صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يقدم تراجم أعلام (16): الشيخ الإمام علي النوري…

كتب: محمد الحبيب السلامي

…هو علي بن سالم بن محمد شطورو، ذاك لقبه الأصلي ثم عُرف بـ ‘النوري’ ولذلك قصة سوف نرويها، ولد بصفاقس سنة 1644 فهو من علماء القرن السابع عشر، وفي صباه حفظ القرآن وبعض قواعد اللغة العربية في الزاوية…

ولما تهيأ لطلب العلم انضم إلى حلقات المدرسين بالجامع الكبير بصفاقس  حتى وجد نفسه يستزيد فاقترح على والده توجيهه لطلب العلم بجامع الزيتونة فاعتذر بقلة ذات اليد، فاعتمد على نفسه وسافر، سكن في مبيتات الطلبة، وينفق على نفسه من مال كان جمعه…
لما أخذ المال ينفد صار يتعشى ويتغذى تمرا، ولما نفد المال صار يُغلي النوى على بقية نار لبعض الطلبة، ويظهر أن عائلة من أهل الفضل اكتشفت فقًره وحرصه على طلب العلم فالتزمت له بعشاء وغذاء كل يوم حتى نال الشهادة العلمية وإجازات علمية من كبار علماء الزيتونة فازداد نهمه لطلب العلم بالأزهر…
عرض أمره على العائلة الفاضلة فشجعته وأعانته، وجلس إلى عدد كبير من علماء الأزهر يتعلم ويرتوي وينال في عدد من العلوم إجازات، وفي يوم قال له أحد شيوخه…(عد إلى بلدك ونورها بعلمك يا نوري) أعجبته النصيحة واللقب فعاد إلى صفاقس بلقب ‘النوري’….

أنشأ زاوية لنشر العلم ولقاء العلماء كما أنشأ مبيتا للطلبة…اتخذ مهنة الحياكة والتجارة، وصار يُنمي ثروته، ولما اقترح عليه أهالي صفاقس مساعدتهم على رد قراصنة مالطة في البحر تولى الأمر بروح الجهاد في سبيل الله، فأنشأ لذلك جيشا مجهزا بالعدد والعتاد البحري، فحقق النصر على الأعداء…
فاشتهرت بذلك سمعته، فوشى به الوشاة إلى السلطان وأوهموه بأنه يعدّ العدة للانقلاب عليه فقرر مهاجمته لكن الخبر وصل النوري فخرج من صفاقس مع نسوة ومساعد متنكرين في لحافي امرأتين حتى وصلا إلى سيدي حجبة بين زغوان وتونس وعنده استقر، ونشر العلم وشهد له الناس بالبراءة فعفا عنه السلطان، ورجع إلى صفاقس يواصل رسالته في  نشر العلم…
 فألف في الفقه والفلك وفي علوم القراءات وهو كتاب (غيث النفع في القراءات السبع)، وقبل وفاته أوقف بعض ثروته في رعاية زاويته ومبيت الطلبة، ووجوه البر، وترك الباقي إرثا لأولاده وأحفاده….
توفي في بداية القرن الثامن عشر ودفن بمقبرة خاصة خارج السور، وترك مكتبة تُذكر بما فيها من مخطوطات…رحمه الله….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى