الأمين الشابي يكتب/ ونحن على عتبة 7 أكتوبر: هل مسحت إسرائيل بإجرامها عار هذا التاريخ؟

كتب: الأمين الشابي
حتّى نبتعد على السفسطة والكلام الكبير، نقول منذ البداية وأنّ اسرائيل اتخذت من حادثة 7 أكتوبر ذريعة، طالما انتظرتها للرجوع إلى فكرة مشروع الشرق الأوسط الكبير وبالتالي استعادة تشكيل المنطقة من جديد لتحقيق الأهداف البعيدة للكيان ومن وراءه من دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الرسمية…
هذا ما يحاول الكيان اخفاءه منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023 وادّعاءه أنّه ضحية هذا الاعتداء، بل ذلك ليس، كما أسلفنا، إلاّ الذريعة والفرصة المواتية لتحقيق ذلك الحلم والهدف الخفي. إن قلنا مثل هذا الكلام، فلا ندّعي أننا نملك الحقيقة كاملة…
الهدف الأكبر
ولكن تحمّل الكيان بكل ما لحقه منذ ذلك التاريخ، ليس من باب الصدفة بل من أجل تحقيق الهدف الأكبر؟ والسؤال الأهم هل فعلا يريد الكيان مسح عار ما لحقه يوم 7 أكتوبر 2023 أم هي ذريعة فقط لتحقيق ما هو أهم وأكبر؟ وهل هجوم 7 أكتوبر أفسد مشروع الشرق الأوسط الجديد؟
وهل كشفت هشاشة هذا الكيان بالرغم من كلّ ما لحق فلسطين ولبنان من اعتداءات وانتهاكات؟ أم في المحصلة غرق الكيان في رمال غزة وتضاريس لبنان وصمود المقاومة وداست نعال المقاومة الحلم الصهيوني في إحداث شرق أوسط جديد؟
مشروع الشرق الأوسط الجديد
الكلّ يتحدث عن الصراع في غزة وفي فلسطين وحتى حاليا في لبنان – ولن نقول الصراع العربي الاسرائيلي، من زاوية هجوم السابع من أكتوبر 2023 و لكن دون الولوج في العمق والأهداف الحقيقية و الخفيّة، لكلّ هذا الصراع الدائرة رحاه في الشرق الأوسط عموما، بما فيه صمت بعض الدول العربية ووقوف البعض الآخر مع الكيان في السرّ والعلن.
فالشرق الأوسط الكبير التي تخطط إسرائيل بمباركة أمريكية لإنجازه في منطقة الشرق الأوسط هو الهدف الأسمى الذي تسعى إلى تحقيقه إسرائيل بمباركة أمريكية. و”الشرق الأوسط الجديد” ليس إلاّ كيانا جغرافيا جديدا تكون اليد الطويلة فيه للكيان الصهيوني ويكون متوافقا مع أيديولوجية وأهداف ومصالح الكيان.
مباركة أمريكية
بل نضيف وأنّ هذه المخططات لإحداث هذا الشرق الأوسط الجديد هو بمباركة أمريكية والراعية الأولى لها، وقد انطلق تجسيد ذلك تحت غطاء ما يسمى بـ ” اتفاقيات السلام ” وما اتفاقيات ‘كامب ديفيد” عام 1979 واتفاقية ” أوسلو “عام 1993 واتفاقية ” وادي عربة ” عام 1994 إلاّ جزء من تنفيذ مخطط إنشاء “شرق أوسط جديد”. وهو ما يعتبر بديلا لخارطة العشرينات التي بدأتها بريطانيا وفرنسا، لزرع هذا الكيان الصهيوني بالمنطقة. ولعلّه وبعد موجة “اتفاقيات السلام” وصل الكيان بدفع من الإدارة الأمريكية إلى عمليات تطبيع مع بعض الدول العربية على غرار “الإمارات” و “المغرب” و “مصر” و “الأردن” وغيرها.
وأخطر ما في احداث هذا “الشرق الأوسط الجديد” هو أنّه بني على هدف اقصاء القوّة العربية في المنطقة بكل محاملها الإيديولوجية والثقافية والسياسية والحضارية والعقائدية والاقتصادية والجغرافية. وذلك على أساس أيضا أن تكون إسرائيل هي القوّة المهيمنة بقيادة اسرائيلية ـ أمريكية.
مشروع الشرق الأوسط الجديد داسته أنعال المقاومة
المتتبع بعمق لما يحدث في منطقتنا العربية، وتحديدا بمنطقة الشرق الأوسط، يستشف نوايا الكيان الصهيوني من وراء استعماله للقوّة المفرطة تجاه الفلسطينيين أو اللبنانيين أو السوريين أو العراقيين أو اليمنيين أو الإيرانيين، وكل من كان مع محور المقاومة عموما.
فليس صحيحا وأنّ الكيان يبحث عن استرجاع قوّة الردع، فهو يمتلكها باعتبار ما يتوفر له من إمكانيات حربية وتكنولوجية متقدمة وما يحصل عليه من دعم بلا حدود من قبل الولايات المتحدة؟
والحال وقد جعل من قطاع غزة وبعض مدن الضفة الغربية خرابا فضلا عن القتل عن الهوية؟ ولا الكيان يبحث عن استرجاع من تمّ أسرهم لدى المقاومة.
فذلك لا يمثل قيمة كبيرة أمام الهدف الأكبر، بالرغم من تظاهر الحكومة الاسرائيلية، أمام عائلات من تمّ أسرهم، بالتباكي معهم على ما يعانيه أولئك الأسرى؟ وليس بالمهم أن يموت آلاف الجنود منهم؟ وليس مهما أيضا أن يعيش الاسرائيلي في الملاجئ خوفا من صواريخ المقاومة؟ وليس بالأهمية أن يتمّ قسرا تهجير الآلاف من الصهاينة إلى خارج المستوطنات والمستعمرات؟ وليس هاما أن يعيش الشعب الإسرائيلي منذ ما يقارب عن سنة تحت وطأة الخوف والرعب وعدم الطمأنينة؟ بل الأهم في كلّ هذا، ولو ضحت الحكومة الصهيونية، ومن ورائها أمريكا، بكل المواطنين الصهاينة، من المضي قدما نحو استغلال الفرصة – ويراها القادة الصهاينة مواتية – لتحقيق حلمهم الكبير من احداث ” الشرق الأوسط الكبير “؟ ومن هذا المنطلق يمكن القول وأنّ هذا الحلم في “شرق أوسط جديد” قد داسته إلى هذا اللحظة أنعال المقاومة و لكن السؤال هو هل بإمكان هجوم 7 أكتوبر من تعطيل هذا المشروع الذي يلهث وراءه بنو صهيون و الأمريكان؟
هجوم 7 أكتوبر عطّل المشروع؟
المهم أن نفهم الغايات والأهداف الحقيقية التي يلهث لتحقيقها هذا الأخطبوط، وهو باختصار شديد انجاز ما يسمى مشروع “الشرق الأوسط الجديد” وما يعنيه ذلك من مغانم وسيطرة، على كلّ المستويات، لهذا الكيان ومن وراءه خاصة ماما أمريكا.
وبالتالي كل هذا العنف المفرط من قبل نتنياهو، تجاه الفلسطينيين والمقاومة عموما، يفسر بما لا يدعو للشك، وأنّ جرأة حماس في يوم 7 أكتوبر 2023 ومساندتها المطلقة من قبل جبهة المقاومة و على رأسها حزب الله، أفسدت التخطيط الصهيوني لإنجاز حلم ” الشرق الأوسط الجديد”.
وعليه لا يتورع الكيان ومن ورائه الدول الداعمة له من محق كلّ من يحق في وجه تحقيق هذا المشروع. وهذا ما يفسّر الهمجية البربرية على لبنان وخاصة على قيادات حزب الله وقيادات حماس وكل التيارات المقاومة. بل نضيف، وأنّ الحكومة الاسرائيلية، لا تعبأ لا بمناشدات شعبها و لا بالقوانين الدولية، و لا بالمجتمع الدولي و لا بكل من يكون حجر عثرة أمام مشروعها، فهو سيدوسه كلّفها ذلك ما كلفها؟
وفي المحصلة، سيتعطّل مشروع “الشرق الأوسط الجديد” رغم حصيلة التضحيات الثقيلة من الجهتين (المقاومة واسرائيل)، ولعلّ عدم دخول كلّ من اللاعبين، الروسي والصيني والإيراني، في موازين هذه اللعبة، ستكون الورقة التي ستقلب كل الموازين بمنطقة الشرق الأوسط. وعليه نقول لا عزاء لبعض العربان -الذين راهنوا خوفا أو اقتناعا، والأقرب خوفا – من المطبعين والخونة الذين رجحوا كفّة الكيان…
بل نضيف وأنّ هؤلاء المطبعين سينقلبون على الحليف الصهيوني الذي بدا لهم وأنّ جيشه انهار أمام مجموعة صغيرة من المقاومة وبالتالي، تيقنوا وأنّ الكيان الصهيوني هو بالفعل أهون من خيوط العنكبوت كما وصفه الشهيد حسن نصر الله؟
مسك الختـــــــــــــام
“عش عزيزا أو مت و أنت كريم / بين طعن القنا و خفق البنود / وأطلب العزّ في لظى / و ودّع الذلّ و لو في جنان الخلود / قالها المتنبي فيما مضى و ها نحن نعيشها رغم مرارة الفراق لرجال قارعوا المستعمر وارتقوا شهداء من أجل قضايا الأمّة العربية و الإسلامية..