صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: اسرائيل تخاف السلم وتدمن الحرب… فخاطبتها المقاومة بما تفهم

chebbi
كتب: الأمين الشابي

من يقنعني بالحجة و الدليل بأنّ هذا الكيان الصهيوني، الذي زرعته بريطانيا في قلب الأراضي العربية منذ ما يزيد عن سبعة عقود، يبحث عن السلم مع العرب، أو على حلّ عادل يرضي كلّ الأطراف كما يقول ساستنا الأشاوس…

فالعرب حاولوا مع هذا المستعمر بكلّ السبل، من محادثات السلام والتنازلات بل و التنازل عن نصف الأرض الفلسطينية التاريخية على أساس حدود 1967 طبقا لقرارات الدولية كما يقول الرسميون، ولكن لا شيء يرضي هذا الكائن الغريب الذي استوطن في الجسم العربي إلاّ ابتلاع كلّ فلسطين حتّى لا نقول و أنّ مخططاته تشي بأبعد من ذلك؟

لذلك يبدو أنّ المقاومة الفلسطينية فهمت نفسية و طموح هذا العدو المتعطش للدماء الفلسطينية و خاطبته باللغة التي يفهم؟ ولكن بعض الأصوات العربية يبدو أنّها مازالت تغرّد خارج السرب بما فيها جامعتنا العربية ناسينا أنّنا في حالة حرب و في لحظة فارقة على درب تحرير فلسطين مع هذا العدو الغاصب و هذا الأخطبوط الذي يدعمه الغرب بكل ما لديها من ثقل عسكري ومالي، وفي مقدمتها الولايات المتحدة؟

المقاومة خاطبت الصهاينة باللغة التي يفهمها

الكل يعلم ويدرك مدى الظلم الذي تحمّله ومازال يتحمله الشعب الفلسطيني الأبيّ من قبل هذا العدو الصهيوني المتعطش للدماء الفلسطينية و العربية عموما، والذي تعج سجونه بما يزيد عن 6 آلاف معتقل، بينهم نساء و أطفال، فضلا عن الكم الهائل الذي قضى بآلة الغطرسة الصهيونية، وذلك منذ أن استوطن هذا العدو أرض فلسطين، فضلا عن الأعداد الكبيرة – وهي بالملايين – لمن تمّ تهجيرهم و الموزعين و المشتتين عبر العالم.
دون أن ننسى الحديث عن المستوطنات التي تنبت يوميا كالفقاقيع وأيضا الحصار الذي فرضه هذا المستعمر لما يزيد عن 20 سنة عن قطاع غزّة، وما يعنيه ذلك من معاناة يومية لكلّ أبناء فلسطين سواء في الضفة الغربية أو في القطاع. هكذا هي حياة الفلسطينيين تمرّ، بين القتل والسجن والحصار والحرمان من أبسط مقومات الحياة، دون أمل في انفراج الوضع….
وأمام شراسة هذا العدو وقمعه اليومي لكل فلسطيني، فاض الكأس، فكان يوم 7 أكتوبر 2023 يوما تاريخيا في النقلة النوعية للمقاومة التي صفعت العدو الصهيوني صفعة لم يتوقعها وأنهت أكاذيبه وصورته الناصعة بأنّه أقوى قوّة في المنطقة و الحارس الأمين لمصالح الغرب في الشرق الأوسط.

وشرب العدّو من نفس الكأس..

وعليه، أذاقت المقاومة نفس الكأس المرّة، مرارة الحنظل، لهذا العدو. كأس الشعور بالظلم، وكأس الموت، و كأس الخوف، و كأس الرعب، وكأس عدم الشعور بالطمأنينة، و كأس التيه، و كأس الدمار وكأس الغطرسة.
وحلّ الموت بينهم، و حلّ الرعب في قلوبهم، و حلّ الدمار بين ظهرانيهم، إلى أن تقطعت بهم السبل. عندها استفاق الغرب الداعم لهذا الأخطبوط الصهيوني على هول ما جرى. بل وكانت الصدمة هي القاسم المشترك لهذا الغرب الذي يعتمد ازدواجية المعايير وينظر للقضية الفلسطينية دائما من زاوية و وجهة النظر الصهيونية. فاستشاط غيضا و نعت المقاومة بالإرهاب.
وكأنّ ما كان يقترفه بنو صهيون لـمدة 7 عقود من الزمن في حق الفلسطينيين، من قتل و سحل و موت على الهوية و سجن و حصار، هو برد و سلام على قلوب هذا الغرب الفاجر. و لكن حين انقلبت الموازين و انقلبت الصورة، و أصبح الجندي الصهيوني أسيرا في أياد فلسطينية وجحافل المستوطنين رهائن وذاقوا من نفس كأس الذل و طعم الهزيمة و طعم الإهانة، أقام هذا الغرب الدنيا ولم يقعدها؟
لكلّ ذلك علت الأصوات و قرّرت حرمان الفلسطينيين من كل دعم بل و أصدر هذا الغرب ( أمريكا و إيطاليا و ألمانيا و بريطانيا و فرنسا) بيانا مشتركا للوقوف مع الصهاينة و دعمهم بكل الوسائل. و هنا أسأل أين كانت كل هذه الأصوات حين كان الفلسطيني ينكّل به يوميا و يتم الاعتداء على مقدساته و عرضه؟ و أين غاب هذا الغرب و جحافل المستوطنين تدوس و تدنس يوميا المقدسات؟ و أين كان هذا الغرب حين كانت الآلة العسكرية و جيشها يداهمون حرمات المنازل و يجرفون بناه التحتية و يقتلون و يهدمون و يعتدون على أملاك الفلسطينيين؟

ازدواجية المعايير؟

ألا يدّل هذا الموقف على ازدواجية المعايير، حيث يقف هذا الغرب مع الجلاد ضدّ الضحية؟ و لكن ما يحيّر العقول، للأسف موقف بعض العرب ( نخبة و ساسة ) ممّا يجري على الساحة الفلسطينية الآن من تبخيس إنجازات المقاومة و تقزيمها و محاولة تمرير هذا الموقف للرأي العام و لسواد الشعب العربي من أجل احباطه .و في هذا الإطار سنقدم موقفين – لا يقدّران هذه اللحظة التاريخية في حياة القضية الفلسطينية – و هما أوّلا للإعلامي المصري والنائب مصطفى بكري وثانيا لموقف الجامعة العربية التي سوّت بين الجلاد و الضحية؟

عذرا سيدي النائب مصطفى بكري

شخصيا لم استوعب و لم أفهم و لا يمكنني أن استوعب، ما تحدّث به النائب و الإعلامي مصطفى بكري من مصر الشقيقة الكبرى، حين أدلى برأيه على أحدى القنوات حول ” وجود سيناريو خطير خلال الأيام القادمة و ذلك في إشارة إلى بدء المخطط الذي يقوم على إنشاء دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل، مضيفا أن المخطط جاهز و تحرك الطائرات الأمريكية ليس صدفة و لا يمكن الاستهانة بما يجري و على أنّ البداية تجري الآن أمام أعيننا و العرب إن لم يتوحدوا على كلمة واحدة لن تقوم لهم قائمة. “.
وعليه أتفق مع الأستاذ مصطفى بكري فقط في دعوته لتوحيد الكلمة العربية و توحيد موقفهم،
ولكن ما لا أتفق معه هو نعمة التخويف والتقزيم لما أنجزته المقاومة و استدلاله على ذلك بوجود حاملات الطائرات في عرض البحر الأبيض المتوسط و كأنّي بأستاذنا مازال يعتبر و أن أمريكا و ربيبتها إسرائيل، تسيران كل العالم و على الجميع الاستكانة أمامهما؟
لا أستاذنا الجليل، في قراءة مخالفة، انتهى عصر الغطرسة الأمريكية والصهيونية أيضا ـ وذلك ببروز أقطاب أخرى لعلّها تتمثل في الدب الروسي و العملاق الصيني….
هذا فضلا عن الخبرة التي تراكمت لدى المقاومة الفلسطينية لتلقين درس لهذا الأخطبوط الصهيوني الذي تمّ تمريخ وجهه في الوحل من قبل عدد قليل من المقاومين الفلسطينيين و أسقطت في صفوفه ما يزيد عن 1300 قتيل و أسر المئات و تهجير المئات أيضا فضلا عن الدمار المادي التي ألحقته بالمباني بل شلّت حتى رحلات مطاره لساعات؟
فالمفروض يا سيدي النائب و الإعلامي تثمين إنجازات المقاومة و اعلاء شأنها؟ و عليكم أن تنظروا إلى الصهاينة كيف تنادوا من حدب و صوب و جلبوا ما يزيد 300 ألف متطوع لمؤازرة طغيانهم؟ أما خطاب التخويف فلا يزيد إلاّ من احباط العزائم..؟

هذا من ناحية، و من ناحية أخرى فهل الدول العربية و شعوبها ستهلل و تكبّر لهذا المخطط الصهيوني و تباركه و تبقى على حياد؟ فكيف تنظر إلى إمكانية إنشاء ” دولة إسرائيل الكبرى ” من الفرات إلى النيل؟ هل أنتم مقتنعون بهذا الزعم..؟ فشخصيا أرى في هذا الموقف وخاصة الآن ومهما كانت نواياهم الصادقة، فيه احباط و احتقار لكل دولنا العربية و شعوبها حتى لا نقول فيه استخفاف بالدول الإسلامية أيضا؟

الجامعة العربية ليتها صمتت وما تكلّمت..

تمنيت على جامعتنا العربية لو صمتت و ما تكلّمت و ما أصدرت بيانها؟ ذلك البيان الذي يسوّي بيت الجلاّد و الضحية؟ ذلك البيان المحبط لكل العزائم العربية و المقاومة الفلسطينية؟
وما موقف دول الشموخ و العزّة على غرار تونس و الجزائر و العراق و سوريا التي رفضت هذا البيان جملة و تفصيلا إلا انعكاس للموقف الهزيل لهذا البيان وانعكاس للضعف الذي عليه الجامعة العربية.
وهي مناسبة لنقول أن هذه الجامعة أصبحت لا تمثّل العرب و لا تجمع كلمتهم بقدر ما تقف مع أعداء العرب حتّى في محنهم؟ و أدعو بالمناسبة إلى إعادة النّظر في هذا المؤسسة حتى نصبح فعلا جامع لكل العرب لا زراعة لفرقتهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى