صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: زلزال بالكيان الصهيوني على وزن ميزان المقاومة

chebbi
كتب: الأمين الشابي

غضب الطبيعة و غضب المقاومة..إن غضبت الطبيعة في أماكن متعددة و مختلفة عبر الزلازل التي تدكّ كلّ ما هو مستقر وثابت، فذلك تفاعل جيولوجي داخل بطن الأرض و داخل أعماق البحار و المحيطات و هو في النهاية قضاء و قدر كما يراه البعض من زاوية أخرى…

زلزال كبير

لكن أن تدّك المقاومة الفلسطينية الكيان الصهيوني الغاصب بزلزال في عمق أوكاره ومستوطناته و تخلّخل أوتاده و تبث الرعب في جحافل قطيع المستوطنين فتلك حكاية لا يفهمها إلاّ من ذاق مرارة القتل على الهوية، و مرارة ظلمات السجون، و مرارة هدم البيوت على رؤوس سكانها، و مرارة الاعتقال و التعذيب و المهانة، من الفلسطينيين و مرارة الاستعمار الاستيطاني و لمدّة تزيد عن 70 سنة من الاحتلال الصهيوني المجرم و بدعم من بعض الدول الغربية أو المطبعة و الحاضنة لهذا الظلم و المشجعة عليه بالمال و العتاد والمؤازرة و لعلّ في مقدمة هذه الدول ماما أمريكا و لكلّ ذلك كانت المقاومة مع موعد مع التاريخ لتفاجئ هذا الكيان الصهيوني في عقر أوكاره ومستوطناته ومواقعه العسكرية..

أسئلة تطرح نفسها

وفي خضم هذا الزلزال المزلزل، العديد من الأسئلة تطرح نفسها و لعلّ أهمها مفادها، كيف تمكنت المقاومة من صدمة و مباغتة الكيان الصهيون في مضاجعه ومستوطناته
ومواقعه العسكرية و إصابته بالصدمة والذهول؟ و إلى متى سيواصل الغرب اعتبار المقاومة فعلا إرهابيا؟ وهل العالم مقبل على حرب إقليمية و ربما حرب عالمية ثالثة؟ و هل سيغيّر ما جرى قلب المعطيات رأسا على عقب حول القضية الفلسطينية و ايقاف الهرولة نحو التطبيع؟

الصدمة والذهول بإمضاء المقاومة

الصدمة والذهول وعنصر المفاجأة، كانت العناصر المشتركة التي فاجأت الجميع، صهاينة ودول غربية و كلّ العالم بل و فاجأ حتى المطبعين مع هذا الكيان. كيف لا و قد استفاق الصهاينة على وقع أقدام المقاومة الفلسطينية و هي تقتحم مستوطناتهم و تهاجم مواقعهم العسكرية و تقتل من تقتل و تأسر من تأسر و تستحوذ على معدات عسكرية و أسلحة وعربات عسكرية و تبث الرعب في قلوب الصهاينة بل و تقتلع ذاك السور الحديدي التي اعتقد الكيان الصهيوني بأنّه يحصّن نفسه به و مواطنيه. عنصر المفاجأة و الصدمة أيضا تمثّل في مئات صواريخ المقاومة و هي تدكّ جلّ الكيان الصهيوني بما في ذلك تل أبيب بمبانيها السكنية و الرسمية و العسكرية . كيف لا يصدم كلّ العالم و قد وصل قتلى هذا الكيان الاستيطاني إلى أكثر من 600 قتيل و تجاوز الـ 2000 جريح (أعتقد و أنّ هذا العدد لا يمثل إلاّ ثلث العدد في الواقع).

الصدمة أيضا في أنّ الوضع أصبح رأسا على عقب، ليصبح الجندي الإسرائيلي مكبل اليدين و سجينا و أسيرا، ذليلا، مهانا… ويتم التنكيل به أمام عدسات المصورين التي تنقل للعالم كيف يمرّغ في التراب أنف الجندي الذي لا يقهر في التراب بل في الوحل.
وكيف تذل القوّة – التي يروجون لها – بأنّها القوّة التي لا تقهر و لا تصمد أمامها أعتى الجيوش؟ و كيف أضحت هذه القوّة منهارة أمام حركة تحرير آمنت بشرعية قضيتها و آمنت بالدفاع عن حقّها المشروع؟ و كيف أضحى ذلك الصيت لأقوى جيش في منطقة لا حول له و لا قوّة أمام مجموعة صغيرة من بواسل فلسطين مقارنة مع العدد الضخم و المتطور من الترسانة العسكرية الصهيونية. نعم لقد صدق الراحل و الزعيم ياسر عرفات حين وصف الشعب الفلسطيني بشعب الجبارين، ورغم ذلك مازال الغرب يستكثر على الشعب الفلسطيني الدفاع عن نفسه من براثن هذا الكيان الاستعماري الغاصب..؟

ازدواجية المعايير لدى الغرب

اعتبار المقاومة إرهابا و الاحتلال دفاعا عن النفس، هذا هو ما نسميه قلب المفاهيم و تكريس ازدواجية المعايير عند الغرب عموما و محاولة هذا الغرب تمريره هذه المفاهيم المعكوسة لكلّ العالم و محاولة إقناعنا و أن الكيان الصهيوني الغاصب و المحتل هو في حالة دفاع شرعي على نفسه في كلّ ما يأتيه من جرائم و قمع و إبادة و زج بالسجن و قتل على الهوية للفلسطينيين و هدم البيوت على رؤوس ساكنيها. نعم هذا ما يريد الغرب تمريره و تسويقه للعالم بكل عنجهية و صلف بالاعتماد على ازدواجية المعايير و غياب إعمال العقل. و يكفي أن نقف على تصريح الرئيس الأمريكي “بايدن” بالوقوف مع هذا الكيان و وعده بمدّه بكل ما يحتاجه من عتاد و أموال و مؤازرة؟ و بالتالي إلى متى يظل الغرب يرى القضية من زاوية الصهاينة بعيدا عن الواقعية. و إلاّ كيف – في نظر هذا الغرب – يصبح المستعمر في وضع دفاع شرعي و يصبح أصحاب الأرض إرهابيين؟ فمن الإرهابي الحقيقي هل المغتصب أم أصحاب الدار؟ . و رغم ذلك نقول و أن الحق يعلو و لا يعلى عليه، و نسأل هؤلاء أين هي الآن كلّ قوى الاستعمار السابقة؟ أ لم يتمّ إزالتها بالمقاومة؟ أم أولئك كانوا أيضا ارهابين بالمنظور الغربي؟
وبالرجوع إلى تصريح ” بايدن ” وقراءته بتمعن، لوقفنا على حقيقة هامّة وهو أنّ مثل هذا التصريح للرئيس الأمريكي لا يعدو إلا أن يكون تصريحا فارغ المحتوى و المضمون باعتبار و أنّ من أولوياته في هذه الفترة بالذات و لعلّ في مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية أوّلا، و محاولة استمالة إيران لاتفاقية منع انتشار السلاح النووي لديها ثانيا بل لعلّ الأهم في هذا التصريح للرئيس الأمريكي بوقوفه إلى جانب هذا الكيان الصهيوني هو للاستهلاك المحلي باعتباره مقبلا على محطة انتخابية. فهو بالتالي يستجدي اللوبيات الصهيونية المقيمة بالولايات المتحدة. إلاّ أنّ استعمال هذا الأسلوب في ازدواجية المعايير لم تعد تنطلي على أحد خاصة أمام بروز أقطاب اقتصادية و مالية جديدة و نعني بذلك الصين و روسيا اللذان يقفان كالشوكة في حلق الغرب و ما الحرب الروسية الأكرانية إلاّ أحد تجلياتها و ذلك من أجل إحداث عالم متعدد الأقطاب بعيدا عن الهيمنة الأمريكية تحديدا؟

ما هي ارتدادات هذه الجولة الجديدة من الصراع؟

بقطع النّظر عن الارتدادات الحينية لهذه الجولة من الصراع الفلسطيني مع هذا الكيان الصهيوني المحتل، على غرار حصيلة القتلى و الشهداء أو الخسائر المادية التي طالت العديد من النواحي وخاصة المباني و البنى التحتية عموما، سؤال مركزي يطرح نفسه و مفاده، ما ارتداد هذه الجولة على هذا الكيان الصهيوني مستقبلا ؟ للإجابة نقول بداية و أنّ المجتمع الصهيوني لا يمكنه تحمّل ما جرى من أحداث في عمق الكيان مما قد يكون له تداعيات سياسية وخيمه قد تعصف بهذه الحكومة المتطرفة و تقلب الموازين رأسا على عقب. و ثانيا، الصورة السيئة والمهينة التي رسمتها المقاومة لهذا الكيان الصهيوني – بالرغم من محاولته لإعادة وترميم زجاجه المكسور إلى وضعه الطبيعي – و ذلك بإعادة الاعتبار لجيشه و ترسانته العسكرية التي مورس عليها أبشع صور الإذلال والمهانة قتلا و سهلا و أسرا. ثالثا كيف سيواصل هذا الكيان، اقناع بعض الدول العربية للتطبيع معه على أساس و أنّه حمى الحمى في المنطقة و القوّة الضاربة في المنطقة، و قد شاهد كلّ العالم هذا الجيش كيف تداس كرامته رغم ترسانته…
وكيف تمرغ في التراب؟ هذا فضلا من خسارته لعديد من الصفقات لبيع الأسلحة العسكرية مستقبلا. و لكن السؤال الأهم، هل كلّ هذه الأحداث تمهّد لحرب إقليمية قد تجرّ وراءها ربما ايران و حزب الله و سوريا إلى جانب الفلسطينيين في محطات صدام قادمة؟ و هل يمكن أن تتسب القضية الفلسطينية في حرب عالمية ثالثة باعتبار أيضا الحرب بالوكالة التي تدور رحاها في أكرانيا؟

كلمة الختام

المؤكد أن المقاومة الفلسطينية خطت خطوة عملاقة في إعادة وهج القضية الفلسطينية و إرجاعها إلى أوج القضايا العالمية بعد كلّ محاولات طمسها سواء أولا، عبر كل محاولات الصهيونية بقضم الأراضي الفلسطينية و جعل فلسطين عبارة على سجن كبير لا كلمة فيها إلاّ لهذا الكيان.
ثانيا عبر محاولة طمس كل ما يمت بصلة لتاريخ الفلسطينيين على مرّ التاريخ.
وثالثا ـ عبر حركة التطبيع التي يهرول نحوها – للأسف – بعض العرب ،أو أخيرا، عن طريق الدعم الغربي اللا مشروط لهذا الكيان الغاصب؟ و لكن يبقى الإيمان بالقضية الفلسطينية هو مفتاح لكل الأبواب المغلقة، و بالتالي على الشعوب العربية و الإسلامية مؤازرة هذا المدّ للمقاومة و تثمينه عبر المساندة الشعبية و الدعم الرسمي من قبل الدول العربية و الإسلامية و الباقي اتركوه للمقاومة الفلسطينية و على رأسها حماس و غيرها من فصائل المقاومة، وان غد لناظره لقريب..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى