الانتخابات الأمريكية.
كلّ هذه الأسباب صحيحة، بل نضيف أن هذا الكيان الصهيوني هو عبارة عن محطة متقدمة لرعاية المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط و العالم العربي عموما. ويعتبر الكيان الحارس الأمين لمصالح الولايات المتحدة بمنطقة الشرق الأوسط، دون أن ننسى أن هذا الكيان يعدّ أحد المناطق الهامة لتخزين الأسلحة الاستراتيجية لأمريكا.
يضاف إلى ذلك التسابق على النفوذ بين الشرق و الغرب على مستوى القارة الافريقية حيث يعمل هذا الكيان على عرقلة نفوذ الشرق بها وبكل السبل و ذلك لفائدة لأمريكا والغرب عموما.
وبالتالي كلّ هذه الدوافع تجعل الإدارة الأمريكية ـ بتفاوت في النسب بين الجمهوريين و الديمقراطيين ـ لا تتأخر على دعم الكيان الصهيوني. ولذلك لا عجب في أن يصرّح وزير خارجية أمريكا، حين حلّ بالكيان، بقوله أنا أتيت هنا كيهودي لا كوزير خارجية…

ما سرّ الصمت العربي و الإسلامي

مقابل هذا الدعم الغربي للكيان الصهيوني، يستفزنا، كشعوب عربية و إسلامية، غياب الدعم العربي والإسلامي التام للوقوف إلى جانب المقاومة الفلسطينية في حربها مع الكيان الصهيوني.
رغم الكلام الإنشائي الكثير الذي يصدر من هذه الدولة العربية أو تلك، بدليل وأنّ هذه الدول العربية لم تفعّل حتى قراراتها الصادرة عنها في القمة العربية الأخيرة وخاصة منها تقديم ما يستحقه أبناء غزة من الغذاء و الدواء و الماء و البنزين و غيرها من الضروريات عبر ممر رفح…
بل هذه الدول تجد نفسها عاجزة حتّى لتهديد المصالح الغربية و لو عبر الإشارة، أو بالكلام أو حتى التلميح بربط الإمدادات النفطية للغرب بإدخال المساعدات للفلسطينيين؟ بل ما لم يقله الجانب العربي مفاده، لا وقوف إلى جانب الفلسطينيين و تحديدا إلى جانب الغزاويين ما داموا في أحضان إيران التي تستعملهم لتحقيق مكاسب عبرهم مع الولايات المتحدة. و لكن ما لم تدركه هذه الدول العربية، و أنّها بصمتها ـ لو نجح هذا الكيان الصهيوني في تركيع المقاومة لا قدّر الله ـ فسيأتي الدور عليهم تباعا، على أساس وأنّ خطة هذا الكيان هو تحقيق حلمهم الأكبر وهدفهم والمتمثل في إسرائيل الكبرى من الماء إلى الماء، وبالتالي لا تتوقف مخططاتهم في حدود فلسطين. وقتها ليس أمام هذه الدول إلاّ الاستماع إلى كوكب الشرق و أغنية ” فات الميعاد “؟ أو ربما أغنية ” الأطلال »..

كلمة ختامية لأحرار العالم

كلمة أخيرة نوجهها إلى أحرار العالم، و لعلّ في مقدمتهم أولا، الفلسطينيون لنقول لهم و أنّ النصر سيكون نصيبكم في هذه المعركة رغم اختلال توازن القوى و بشائر هذا النّصر بدت واضحة وجليّة.
فقط المطلوب في المرحلة القادمة، بعد أن نفضتم الغبار على قضيتم بل وقضيتنا نحن الشعوب العربية و الإسلامية، أن توحدوا صفوفكم كفلسطينيين تحت مظلة واحدة و لا تتركوا لبعض الجهات المتاجرة بالقضية الفلسطينية على حساب الدماء الفلسطينية الزكية.
وثانيا، فبالنسبة لأحرار العالم خاصة الشعوب المتحفزة لنصرة الفلسطينيين و المتعاطفين معهم، ندعوهم لمواصلة حراكهم قصد الضغط على الحكومات، التي تخلّت عن كل القيم الإنسانية و الكونية لتأسيس عالم متوحش يقوم على قوّة السلاح و العربدة الفكرية و نقول لهم واصلوا حراكم و بينكم و بين هؤلاء الحكام صناديق الاقتراع.
وثالثا نقول لبعض الدول، التي كان صوتها عاليا لفضح جرائم الكيان الصهيوني و شريكته الولايات المتحدة و عدم قبول بما يجري من تنكيل و قتل للفلسطينيين و هدم بيوتهم على رؤوسهم، ارفعوا أصواتكم أكثر فأكثر فالمستقبل لكم و لا للمجرمين عبر العالم، ونذكر هنا على سبيل الذكر لا الحصر دولتي اسبانيا و بلجيكا و غيرهما من الدول الأخرى. بل و نقول لهذه الدول و أنّكم كنتم أكثر عروبة من بعض الدول العربية التي خرست ألسنتها و خفتت أصواتها لمساندة ” قضية فلسطين ” وكم صدّعوا رؤوسنا بكونها قضيتهم الأولى و قضيتهم المركزية، بل وصل بهم الأمر إلى منع المسيرات الشعبية المؤيدة لفلسطين.؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى