صالون الصريح

هادي دانيال يكتب: الغرْبُ الصهيوني يُمعِنُ في تَفتِيتِ المنطقة بانتظار مُعجزةٍ دوليّة تُوقِف تسونامي الإبادةِ!

HEDI DANIEL
كتب: هادي دانيال

الخرابُ يعمّ المنطقة والذي تمزّقَ بصدد التفتُّت إذا لم تحصل المعجزة. فكما قالت “فرانشيسكا ألبانيز” المقرّرة الأمميّة الخاصّة بفلسطين: “لقد انتهى العالم الذي عرفناه، ولم يعُد هناك مدنيّون في النزاعات المسلّحة، فالكُلّ أهدافٌ مشروعة وإرهابيون ودروع بشريّة.

لقد ولّى زمن التظاهر الغربيّ بالتحضُّر »… نعم، الكلّ أضحى أهدافاً “مشروعة” لشريعة الغاب التي تتحكّم بمصائر البشريّة الآن.

بوّابة الجحيم

لقد فتحت تراجيديا غزّة بوّابة الجحيم على شعوب المنطقة بأسْرها وربما على معظم شعوب العالم إذا لم تحدث المعجزة، ويتوقف تسونامي المجازر الإبادية، مجازر التطهير العرقي والطائفي الذي بدأ في قطاع غزّة ولن يتوقف في الساحل السوري والضفة الغربية الفلسطينية، فمعادلة مقاومة “سوريا الكبرى” ضدّ إقامة “إسرائيل الكبرى” تغيّرت الآن إلى معادلة فرْض “فلسطين المحتلة الكبرى” تمهيداً لإقامة “دولة إسرائيل الكبرى”، والخريطة المُسَرْبَلة بدماء مئات آلاف الضحايا لا تزال جرحاً هائلاً مفتوحاً على خراب أعظم قد تتدفق منه براكينُ الدم الملتهب التي تُعمي بَصَرَ وبصيرة العقل البشريّ الذي تتلاعب به أصابع جنون الغرب الصهيوني وأدواته المحليّة في المنطقة.

مساواة الضحية والجلاّد

فهذا الشرّ الغربيّ المسعور، انتقل من مساواة الضحية الفلسطينية بالجلّاد الصهيوني الإسرائيلي إلى شَيْطَنةِ الضحيّة الفلسطينيّة وتصوير قَتَلَة تل أبيب المُدجَّجين بأسلحة الدمار الشامل بأنهم “ضحايا” في مواجهة الفلسطينيين العُزّل الذين استُبِيحوا قبل 7 أكتوبر2023 وبعدها، وبدَل أن ينتصر العالمُ لحقوقهم المشروعة ويُعوِّضهم على الأقلّ بإقامة دولتهم الوطنية التي تحفظ لهم حقهم في الحياة والوجود على خارطة العالم ضمن حدودها، ينفخون في أكذوبة “أمْن الكيان الإسرائيلي المهدَّد”، وهذا الغرب نفْسُه يغضّ الطرف أيضاً عن مجازر حكومة الإرهابي أبي محمد الجولاني التي (أخْفِيَت) نسبيّاً في قرى وبلدات ومدن الساحل السوري لتظهر في زنازين الجولاني بسجن “عدْرا” المركزي الذي يشهد إعدامات ميدانيّة للسجناء بالرصاص بذريعة عصيانهم!، كما يغضّ الطرف مثله مثل حكومة “فيشي” العميلة عمالةً مُرَكَّبَة بدمشق، عن تمدّد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أن وصل على بعد 15 كيلو متر من العاصمة السورية.

و لم يكتف “الغرب المتحضّر” بحصْر مفهوم “حقوق الإنسان” بـ ‘حقّ؟’ الكيان الصهيوني باحتلال الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية وقتْل الأهالي العُزّل/سكّان هذه الأراضي الأصليين وتهجيرهم بذريعة الدفاع عن “أمْن إسرائيل” المهدّد (؟!)، بل يدفع أدواته الرسمية في المنطقة (أعني الحكومتين الحاليّتين في بيروت ودمشق) وغيْر الرسمية (الميليشيات اليمينية في لبنان وسوريا) إلى إغراق منطقتنا مجدداً في مواجهات مسلحة ضدّ المقاومة الوطنية اللبنانية لنزع سلاحها الموجّه ضد الاحتلال الإسرائيلي، وضدّ الأقليات العرقية والدينية في سوريا تمهيدا لتقسيم الأخيرة إلى دويلات فاشلة منزوعة السلاح تدور في فلك الكيان الصهيوني الاستعماري الاستيطاني التوسّعي.

الآتي أشرس وأفظع!

إنّ بقاء المجتمع الدولي، الذي نعني به الدول التي لاتزال مَعنيّة بالقانون الدولي والشرعية الدولية ، مكتوف الأيدي إزاء مجازر الإبادة والتطهير العرقي والديني التي ترتكبها أنظمة الفاشية الدينية في تل أبيب ودمشق خاصة، يُنبئ بأنّ الآتي أشرس وأفظع، ويؤكد ذلك دعوة وزارتي الخارجية الأمريكية والبريطانية رعايا دولتيهما إلى مغادرة الأراضي السورية فوراً وقبل حلول عيد الفطر.

المعجزة المُنْتَظَرَة أن تتحرك فورا حكومات الدوَل العربية، خاصة تلك التي لانزال نُعلِّق عليها الآمال كحُكُومَتَيّ تونس والجزائر، على مستوى الأمم المتحدة (لأنه لا حياة لمن تنادي ولا أمَلَ على مستوى الجامعة العربية ومنظمة التعاون؟ الإسلامي) من أجل تأمين حماية دولية عاجلة للشعبين السوري والفلسطيني ، وهو ما كانت تطالب به القيادة الفلسطينية منذ سنوات ولا تزال، كما ننتظر، بأملٍ يُولَدُ من رحم اليأس، أن تستأنف الرباعية الدولية (الاتحاد الروسي والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة) المساعي الجدّيّة لفرْض حلول عادلة تعيد إلى الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتخلّص الشعب السوري من حكومة فاشية تهدد حتى الحقّ في الحياة وتمكّنه من إقامة نظام ديمقراطي في دولة مدنية تكفل لجميع الأهالي مِن مُختلف المكوّنات حقوقَ المواطنة المتساوية وواجباتها.

فبدون إعادة الحقوق المشروعة إلى الشعب الفلسطيني وإقامة دولته، وبدون إقامة دولة مُواطَنَة مدنيّة ديمقراطيّة في سوريا ستبقى المنطقة بأسْرِها من اسطنبول إلى إسلام آباد ومن مراكش إلى المنامة وصنعاء رمالاً متحركة، كياناتها مَحْض كُثبانٍ بانتظار العواصف المرئية وغير المرئية، وفي حالٍ كهذه لن يسلم العالَمُ كُلّه مِمّا يحدث ومِمّا سيحدث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى