صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: حسن بن حسونة المراكشي

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

حسن بن حسونة المراكشي، هذا العلم ولد بصفاقس سنة 1900…ما بلغ سن الدراسة دخل مرحلة التعلم، فتعلم القرآن واللغة العربية، والفقه والتوحيد فكان مؤمنا، مسلما..سلم الناس من يده ولسانه…

هذا العلم تزوج من عائلة المراكشي السيدة الفاضلة عائشة المراكشي، فأنجبا ذرية طيبة، أنجبا من الأبناء رشيدا الذي نجح في الدراسة، فبعد أن تعلم وتمكن من اللغة الفرنسية، دخل المدارس معلما…ولكفاءته العلمية والبيدغوجية كلف بالإدارةً، وكل مدرسة أدارها بحزمه حققت نجاحا….والنجاح حققه أيضا في أولاده فكان له من زوجته الفاضلة فتحية الشرفي صلاح طبيبا، وحسن محاميا، وزينب طبيبة، وهدى وفاطمة في الاقتصاد…
وبعد رشيد جاء حسونة…طوى مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي وكان حريصا على قراءة القرآن في رمضان، في حلقة من حلقات القرآن بجامع سيدي بلحسن…

طار إلى فرنسا

هذا حسونة طار إلى فرنسا، وتردد بين الاختصاص في طب الإنسان وطب الحيوان، ولما استقر في اختياره تخصص في طب الحلق والأذنين، وفتح عيادةً في صفاقس مدة حقق فيها سمعة طيبةً، ثم سافر إلى العاصمة مع زوجته الأستاذة حياة العكروت التي كانت أول امرأة صفاقسية تتولى إدارة معهد ثانوي للبنات، وثالث أبناء صاحبنا العلم حسن هو أحمد الذي كان ممرضا، وتزوج بنت الشيخ المدرس يوسف المزغني ومات وهو مازال في شبابه ، وابنة صاحبنا الوحيدة جميلة تزوجها الصادق المراكشي، وأنجب منها ابنها الوحيد عليا…

استقروا في صفاقس

هذا العلم حسن بن حسونة لقبه المراكشي، ولقب المراكشي جاء من جد العائلة، والجدّ هو الشيخ أبو عبد الله محمد المراكشي الذي قدم أجداده من مراكش منذ أكثر من أربعمائة سنة، واستقروا في صفاقس …
هذا الجدّ قرّبه منه الولي الصالح سيدي أبو الحسن الكراي لما وجد فيه سيرة حسنة، وسعة علم، وكلفه واستخلفه على الزاوية وأملاكه لأن الشيخ الكراي تزوج زوجتين ولم ينجب منهما ولدا ذكرا أو أنثى…
من هنا، وبعد وفاة الجد محمد المراكشي تولى الأمانة والمسؤولية بعده أولاده وأحفاده، وقد عرفت في الأربعينات أربعة كبار من أحفاد المراكشي كل واحد له دوره في تركة سيدي بلحسن أو في زاويته، وهم…احميد وعبد الرحمان، والصادق مع أخيه بلحسن، والرابع هو صاحبنا حسن بن حسونة المراكشي…

تكفل بحفظ الزاوية

هذا العلم تكفل بالزاوية في حفظها، وفي المحافظة على إشعاعها، وأداء دورها الديني ،وإقامة (الميعاد) كل يوم جمعةً…والميعاد صار يسمى (المجلس ) وفيه تتلى المواعظ ،وتنشد القصائد، وقد حضرت وشاهدت الشيخ الزيتوني المربي الهادي الشافعي في هذا المجلس يتلو المواعظ وما روي وما ألفه الولي الصالح سيدي إبي الحسن الكراي، وكان صاحبنا حسن بن حسونة حاضرا وممن يحضر في المجلس احميد الفراتي، ففي صوته قدرة على الإنشاد…
كما كان صاحبنا حسن بن حسونة حريصا على توزيع فطيرة على كل قارئ القرآن بالزاوية في رمضان، وفي ليلة االخامس والعشرين من رمضان يهيئ صاحبنا الجامع للختم الكبير الذي يحضره المسؤولون في الولايةً، وبعد الختم يوزع على كل قارئ رغيفا صغيرا…وقد نالني نصيبي لما كنت قارئا من القراء…
هذا صاحبنا العلم ما زلت أذكره يدخل من باب الجبلي الجديد راكبا حماره، وهو يبادل الناس التحية، وما زلت أذكر أنه كان وطنيا، مشاركا في النضال..فهو بفكره وبعطائه كان في بعض لجان تحرير تونس وفي لجنة دعم القضية الفلسطينية في الحرب سنة 1948…

ودع الدنيا

قبل وفاته أوصى ابنه رشيدا بالزاوية…وقام رشيد بالواجب، ولكن لأن بورقيبةً وضع يد الدولة على الأحباس العامة وعلى الزوايا فقد صارت البلدية هي المسؤولة وانتهى دور المراكشيين في سيدي بلحسن الكراي…ولما حان أجله ودع الدنيا راضيا مرضيا، فودعه أولاده وأحفاده وأحبابه وصفاقس بالرحمة وحسن الذكر…فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما…
وأنا أحب أن أفهم ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى