فنون

في بنزرت: ‘عشاڤ الدنيا’…ليلة والمزود خدّام مع آل بوشناق… (صور)

كانت بالفعل ” ليلة و المزود خدام ” و كيف لآلة النفخ الشعبية “المزود” أن يكون لها هذا المفعول السحري وتجلب جمهورا تجاوز المتوقع (أكثر من 12 ألف متفرج) حيث لا تجد مكانا شاغرا سواء بالمنصة الشرفية أو الكراسي أو بالمدارج، بل تذاكر الدخول نفذت قبل أيام من السهرة….

وبالتالي تحركت السوق السوداء والمضاربة لتصل ثمن التذكرة إلى 50 دينارا حسب بعض مصادرنا، والسؤال هل كلّ هذا الحضور بمفعول ” المزود ” أم يخفي وراءه سببا آخر؟

1

لنقول مباشرة أنّ اسم الكبير لطفي بوشناق، هو في الحقيقة، وراء كلّ هذا النجاح الجماهيري المنقطع النظير ومن كلّ الشرائح العمرية ومن كلّ جهات الجمهورية حلّت الجماهير ضيوفا مبجلين على مسرح الهواء الطلق حافظ عيسى ببنزرت ليلة الأحد 13 أوت 2023، لتنعم بسهرة و لا كلّ السهرات، و الذي تزامن مع عيد المرأة.

سهرة التصالح مع الفن الشعبي

لن نجانب الصواب إن قلنا و أن عرض ” عشاق الدنيا ” هو سهرة التصالح مع الفن الشعبي و ردّ الاعتبار لهذا الفن الذي و للحقيقة ” يشمئز منه الكثير في ما مضى ” لما ألصق به من تهم و صفات لا ترقى للحقيقة ـ فكانت هذه السهرة بالفعل هي سهرة التصالح و ردّ الاعتبار لهذا اللون العريق من الفن الشعبي بل هي أيضا سهرة التصالح مع الماضي.

3

نعم في باب التصالح مع هذا اللون من الفن، أدى للحضور بابا الهادي ” ناري على الزينة ما جاتش اليوم ” ثمّ اعتلى الركح صالح الفرزيط و ” فرزت ” أحلى أغانيه و منها ” قالولي روح براني يا ” و ” ارضي علينا يا لوميما رانا موضامين” لينزل بعد ذلك الكبير لطفي بوشناق – و هو يرتدي الدنقري و الشاشية – و يتحف الجمهور – الذي استقبله بحرارة و تصفيق و فرح – ” كيف شبحت خيالك ” حيث تحرّرت معها الأجساد و الحناجر و الأيادي من كلّ القيود و أصبحت هادرة كالبحر، ليضيف بوشناق ” مزال صغير ” فيهيج الجمهور مجددا و ليضف أغنية ” يا نوار اللوز ” .
وبدون أن ننسى الحبيب الشنكاوي و مصطفى الدلاجي في ( على الجبين عصابة، و برّا فوت، و جيب الواد الواد و ها الهربة ” و فين يبيعو فيك، و الوردة اللي نحكي عليها ” و ذلك تكريما لروح فقيدة الفن الشعبي فاطمة بوساحة، و هشام سلام الذي غنّى ” نجوم الليل الضواية و يا مزيانة ” و عبد الوهاب الحناشي في ” محبوبي مثلتك شجرة و يا ناس ما تلوموا قلبي ” و المتميز ” كافون ” الذي أدّى ” جيت نعوم الموج قلبني و الصبابة ولو باندية ” بل ما يحسب أيضا لمخرج السهرة عبد الحميد بوشناق هو ادماجة لبعض الممثلين المسرحيين ليجعل منهم صلة ربط بين فقرة الفنان و الفنان الآخر بطريقة ترجع بنا إلى أجواء ‘الكافي شانطة’ في الزمن السابق و قصص الحب التي تحاك بين هذه و ذاك عبر تعبيرات تؤرخ لتلك الحقبة من تاريخ تونس بل أفلح عبد الحميد بوشناق أيضا في جعل الممثل المسرحي يؤدي بعض الأغاني الشعبية على غرار الشاذلي العرفاوي و ذلك في ” ناري على الزينة ” و كذلك الممثل المسرحي محمود السعيدي الذي أدّى ” بجاه الله يا حب اسمعني ” و ” أم الزين الجمالية ” فضلا عن ديو الأغاني المختلفة بين نجوى و بابا الهادي.

نعم يمكن القول و أنّه ليس من السهل عرض بعض اللقطات من نجاحات التلفزة فيما مضى و عرضها على الجمهور العريض في عرض فن شعبي بالأساس و ذلك عبر الشاشات العملاقة حيث ذكرنا بعرض النوبة و بالموسيقى التصويرية لمسلسل رأفت الهجان و صور الراحل نجيب الخطاب و بعض فقرات من ” النوبة ” و بأسماء عرفها الجمهور العريض في المسلسات التونسية على غرار ” البرنقا ” و سنقرا ” و ” عتبة ” و ” بيوضي ” و ” الفرّ ” و ” القلص ” و غيرها من الأسماء.

لا يخلو أي عمل فنّي من النقد الموضوعي

نعم حقّق عرض ” عشاق الدنيا ” نجاحا جماهيريا منقطع النظير، مقارنة مع كلّ العروض التي سبقته في اطار هذه الدورة 40 لمهرجان بنزرت الدولي، و لكن نسأل و بكلّ نزاهة لو لا وجود اسم الفنان الكبير لطفي بوشناق، هل كان لهذا العرض أن يحقق ذلك النجاح الجماهيري؟
كما لا يفوتنا أن نلقي بعض العتاب لابننا عبد الحميد بوشناق، الذي لم يتمكن، حسب رأيي، من استغلال الفضاء بأكثر تنظيم وبأكثر توزيع لكل من جاء دوره لاعتلاء الركح. و بصراحة كانت بعض الفوضى على الركح و الاكتظاظ تسيطر على جلّ ردهات العرض؟

4

هذا أوّلا، و ثانيا ما جلب انتباهي شخصيا – و أنا أتابع تصرفات الجماهير الحاضرة، هو فكّ الرباط و الحبال كلّيا و تكسير كلّ الحواجز و تجاوز كل المحاذير و بالتالي تحرير الجسد و الحناجر فضلا عن المشاكسات و عدم احترام الآخر الذي دفع مبالغ هامة لينعم بسهرة رائقة ليجد نفسه أمامه حواجز من الأجساد البشرية المتحركة يمنة و يسرة تفرض عليه إلاّ أن ” ينعم ” حجب عليه كلّ منفذ لمشاهدة العرض و أيضا ” لينعم ” باستنشاق ما طاب من ” العطور الزكية ” نتيجة لعدم هدوء الأجساد، إلى درجة كانت بجانبي أحد المختصات في الطب النفسي التي صرّحت لي و أنّ لو كان الأمر في متناولها لأحالت الكلّ بعد العرض على فحص نفسي معمّق لأنّ ما شاهدته لا يعكس إلاّ أمراضا نفسية مستفحلة.

5

كلمة أخيرة

الشكر الموصول لطواقمنا الأمنية وإطارات وأعوان الحماية المدنية التي أمنت هذا العرض رغم العدد الكبير للجمهور و لكلّ من كان وراء نجاح هذا الحفل على المستوى التنظيمي.

مواكبة: الأمين الشابي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى