الصريح الثقافي

جديد الدكتور حفناوي عمايرية.. ‘أزجال الوليّ الشيخ أحمد بن عروس’ بين تونس ومصر

صَدَر حديثا عن دار الشنفرى للنشر في تونس في سلسلة “تبْر التراث” كتاب جديد للباحث التونسي المختص في تاريخ الأفكار والأنتربولوجيا الثقافية الدكتور “حفناوي عمايرية” بعنوان “أزجال الوليّ الشيخ أحمد بن عروس بين تونس ومصر”، بغلاف للفنان السوري “رامي شَعْبو”.

جاء الكتاب في مائة صفحة قياس 11/18سم، وضمّ بعد المقدمة دراسة من فصلين الأولى بعنوان “الشيخ أحمد بن عروس المتصوّف” والثانية بعنوان”زَجَل أحمد بن عروس” تلتهما ثلاثة فصول ضمت مخطوطات أزجال الوليّ الشيخ، هي على التوالي: مخطوط تونس، مخطوط باريس، مطبوع القاهرة (قال ابن عروس).

والكتاب متوفر في مكتبات العاصمة التونسية (مكتبة المعرفة – ساحة برشلونة، مكتبة العيون الصافية – خلف وزارة المرأة، ومكتبة الكتاب – شارع الحبيب بورقيبة) بثمن 12دينار تونسي للنسخة الواحدة.

ونقتطف هنا من الكتاب مقدمته:

“من المعلوم أنّ المأثورات القولية الشعبية يتمّ تناولها وانتقالها مشافهة فتتداولها الجماعات والأجيال مع شيء من الإضافة والتعديل من قِبَلِ الرواة والمتقبِّلين. وقد يحدث استثناء لهذه القاعدة فيتمّ توثيق التراث الشفوي كتابيا حرصا من الجماعة على تملّكه والحيلولة دون تلاشيه وصَوْناً لنفاسته وإجلاله. وهذا ما نصادفه في المدوّنة المنسوبة إلى الشيخ أحمد بن عروس من صلحاء القرن الخامس عشر. حيث تتداخل المعتقدات الشعبية المتصلة بالولي وكراماته مع رصيد محترم من الأدب الشعبي في شكل أزجال رائقة ما فتئت الأجيال تنشدها وتطرب لسماعها.

إذاً، يهدف هذا العمل إلى أن يكون مقاربة لتناول التراث الشعبي وعرضه من خلال توثيق جانب مهمّ منه وهو الزجل، ذلك النوع من الإبداع الشعري الذي يتوسّل بلغة عربية قريبة من الفصحى ومن الدارجة في الآن ذاته.

يتناول التوثيق مدوّنة أزجال تُنسَب إلى الشيخ الوليّ أحمد بن عروس، وهو من أبناء تونس، عاش في القرن الخامس عشر. لئن كان من الثابت أنّ ابن عروس شاعر زجّال أضف إلى كونه مرجعاً صوفيّاً فإنّ الأشعار المنسوبة إليه المنتشرة في الشمال الأفريقي ومصر على أقلّ تقدير يظلّ بعضُها وقد يكون جُلّها محلّ شكّ في نسبتها إليه، ومَرَدُّ ذلك طبيعة التراث الشعبي المنقول شفوياً الخاضع للزيادة والنّقصان حسب تنوّع ذاكرة الرُّواة وتعدُّد البيئات الجغرافيّة وتعاقُب الأجيال عبْر العصور. لكن ما يشدّ الانتباه في هذا الصدد هو وضوح المقاصد المُعَبَّر عنها من ابتهالات صوفية وقِيَم أخلاقيّة وحِكَم اجتماعيّة تُشكّل مُؤتلِفةً أهمّ مُكَوِّنات الوجدان الشعبي العربي وقد صِيغَ في قوالب شعريّة رائقة.

اشتمل هذا العمل على تحقيق مخطوطات نادرة مع مقارنتها ببعض النصوص المنشورة في مصر حيث يُحتَفى بأقوال ابن عروس، وذلك بعد التعريف بالزجل وبالولي وتأثيره في تونس وخارجها.

وإذا كان هذا البحث يتناول في البداية ظاهرة الولاية كما جسّمها الشيخ أحمد بن عروس لتخلص إلى توثيق مخطوطتين منسوبتين إليه من تونس ومن مصر مع مقابلتهما بديوان صغير مطبوع بمصر، فإنّ ممّالا شك فيه أنّ المخطوط التونسي هو الأقرب إلى ابن عروس لاعتبارات أهمّها أنّه يذكر اسمه (أحمد فارس الخيل) ولقبه (ابن العروسي) ضمن أشعاره وذلك يقوم بمثابة التوقيع. أضف إلى ذلك خروج الشاعر في كلامه عن المألوف بأن يتحدّى نواميس الطّبيعة بإظهار قدراته الخارقة مثل قوله : ألبس عمامة من الماء ونشدها شد مايل ونلبس من الثلج برنوس إذا حمت في القوايل، وتتفق المخطوطتان والديوان المطبوع في حسن الصياغة وفيما تضمّنه المضمون من إشادة بالمثل الأخلاقية والتشهير بالرذائل الاجتماعية مثل الظلم والنفاق وسوء تقدير العواقب وذلك ما جعلها قريبة من وجدان الناس يردّدونها كأمثال سائرة.

إنّ ما يُميِّز هذا النوع من التراث هو استمرار فعْلِه وتقبُّلِه على نطاق واسع رغم تغيُّر الظروف العامّة وهذا يستوجب جمعه ودراسته، فمن خلاله يُمكِن الكشْف عن ملامح الشخصيّة القاعديّة للإنسان في مجتمعاتنا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى