صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاشت في صفاقس ثم ودعت: مجيدة السلامي

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

مجيدة اليتيمة…ولدت في 23 جانفي 1936، بعد خمسة أشهر من ولادتها وجدت نفسها يتيمةً…أبوها محمد بن أحمد السلامي توفي، فكفلتها ورعتها و ربّتها أمها…

مجيدة والأميّة…

لم تُدخلها أمها لزاوية ولا لمدرسةً…كبرت فوجدت نفسها أميةً، ولكن تعيش بروح ونفس اجتماعية، فماذا فعلت لتتعلم؟ انضمت إلى دروس محو الأمية، فنجحت ومحتها، وانضمت إلى دروس في تعليم اللغة الفرنسية فتعلمتها، مجيدة العصامية…عزمت، فقررت ونفذت…تعلمت ما تتعلمه البنت في البيت…

تعلمت التطريز فطرزت…وتعلمت الخياطة فخاطت، وعلمت البنات التطريز والخياطة، ودخلت المصانع لتعمل بما تعلمت فكسبت،

مجيدة المتحديةً

كان أبوها من أقدر وأكفأ الرجال في صناعة الشراب الطهور والعطور…كان في هذه الصناعة مرجعا، وقد تعلم منه والدي وعاش وهو يترحم عليه…وجدت في غرفة من بيت والدها (القطار) الذي به تُستخرج من زهور الياسمين والورد والنسرين شرابا طهورا…بعثت في ‘القطار’ الحياة…ودخلت سوق العطارين الذي كان حكرا على الرجال…
دخلت باسم (مجيدة بنت القشيري)، فقد كان أبوها معتنيا بلباسه، وكان أنيقا لذلك لقبه أهل السوق في نهج الباي بلقب (القشيري)…دخلت السوق بماء الورد وماء الزهر وماء الياسمين ودخلته بالمشروبات…بشراب اللوز، والفستق، والورد…

وكان لها في نفس السوق والصناعة عماها (الصادق وحسن السلامي) بهما تسترشد…

مجيدة الاجتماعية

وجدت في مجتمعها حركة نسائية فأخذت دورها فيها…ناضلت تحت راية حزب بورقيبة لتحرير وطنها، انضمت إلى الاتحاد النسائي في صفاقس وتحمّلت فيه مسؤوليات بصدق وإخلاص ولذلك تم تكريمها اعترافا بدورها ونشاطها….

مجيدة في بيت الود والرحمة

تزوجت الشاب النوري الجموسي، الموظف البلدي…مجيدة الأم المدرسة، انجبت البنين والبنات…كانت لهم في البيت أم العطف والحنان وكانت لهم في البيت مدرسة، ولذلك نجحوا وفي الدراسة وفي مسؤولياتهم…
لسعد أحب الثقافة المسرحية ففاز فيها بالدكتوراه، وفاز في دنيا المسرح…وهذا محمد، طبيب يشفي الأبدان ويحررها من العلل، وهذه هاجر تتعلم، ثم تعلّم، ثم تدخل القسم لتتفقد المعلم وتوجهه…
وهذا بلال: يصعد في سلم الرقي بعلمه فيكون موظفا في مؤسسة دولية، أما ابنتها نجاح التي ساعدتني مشكورة فقد أدت دورا في الوظيفة العمومية..

مجيدة في لحظة الوداع

مجيدة التي تغلبت على اليتم والأمية وفرضت نفسها ووجودها في الصناعة والمجتمع والأسرة والبيت لما جاء أجلها في 22 فيفري 2019، ودعت الدنيا الفانية إلى الدار الباقية فودعها أولادها وأحفادها وأهلها وصفاقس بالرحمة وحسن الذكر، فبماذا سيذكرها الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما..
وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى