محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: الباشا الشرفي

كتب: محمد الحبيب السلامي
هذا العلم لما ولد يوم 25 أفريل سنة 1895 أبوه الطيب الشرفي سماه (محمد الطيب) وبهذا انضم إلى عائلة الشرفي، ولكن لما خرج إلى الناس وانضم إلى المجتمع في صفاقس صار يدعى (الباشا الشرفي) وفي كتب التاريخ يذكر (الباشا الشرفي)…
في مكتبه بسوق بلعج رأيته أول مرة وأنا تلميذ زيتوني أبيع تذاكر الدخول لمسرحية تقدمها جمعية صفاقسية زيتونية في سوق بلعج، رأيته بطوله وطربوشه وأناقته يتصدر مكتبا فخما وكأنه وزير في وزارته ولعله لذلك سموه (الباشا)…
دخلت عليه أعرض عليه تذكرة في المسرحية فاشترى خمسا ولما اندهشت سألت فقيل لي ذاك الباشا الشرفي الذي كان له نشاط في جمعية مسرحية، وله في صفاقس تاريخ… تاريخ الباشا وجدت بعض صفحاته في كتاب (الحركةً الوطنيةً بجهة صفاقس) للدكتور عبد الجليل بن عباس الباشا
في السياسة
لما تأسست جمعية التهذيب المسرحي كان من مؤسسيها، ولما كانت هذه الجمعية تؤدي دورا سياسيا وطنيا كان للباشا دور فيها ولما أسّس علي القرقوري أول شعبة دستورية في صفاقس سنة 1922 كان من المنخرطين فيها ويطوف في الأسواق لجمع التبرعات لدعم نشاطها وجمع التبرعات التي تُرسل للوفد التونسي الذي أرسله حزب الشيخ الثعالبي لفرنسا قصد تعريف السياسيين والمثقفين الفرنسيين بفرنسا بظلم سياسة الحماية الفرنسية بتونس، والمطالبة بحقوق التونسيين في التعليم والصحة والوظائف الإدارية والحرية…
كما كان الباشا من أوائل المتبرعين مشاركا في الإضرابات والمظاهرات، ولما قررت السلطة الفرنسية بصفاقس توقيف النشاط الحزبي عاد الباشا وعلي القرقوري إلى قيادة جمعية التهذيب لتقديم مسرحيات في جوهرها توجيهات وطنية إسلامية وتقديم خطب سياسية بين الفصول تلقى الترحيب من الحاضرين الذين كان المسرح يمتلئ بهم…ومن الخطباء الحاج الطاهر كمون وصالح السيالة والشيخ بوعصيدةً
الباشا في روايةً حفيديه رؤوف اللوز وجلال الشرفي
كان جدنا منذ صغره وطنيا عروبيا ولذلك لما احتل الإيطاليون طرابلس وعلم بجهاد المجاهد عمر المختار سافر إلى طرابلس وانضم للمجاهدين وحارب وفي (يوم السدرة ) شارك وحارب وانتصر المجاهدون على الجيش الإيطالي، وسُميّ ذلك اليوم في تاريخ طرابلس (اليوم السعيد خير من ألف عيد)، ولما ألقي القبض على الباشا الشرفي أرجعه الطليان إلى الفرنسيين فأعادوه إلى صفاقس، وكان من المطالبين بإبطال (ضريبة الحرب ومن المنادين برفض استقالة محمد الناصر باي)
الباشا في مصر
يقول حفيداه تعلم جدنا اللغة الإيطالية وسافر إلى مصر، وكان مولعا بالموسيقى ويعزف على البيانو وفي مصر تعرّف على سيد درويش وزكريا أحمد وبيرم التونسي وغيرهم…
الباشا والتجارة
تعاطى الفلاحة في أملاكه وتعاطى التجارة في التوريد والتصدير من خلال مكتبه في سوق بلعج وكان من محبي فعل الخير ومساعدة المحتاج، ولذلك لما تأسست جمعية البر العربية في صفاقس كان عضوا فيها وفي الصورة المصاحبة نراه في أعلى صف مع الواقفين..
الباشا في بيته وأسرته
تزوج السيدةً (منوبية الباجي ) وأنجب منها زينب وقد تزوجت الهادي اللوز وعربية التي تزوجت الحبيب الشرفي وبعد عمر توفيت زينب وعربيةً كما أنجبت منوبية صالحا الذي توفي صغيرا
ولما توفيت زوجته الأولى تزوج الباشا الشرفي الثانية وهي قمر السلامي ولم تنجب كان بيته في طريق تنيور ولذلك سمي المركز (مركز الباشا) وسميت المدرسة (مدرسة الباشا )
النهاية
لما جاء أجله يوم 15سبتمبر 1969 ودع دنياه وودعته أسرته وأحبابه وودعته صفاقس بالرحمة وحسن الذكر… فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟