صالون الصريح

عيسى البكوش يكتب: مئوية الدكتور محمود بالناصر (1924/1996) أحد روّاد طب القلب…

issa bakouche
كتب: عيسى البكوش

تمرّ هذه السنة مائة عام على رحيل الدكتور محمود بالناصر أحد روّاد طب القلب في تونس وفي الخارج إذ أنه ولد في الثامن عشر من شهر جويلية من سنة 1924 بڤفصة، هاته المدينة الفيحاء التي ترأس بلديتها لفترة من الزمن (من عام 1969 إلى عام 1972)..

وأني أذكر في هذا الصدد بأن زميلين آخرين له تحمّلا أمانة مدينتيهما وهما الدكتور محمود الغرياني في منوبة ونزيهة مزهود في مقرين، كما تحمّل عديد من تلامذته في نفس الاختصاص مسؤوليات جسيمة كمثل المرحوم علي بوسنينة والصديقين رضا كشريد ورشيد مشماش.
لقد درس الفقيد في المدرسة الصادقية بعد أن أنهى المرحلة الابتدائية في موطنه ثم أحرز على شهادة الباكالوريا من معهد ‘كرنو’ واتجه بعد ذلك بداية إلى شعبة الآداب ثم إلى الطب ولعلهما تتكاملان عند كثير من علمائنا عبر التاريخ.
لقد سأل ذات مرّة الصديق محمد علي بلحولة الدكتور بالناصر عند إعداده لكتابه المرجع “الطب التونسي”

ما رأيك في قول الشاعر :
“دقات قلب المرء قائلة له :
إنّ الحياة دقائق وثوان”

فأجاب مبتسما : كثيرة هي أقوال الشعراء في القلب خيالهم واسع في هذا الباب.
والأصل أنّ الأحاسيس والمشاعر مركزها المخ ـ لا القلب ـ وهو خطأ شائع.
وعلى كلّ فالشعراء قريبون فيما ينظمون من عمل الأطباء لأنك تراهم يبحثون في قصائدهم عن الدواء الشافي لداء الحب.
مثلهم في ذلك مثل الطبيب الذي يبحث عند مريضه ويسعى لتشخيص الداء وتقديم الدواء” (ص 346).

كان لطيفا ونصوحا

لقد كان الدكتور بالناصر بشهادة كل العاملين معه قريبا من مرضاه لطيفا بهم ولقد آل على نفسه أن يكون نصوحا بفضل البرامج التوعويّة من خلال المذياع والتلفزة، مرشدا من خلال تنظيمه لكمّ هائل من الملتقيات والقوافل الصحية، كما أنه بعث جمعية للتكوين الطبي المستمر لكي يتمكن تلاميذه من تجويد معلوماتهم في مراكز عملهم.
كما أنه ترأّس الجمعية التونسية للعلوم الطبيّة سنة 1972 وعُرف على النطاقين المحلي والدولي بغزارة إنتاجه العلمي ممّا بوّأه مكانة أكاديمية مرموقة إلى جانب انخراطه منذ البدء في مجموعة المدرّسين بكلية الطب بتونس…

كان بحقّ رائدا

إلى جانب ذلك فلقد تسلم مقاليد قسم طب القلب المحدث بمستشفى شارل نيكول سنة 1960 أربع سنوات بعد تحصله على اختصاص طب القلب من كلية باريس.
كان يجيد التحدّث باللغتين العربية والفرنسية وكان كلامه من جنس السهل الممتنع وهو الأرستقراطي الشكل وصاحب القدّ الفارع حتى أنّك تتخيله من سلالة الأمراء.
كان بحقّ رائدا من روّاد طبّ القلب إلى جانب زملائه عبد المجيد شراد وأحمد الكعبي ومحمد بن إسماعيل وآخرين.
انتقل إلى جوار ربّه يوم 25 ديسمبر 1996 مأسوفا عليه، جازاه الله خيرا فيما بذله في خدمة العباد والبلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى