صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: محمد بن عبد الرحمان المصمودي..

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

هذا كان كالعصفور، ولد في عش، في شجرة ولما طار..بنى أعشاشا في شجرة أخرى…هذا هو محمد بن عبد الرحمان المصمودي.. ولد في صفاقس سنة 1934…وتعلم في مدارس صفاقس ففاز بالشهادة الابتدائية وشهادة الباكالوريا…وبها طار إلى فرنسا وحط في جامعة السوربون ليتخصص في دراسة التاريخ…

فلما حقق ما أراد رجع بشهادته العليا إلى صفاقس ليكون مدرس تاريخ في التعليم الثانوي…وبعد سنتين كُلف ببعث مشروع متحف دار الجلولي بصفاقس، فقبل المهمة، وأثراه بمجموعة رسوم على الزجاج، ثم طار إلى تونس العاصمة وترك متحف دار الجلولي لزميله المؤرخ الدكتور علي الزواري، فواصل دعم المتحف وأثراه، ونوّع معروضاته…

طار إلى العاصمة

طار المصمودي إلى تونس فكلف بإدارة مركز الفنون والتقاليد الشعبية…وكلف بدراسة مشروع بعث متاحف الفنون والعادات والتقاليد الشعبيةً بالجهات…ولما هيأ المشروع كلف بتنفيذه…ونُفذ في الكاف وجربة..

صاحبنا محمد المصمودي حط في بلدية تونس العاصمة…وبقي فيها طيلة دورتين، وفي البلدية شارك في بعث جمعية صيانة المدينة…فكان نائب الرئيس…وكان بنشاطه في مستوى عنوانه…

دخل عالم النشر

صاحبنا محمد المصمودي اكتشف التاريخ في كتب كثيرة طالعها فأحب الكتاب، وقرر أن يثري المكتبة التونسية بالكتاب فدخل عالم نشر الكتاب مع زميله محمد بن إسماعيل…فكان في (دار سيراس)، وفيها كان النشر ثريا بالعدد والمعدود…
نشاطه في الكتاب وصلت أشعته لوزير الثقافةً فكلفه ببعث مشروع (الدار العربية للكتاب) مع ليبيا…وانطلق المشروع…ولكن السياسة الملعونة بخلافاتها جعلت المشروع يتأرجح فانسحب المصمودي منه…

بعث دار الجنوب

اعتمد صاحبنا على نفسه وبعث مؤسسة (دار الجنوب)، وبروح الجد والصدق انطلقت هذه الدار، ومنها خرجت عشرات الكتب…وقد بعث في الدار سلسلتين هما (عيون المعاصرة ) وأوكل أمرها للأستاذ التوفيق بكار، والثانية (معالم الحداثة) يديرها الأستاذ عبد المجيد الشرفي…ومن دار الجنوب ظهر كتابان ممتازان ثريان، الأول عنوانه (الحج إلى مكة) والثاني عنوانه (مولانا) سلط فيه نور البحث على جلال الدين الرومي…
ومع الكتاب دخل ميدان الصناعة فبعث بذوقه الفني مصنعا يصنع فيه نوع الفسيفساء سماه (دوريماي)…

وفي عالم الأسرة والبيت تزوج السيدة دردانة المختار شقيقة الأستاذة فتحية المختار زوجة المرحوم محمد مزالي…وفي بيت الأسرة أنجبا من البنات (منية)، ومن البنين (رؤوف وجميل)…وقد تولى البعض من أولاده الإشراف على بعض مشاريعه…

ودع الدنيا

أصيب بمرض وهو يستعد لإعداد المعرض الدولي للكتاب…وكان أجله أسبق فتوفي سنة 2013 …فودعته زوجته وأولاده وأحباء الثقافة والكتاب، وودعته صفاقس بالرحمة وحسن الذكر…فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما، وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى