صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش بين صفاقس وتونس ثم ودع: الطيب الميلادي

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

هذا الذي عرفته صفاقس يوم ولدته أمه خديجة بنت الحاج حسين المكور من أبيه الحاج حسين الميلادي شهر حسونةً…هذا الطيب الميلادي الذي ولد بصفاقس في 10 جانفي 1906…وفي صغره توفيت أمه وتزوج أبوه زوجة أخرى رأى فيها زوجة الأب المتسلطة ولم ير فيها أمّه…

حتى لا ‘يتفرنس’…
هذا الذي دخل الزاوية وفيها تعلم الكتابة والقراءةً…ثم دخل المدرسة القرآنية التهذيبية وفيها حفظ القرآن وعمره عشر سنوات…لكنه حُرم من تعلم اللغة الفرنسية لأن والده كان يفرض عليه الخروج في حصة اللغة الفرنسية حتى لا ‘يتفرنس’ ويكفر…

هذا الطيب الميلادي خرج من المدرسة ودخل الجامع الكبير بصفاقس يتلقى دروسا في النحو والصرف والفقه والتوحيد على مدرسين يذكر منهم…الإمام محمد السلامي والشيخ بوعصيدةً، ومعه من التلاميذ شقيقه محمد الميلادي والطاهر دربال، والبشير الفراتي…

مع بورقيبة

صاحبنا يسافر لتونس العاصمة، وينضم إلى التعليم الزيتوني بجامع الزيتونةً، وكان في السكنى يكتري مع بعض الطلبة الصفاقسيين دارا، وقد اكترى في فترة دارا بنهج القرشاني مع علي السلامي، ومحمد السلامي، وطالب صادقي صفاقسي صديق الطالب الحبيب بورقيبة لذلك كان الحبيب يزورهم…

وفي هذا يذكر المرحوم عمي علي السلامي أن الحوار يدور أحيانا بين الطلبة في هذه الدار حول العقيدة فكان بورقيبة ينفي الإيمان باليوم الآخر والحساب والجزاء ويقول (أرحام تدفع وأرض تبلع، وانتهى)…
وقد أكد هذه العقيدة في بورقيبة وزيره للخارجية المناضل المرحوم محمد المصمودي في حوار تلفزي…

دخل المحاماة

صاحبنا الطيب الميلادي يفوز من التعليم الزيتوني بشهادة التطويع، وبها يدخل مدرسة الحقوق، ويفوز بالشهادة التي تفتح في وجهه باب المحاماة…صاحبنا بشهادته يكون وكيلا شرعيا بداية من سنة 1930، صاحبنا يصبح ويمسي محاميا له حق الدفاع في كل المحاكم التونسية لما قرر الرئيس بورقيبة توحيد القضاء…
صاحبنا لم يتحمل مسؤوليات سياسية حزبية ولكنه كان مواطنا صالحا يدافع عن الحق، ويتفانى في مرافعاته بحثا عن العدل…أدى دوره بصدق وإخلاص في دعم منظمة الدفاع عن المكفوفين…ورافع في القضايا التي رُفعت ضد المناضلين والنقابيين…
صاحبنا الطيب الميلادي انتخبه المحامون في فترة عميدا للمحامين..وبعد خمس وستين سنة صرفها من عمره تقاعد عن المحاماة، وذلك سنة 1995….

ساعد النقابيين والمتربصين

هذا الطيب الميلادي اختار في شبابه الزوجة التي تؤنسه، وتبادله المودة والرحمة فكانت السيدة الفاضلة (زينب الغرياني) معه في مسيرة حياته….هذا الطيب الميلادي الصفاقسي المولد الذي فتح مكتبه في المحاماة بتونس العاصمة كان يفتح مكتبه للمحامين المتربصين من صفاقس وغيرها، ويفتح مكتبه للقضايا الوطنية التي تنطلق من صفاقس أو من غيرها…

ودع الدنيا

هذا الصفاقسي الزيتوني المحامي العميد المتقاعد باح بذكرياته للإعلامي الكبير محمد المي، فجُمعت في كتاب في مطالعته متعة…
هذا الإنسان الذي ولد بصفاقس في 10 جانفي 1906، جاء أجله في 17 أوت سنة 2000، فودع الدنيا وودعه أهله وأحبابه والعارفون المقدرون رسالته وكفاءته بالرحمة وحسن الذكر فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفةً وفهما…وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى