صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: علي بن عبد العزيز مزيد

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

هذا الرجل الوطني المناضل له تاريخ، له في تاريخ تونس صفحات من هذا التاريخ…من منكم يذكر في تاريخ تونس ليلة 23 أوت 1946 ـ الموافقةً لليلة 27 رمضان 1365؟

ليلة القدر؟

من منكم يذكر ويتّذكر هذه الليلة التي سميت في تاريخ تونس (ليلة القدر)؟…من منكم طالع تاريخ تونس واطلع على الاجتماع السياسي الوطني الذي انعقد في دار محمد بن جراد، وتحت رئاسة القاضي التونسي العروسي الحداد وحضر فيه من التونسيين والتونسيات الذين مثلوا حزب الشيخ الثعالبي وحزب بورقيبة، والصادقيين والزيتونيين ومنظمات وجمعيات: نذكر منهم صالح بن يوسف، والمنجي سليم، وصالح فرحات، وأحمد بن ميلاد، والشيخ محمد الفاضل ابن عاشور…

ونذكر منهم نائبين عن صفاقس هما المحامي عبد الرحمان علولو، وعلي مزيد؟…في هذا الاجتماع اتفقت الأحزاب التونسية والجمعيات وكل الحاضرين على لائحة نادوا فيها لأول مرة بالاستقلال التام ولا للاستقلال الداخلي…

علي مزيد أم الهادي شاكر؟

في هذه الليلة التي عرفت في التاريخ بـ ليلة القدر، هجم على المجتمعين البوليس الفرنسي ففرّ من فرّ ومن بين من فر الهادي نويرة وبيده لائحة المؤتمر…وألقي القبض على عدد منهم، ومنهم الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور، وعبد الرحمان علولو وعلي مزيد، وُضعوا في السجن، وأقام بهم الشيخ ابن عاشور في السجن صلاة العيد…
لم يتم القبض على الهادي شاكر…ولكن تم القبض على علي مزيد الذي هو من حزب الثعالبي قال البعض من أنصار بورقيبة…هذا علي مزيد يشبه الهادي شاكر، لذلك أخطأ البوليس الفرنسي فقبض عليه…وقد رد هذه الدعوة من ردها والدكتور عبد الجليل بن عباس في كتابه الممتاز (الحركة الوطنية بجهة صفاقس) رد ذلك الزعم، وأثبت أن علي مزيد مناضل، والبوليس الفرنسي يعرفه وألقى عليه القبض قصدا…

تاريخ نضالي

من هنا ندخل إلى التاريخ النضالي لـ علي مزيد فنقول…كان من المعجبين بفكر الشيخ الثعالبي وخطبه، ولذلك انخرط في حزبه وناضل ضد الاستعمار الفرنسي، وسُجن مرتين، وداهم البوليس الفرنسي منزله، وأهان وأرعب زوجته…
بقي علي مزيد طول حياته مواليا لحزب الثعالبي، كما كان مواليا لحزب صالح بن يوسف…علي مزيد أبوه الرجل القارئ الفقيه…أبوه عبد العزيز الذي حجّ مرتين منهما مرة حج فيها على الإبل…وجه ولده عليا توجيها دينيا لذلك تعلم في جامع الزيتونة…وتعاطى التجارة في بيع القماش في دكان قريب من جامع سيدي الطباع…وأنجب عددا من الأولاد الذكور والإناث وهم منانة، ونعيمة، وحبيبة، وزكية، وآسيا، ومحسونةً، وعبد المجيد، ومحمد وعبد اللطيف، ونفيسة، والطيب، وعبد العزيز الذي بقي طيلة حياته يجاهر بالدعوة لفكر الشيخ الثعالبي…

لزم الفراش ثم ودع الدنيا

وأذكر أن عبد المجيد تخرج من جامع الزيتونةً وتولى الإشراف على مجلة الإذاعة التونسية…كل أولاد علي مزيد تعلموا ونجحوا في حياتهم وفي برهم لأبيهم، ولما كف بصره ولزم الفراش حل محله في الدكان ابنه عبد العزيز…وإني أشكر محمد مزيد والسيدة مزيد فقد وجدت منهما العون في التعريف بأبيهم…الذي لزم الفراش برعاية أولاده..ولما حان أجله ودع الدنيا راضيا، وودعه أولاده وأحفاده، وأحبابه وودعته صفاقس بالرحمة وحسن الذكر…
فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى