صلاح الدين المستاوي يكتب/ من ذكريات الزمن الجميل: كنت آخر تونسي اجتمع بالمؤرخ عثمان الكعاك..


كتب: محمد صلاح الدين المستاوي
يُثار هذه الايام كلام وصل الى اعمدة الصحف (ما كتبه الاعلامي ابو بكر الصغير في جريد (الصباح) هل ان المؤرخ التونسي الكبير الاستاذ عثمان الكعاك رحمه الله مات موتا طبيعيا…
ويقدم من يشككون في موته موتا عاديا معللين انه في محاضرته التي القاها قبل وفاته بيوم في ملتقى الفكر الاسلامي الذي انعقد في تلك السنة1976 في مدينة عنابة (شرق الجزائر) قد توصل الى الاطلاع على نسخة من كتاب الامام الغزالي (المنقذ من الضلال) الذي وجد للفيلسوف الفرنسي ديكارت تعليق عليها و انه اعتمد عليها في نظريته الشك طريق الى اليقين التي تنسب اليه.
وايا كانت وجاهة حجة القول بان كشف الا ستاذ الكعاك لهذه الحقيقة التاريخية كانت لربما وراء موته موتا غير طبيعي…
فان الاستاذ الكعاك رحمه الله كان يحظى باحترام وتقدير وتكريم كبير جدا من طرف الاشقاء الجزائريين وعلى راسهم الوزير مستشار رئيس الدولة الاستاذ مولود قاسم نايت بلقاسم رحمه الله وزير التعليم الاصلي والشؤون الدينية والمشرف والمتابع من الألف الى الياء لملتقيات الفكر الاسلامي.
فالأستاذ مولود مولود قاسم رحمه الله الذي درس في الزيتونة لا ينفك لسانه يلهج بالثناء على علم وريادة الاستاذ الكعاك وكان ينظم له برنامجا خصوصيا للاستفادة منه ومن علمه يتمثل في دعوته لالقاء محاضرات في مختلف مدن الجزائر و التي تتواصل لاسابيع عديدة بعد انعقاد دورات الملتقى.
*ويوم توفي الاستاذ الكعاك كان الاستاذ مولود قاسم هو اول من تفطن لغيابه عن الجلسة الصباحية للملتقى، ومن هناك بدا التحقق من الامر وبالسرعة الكبيرة وبكل ما ينبغي القيام به
(ماديا وبشريا وطبيا ) ولما وقع التحقق من وفاته اتخذت كل الاجراءات اللازمة للعودة بجثمانه الطاهر ليُدفن في تونس وسخرت لذلك طائرة خاصة اقلته مصحوبا بوفد رفيع المستوى من علماء الجزائر واقيم له تابين مشهود في ارض مطار عنابة.
*ولا اظن ان الجزائر بكل مستوياتها الرسمية الحكومية والشعبية ستسكت لو تطرق ادنى شك او ريب حول وفاة الاستاذ الكعاك رحمه الله.
*وبالمناسبة فاني كنت اخر تونسي اجتمع بالاستاذ الكعاك ليلة وفاته فقد بقينا صحبة بعض الاصدقاء مع الاستاذ الكعاك في بهو النزل الى ساعة متاخرة من الليل وكان الاستاذ الكعاك في غاية النشاط والحيوية يصول ويجول ويكاد لا يترك الحديث لاحد سواه يفيض على الحاضرين بدقائق معارفه التاريخية الواسعة والمتنوعة والطريفة.
*ولدى صعودنا الى غرفنا للنوم كنت معه رحمه الله في المصعد واخر ما سمعته يقول انه يتمنى ان ينتقل الى جوار ربه قبل السيدة الفاضلة زوجته لانه كما قال لا يتصور انه يستطيع العيش بعدها وبدونها لحسن معاشرتها له.
* هذه خواطر اردت ان أدوّنها لعلها تنير في ما يُثار هذه الأيام عن موت الاستاذ عثمان الكعاك رحمه الله واسكنه فراديس جنانه.