محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: المختار بوعتور

كتب: محمد الحبيب السلامي
هذا العلم أبوه أحمد وجدّه الحاج محمود بوعتور…وعائلة بوعتور مشهورة في صفاقس، وهي تنتسب للولي الصالح (سيدي عبد الكافي) وسيدي عبد الكافي يصل في النسب للصحابي عثمان بن عفّان ذي النورين، ثالث الخلفاء الراشدين…
صاحبنا المختار بوعتور، ولد بصفاقس سنة 1923، لكن والده لم يسجله إلا في 12 أفريل 1925، وكم من الآباء في الماضي لا يسجلون مولودهم إلا بعد سنوات..
حفظ القرآن
صاحبنا المختار لما بلغ سن التعلم ضمه أبوه للزاوية، وفيها حفظ القرآن، ومنها انخرط في دروس الفرع الزيتوني بصفاقس سيرا في الطريق الذي سار فيه كثير من التلاميذ من عائلة بوعتور، وفي السنة الرابعة فاز بشهادة الأهلية الزيتونية…وبها تأهل للدراسة بجامع الزيتونة..قضى فيه ثلاث سنوات..انتهت بحصوله على شهادة التحصيل..
اضطر للعودة
وهذه الشهادة أهلته لدراسة الحقوق في مدرسة الحقوق لكن جدّه منعه من ذلك، وطلب منه العودة إلى صفاقس، وهدّده بحرمانه من المنحة الشهرية التي كان يرسلها إليه وقدرها (خمسون فرنكا)…فاضطر للعودة..
صاحبنا (معلم)، وكانت البداية بعد الحرب العالمية الثانية في زاوية الحاج خليفة، ثم انتقل إلى مدارس قرآنية، منها مدرسة النجاح المعروفة باسم (مكتب بودبوس)، ومنها المدرسةً الأدبية المعروفة باسم (مكتب السلامي)، ومنها إلى مدرسة الثقافة…
وفي عهد الوزير محمود المسعدي انتدب لكفاءته، معلما ملحقا بالتعليم الثانوي بـ معهد مجيدة بوليلة، ولما عاوده الحنين للدراسة بجامع الزيتونة ليتحصل على شهادة العالمية سافر مع أسرته إلى العاصمة، لكن الظروف لم تكن مواتية فعاد بأسرته إلى صفاقس، وعاد للتعليم الابتدائي، وفيه أكمل رسالته معلما وتقاعد..
هواياته
أحب الصناعة، عن خاله تعلم النجارة وكاد يتفرغ لها وينقطع عن الدراسة لكن والده منعه من ذلك وأجبره على مواصلة الدراسة، وكان مولعا بصنع القفة والمروحة من جريد النخل، ومولعا بتسفير الكتب…
وكم من زملائه ـ وأنا منهم ـ تولى تسفير عدد من كتب مكتباتهم لما تقاعد، ولأنه اشتهر بهذه الصناعة وإتقانها فقد كثُر عليه الطلب لما تقاعد من طرف المحامين والمحاكم، وكانت هوايته طريق كسب، وياليت التلاميذ والطلبة يحرصون في عهد الدراسة على هواية صناعات يجدونها وقت التقاعد، وعند الحاجة…
في مجلس البخاري..
هذا العلم الزيتوني المربي المختار بوعتور كان مغرما بالمطالعة، لذلك لما تقاعد انضم إلى (مجلس البخاري) الذي تفرغ أعضاؤه لدراسة كتب التفسير، وصحيح البخاري، فكان عضوا في النادي بجامع العالية ثم في بيت الأستاذ العالم المختار شقرون…
زواجه وأسرته
في شبابه تزوج المرأة الفاضلة كلثوم بنت عدل الإشهاد المرحوم الطيب كمون، فأنجبا بنتا سمياها (نجاة)، وأنجبا ابنين هما، محمد ونعمان ..ولأنه حرص على تعليمهم وحسن تربيتهم، فقد نجحوا تعليما، ونجحوا عملا وأنجبوا ذرية يستمطرون الرحمة على جدهم..
وفاته
في الحادي عشر من شهر أفريل سنة 1993، حان أجله بعد مرض جعله ينقطع عن جلسات مجلس البخاري ويلازم الفراش، فودعته أسرته وأحبابه وصفاقس بالرحمة وحسن الذكر، فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما، وأنا أحب أن أفهم؟