صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: الحصـــاد

chebbi
كتب: الأمين الشابي

صحيح، أن اليوم، يمرّ عام من الصمود الأسطوري، ويمرّ أيضا عام من الموت والدّمار. وعام كذلك من الخذلان والخيانة والتواطؤ، وعام من القتل والإبادة. وعام من الهدم والخراب. وعام من الوحشية والبربرية الاسرائيلية…

وعام من مناصرة الظلم والوقوف إلى جانب الجلاد. وعام من المساواة بين الضحية والجلاد، وعام من حرمان الإنسان من آدميته. وعام آخر من الاستعمار والاستبعاد والتجويع والحرمان حتى من أبسط ضروريات الحياة.

لا حراك ولا تحرّك

كلّ ذلك يحصل على مرآى ومسمع من كلّ العالم. كلّ ذلك يحدث ولا حراك ولا تحرّك. كل ذلك يحدث أمام اندهاش البعض، وصمت البعض، وتجاهل البعض، وشماتة البعض. كلّ ذلك يحدث، وكأن من يتم قصفهم ونسفهم هم من فصيلة الحيوانات، بل حتى بعض الحيوانات تحظى بقيمة وعناية أكثر ولها حظوة لدى بعض البشر.
هذه هي الإنجازات التي تبشرون بها العالم

إن كان كلّ ما يحدث في فلسطين ولبنان ترونها عدالة، فلا حاجة لنا بعدالتكم وعدلكم وحقوقكم وحريتكم ومساواتكم، فـ حياة الغاب أفضل من أن نعيش تحت جبروتكم وظلمكم واعتداءاتكم وهيمنتكم واستعماركم واستعبادكم.
وإن كانت هذه حضارتكم، فاتركونا نعيش ببدائية حتّى ننعم براحة البال ولا نشعر بالخوف والرعب. وإن كان تطويع علمكم وعصارة انجازاتكم من أجل قتلنا وترويعنا، دعونا نسبح في جهلنا، فهو أحفظ للإنسان. وإن كانت هذه هي أهدافكم، دعونا نعيش على سليقتنا، ولا خير فيكم وفي مخططاتكم الجهنمية القاتلة للعنصر البشري.

أي مصداقية؟

بالله عليكم عن أيّة مصداقية تتحدثون؟ ولأيّ حلّ عادل تروجون. وعن أي جدوى من كلامكم تسوّقون؟ هل تعلموا حصيلة اجرامكم إلى أين وصلت؟ دعونا نذكركم إن كنتم نسيتم، ونحن نعلم جيدا أنّكم تتناسون- فهي ولمدّة عام واحد كانت :
*استشهاد ما يزيد عن 41 ألف من الفلسطينيين أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ والمواطنين العزل. هذا فضلا عمن استشهد في لبنان واليمن وسوريا والعراق وغيرهم الدول العربية والإسلامية.
*استشهاد ما يزيد عن 170 صحفيا واعلاميا ومصور صحفي، وإصابة البعض منهم بجروح وإصابات عميقة. فضلا عن استشهاد العديد من الطواقم الطبية والدفاع المدني والمسعفين. زائد الآلاف من السجناء والمفقودين.
*هدم ما يزيد عن 90 بالمئة من البنايات في غزة لـ وحدها. ولم تسلم من ذلك لا البيوت ولا المدارس ولا المساجد والمصانع والمتاجر ولا الحقول وخزانات المياه ولا محطات الكهرباء والقائمة طويلة وأطول مما نتصور ونعتقد.
*لمدّة عام والمواطن الفلسطيني، يعيش بلا ماء ولا كهرباء، ولا دواء ولا بيت يحميه من فصل الشتاء وحرّ الصيف، ولا مستشفى يعالجه، ولا مدرسة تعلّم الأطفال، ولا لقمة عيش تحميه من الموت، ولا قطرة ماء تحييه، ولا نظافة ولا تنظيف ولا رعاية.
*لمدة عام يعيش المواطن الفلسطيني تحت وطأة الخوف والرعب وفقدان الدفء العائلي والتشرد وقلة الراحة وقلّة الطمأنينة وقلّة وعدم الاستقرار وهو لا يعلم في أي لحظة ستنزل عليه قنابلكم الذكية والغبية منها لقتله و إبادته.
*لمدة عام بل ولطول العمر سيعيش بعض أطفال فلسطين – وهم بالمئات – اليتم ويعانون مرارته وقسوة الفقدان والحرمان من دف الوالدين وحنانهم ودفء العائلة.

هذه هي حقيقتكم

والحقيقة قائمة “انجازاتكم ” لازالت طويلة وتتضمن العديد من المآسي في حق الفلسطينيين والعرب عموما، خاصة في السجون الصهيونية. ولكن الأهم وأن أفعالكم ستكون هي المرآة التي تعكس حقيقتكم. فأنتم استعماريون، وصعاليك وقطاع طرق وسرّاق ومعربدون ومصاصي دماء ومجرمون، ولكنكم جبناء. جبناء لأنّكم تختبؤون وراء مركباتكم العسكرية، ووراء طائراتكم الحربية، ووراء قنابلكم الذكية، ووراء خوذاتكم الحديدية، ووراء أسلحتكم الكيمياوية. جبناء لأنكم غير قادرين على مقارعة الرجال الأشاوس الذين يربكون كل يوم حسابتكم ويمحون مخططاتكم ويوقعون بينكم قتلى وجرحى ويدمرون مركباتكم التي تتحصنون بداخلها.
جبناء لأنّكم لا قضية لكم تدافعون عنها. جبناء لأنّكم لقطاء، لا أصل لكم، بل أنتم فسيفساء من العديد من الدول، ومن العديد من الملل، ومن العديد من الديانات، ومن العديد من الفضائح الجنسية. جبناء لأنّكم وأوغاد، لا إنسانية لكم وقيم لكم ولا مبادئ لكم، سوى القتل والاجرام والكذب والسطو.
الحقيقة الوحيدة التي يجب معرفتها أنّكم لا ولن تنالوا ما تخططون له للعالم العربي وتحديدا للشرق الأوسط ومهما كانت زبانيتكم والطابور الخامس الذي يعمل لمصلحتكم. فالأرض عندنا هي الشرف. فلا تستغربوا إن تصدت لك الرجال، بالرغم من قلّة ذات اليد والحصار وانخرام التوازن بينهم وبينهم، وأزاحت غشاوة الحلم الذي يتهيأ لكم. وتأكدوا – والأيام بيننا – أنّكم ستخرجون، من كلّ شبر من أرضنا وعرضنا، مندحرين ورؤوسكم بين أكتفاكم، يا من لا شرف لكم، وأيضا لا شرف لمن زرعكم في أرضنا لتكنوا مثل نبتة الحنظل المرّ.
سيتم حصادكم بل وقد بدأ بعد موسم الحصاد وأنتم لا تحصدون إلاّ الخزي والذّل والعار بين الدول بسبب أفعالكم الاجرامية وبسبب الغطرسة والعنجهية والاستكبار. والدمار الذي طالكم والقتل في صفوفكم وانهيار اقتصادكم وتعطيل مصالكم وإفساد مشاريعكم والإطاحة بكل مخططاتكم، لا تمثّل إلاّ دفعة على الحساب. والحساب سيظل مفتوحا إلى أن تعودوا من حيث جئتم؟

ثمّ ماذا بعد هذا؟

السؤال الذي لابدّ منه، بعد سنة كاملة من القتل والتشريد والتهجير والخراب والتنكيل والكذب والبهتان وأفعال الشيطان، ماذا حققتم من وراء ذلك؟ بل بعد أكثر من سبعة عقود من الاستعمار ماذا جنيتم؟ هل قضيتم على المقاومة، أينما كانت بفلسطين أو لبنان أو اليمن أو العراق أو سوريا؟ باستثناء بعض جرائم الاغتيال التي لا تعكس إلاّ عجزكم وخيبتكم وضعفكم وكفركم.
هل تمكنتم من إعادة احتلال قطاع غزة مجددا؟ هل حميتم شعبكم من صواريخ وراجمات ومسيرات المقاومة؟ هل حميتم مواطنيكم وهم كالجرذان يختبئون في الجحور؟ هل منعتم انهيار اقتصادكم؟ هل أوقفتم هبوط المقدرة الشرائية لشعبكم؟ هل استقر حال الشعب أم غادروا مساكنهم لأنهم لا يشعرون إلاّ بالخوف والرعب من صواريخ المقاومة؟ وهل وضع ولو حجر واحد في طريق انجاز ” مشروع الشرق الأوسط الجديد”.
والأهم من كل هذا، هل تمكنتم من إعادة أسراكم من لدى المقاومة؟ كل هذه الأسئلة لا تعكس إلاّ العجز الذي تسبحون فيه رغم العطاء السخي من قبل كل الغرب لكم وخاصة من ماما. فهل كل ذلك شفع لكم وجعل وضعكم مستقرا؟

هذا وعد الله لكم

مشكلتكم أنّكم مرضى بسرطان الاستعلاء والاستكبار والانتفاخ الخاوي في الأصل. وأنتم في الحقيقة، ينطبق عليكم المثل الشعبي الذي يقول ” النعجة تتفخر بليّة العلوش” والعلوش هنا هو أمريكا والغرب عموما والنعجة هي الكيان.
فلو جدلا ترفع أمريكا عليكم غطاءها الديبلوماسي والأمني والعسكري واللوجستي والاستخباراتي والاستعلامي وغيرها من المظلات التي تحميكم.
فوالله ستندثرون وسترجعون كما كنتم هائمين على وجه الأرض. والأكيد هذا هو وعد الله لكم، وإنّ الله لا يخلف الوعد؟ وبالتالي هل رجعتكم إلى رشدكم وعشتم كما كنتم بين العرب والمسلمين معززين ومكرمين وقد كان لكم ذلك؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى