كتب: محمد الحبيب السلامي
هذا محمد أنور عشيش ولد في صفاقس، وحبا ودب في صفاقس…وارتوى من مدارس ومعاهد صفاقس، وتشبع وشبع من عادات ونفوس صفاقس فقال: ‘الماجل اللي تشرب منو ادعيلو بالبركة’…
طب النفوس
هو قال لفظة واللفظ عند الجيدين عدالةً..عقد، التزام، لهذا بعد أن نجح وحصد شهادة الباكالوريا سنة 1970، فكر في النفوس، فكر في تطبيب النفوس…فكر في أن يتخصص في الطب النفسي وقد كثر أطباء البدن..
هذا فكر وقال وفعل، ودخل صفاقس طبيبا نفسانيا، والنفوس إلى طبيب يطببها محتاجة، لذلك: أسّس وحدة جهوية للوقاية النفسية للأطفال، لذلك عُيّن طبيبا نفسانيا للسجن المدني…ومن يسجن بدنيا يسجن نفسانيا؟
خدم الثقافة
هذا هو الذي أسس وبعث جمعية ابن سينار لمساعدة الأطفال، ورعاها سنوات، ومازالت تواصل أداء رسالتها…هذا الطبيب النفساني الذي خدم الثقافة لأنه علم ويعلم أن الثقافة غذاء ودواء للنفوس، والنفس إذا ما تلقى ما تعطيها فرهدها وسليها…
ولذلك كان الطبيب محمد أنور عشيش في الثقافة يتحمل مسؤوليات من أجل الآخرين: فهو أمين مال مهرجان صفاقس الدولي، وهو مدير المهرجان، وهو رئيس مهرجان المدينة…
جمعية الرفيق
هذا الطبيب النفساني محمد أنور عشيش، يحفظ من الصغر مقولة ويعمل بها في الكبر، وهي (العقل السليم في الجسم السليم)، ولذلك كان رئيسا للرابطة الجهوية لرياضة المعاقين، وكان فيها حاضرا بتوجيهاته…
هذا هو الذي علم ويعلم أن الغصن يكبر ويثمر في الشجرة، والإنسان يعيش في أسرة، ولذلك أسّس صاحبنا جمعية الرفيق، فيها يرعى من ولد ولم يجد سندا ولا عائلة ترعاه…فكان عن طريق الجمعية يوفر له عائلة يتربى فيها، ويعيش في كنفها ودفئها، وصاحبنا بالمال الذي وجد من يوفره به يدعمها…
هذا هو الذي نشر أفكاره وأقواله، ومروياته من تراث الأجداد عبر إذاعة صفاقس…هذا هو الذي أضاف إلى كتب المطالعة كتابا جميلا عنوانه (نقلك ودليلك ملك) كانت له فيه الكلمة وللرسام الذكي رؤوف الكراي الصورة المعبرةً، أصدر دليل الجمعيات الأول والثاني…
ودع الدنيا
توفي في العاشر من أفريل سنة 2008، وودعه أهله وودعته صفاقس ومازال أحبابه والعارفون بمكانته الطبيةً والثقافية يقيمون الندوات ويذكرون بما قدم وخدم به الإنسانية و كما قال الأولون: (الإنسان حديث بعده..) فبماذا سيتحدث الأصدقاء عن صاحبنا لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟
