صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: ‘الطراح’

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

قبل أن أذكركم بـ (الطراح)، أحدّثكم عن الخبز…فقد عُرف في العالم منذ آلاف السنين، عُرف يوم اكتشف الإنسان القمح…وفي تونس عُرف في عهد الفينيقين ثم أخذ يتطور، وصار للخبز أكثر من عشرين نوعا…

أنواع الخبز

من أنواع الخبز: خبز الطابونة، وخبز السميد، خبز الفينوا، وخبز الطليان، وخبز القاليط، والمبسوط، والجردقةً، وخبز العيد، و خبز الدار…خبز الدار كانت ربة البيت تصنعه من السميد، أو من فارينة وسميد، فهي تعجنه مع شيء من الخميرة التي تصنعها المرأة الشاطرة بنفسها وتبقيها لوقت الحاجة…
فإذا استوت بالعجن وتخمرت، تكون قد تهيأت (للكوشة ،،،للمخبزة) وقد وضعتها في طبق من حديد أو نحاس، أو تضعها فوق لوحة نظيفة طولها وعرضها ذراع…هذه (الخبزة دياري) من يأخذها للكوشة؟

دور ‘الطراح’

هنا يظهر (الطراح) وهو صبي، مراهق، هو في الغالب من عائلة فقيرة، لم يتعلم أو انقطع عن التعلم…يتخذ منه الخباز الكواش معينا له في عجن عجين الخبز، ويبعثه ليطوف على بيوت الحومة، وكل ربة بيت عجنت وأعدت الخبزة، ووضعت عل خبزتها علامته…والعلامة مميزة، قد تكون فولة أو حمصا أو ثقبا وعلى اللوحة مع الخبزة خبزة صغيرةً في حجم الكف تسمى (البِيّة، بكسر الباء وتشديد الياء) هي أجرة (الطراح)…

والطراح يجمع (البِيّات) ويحوّلها إلى خبز يبيعه…وكان الطراح يدخل البيوت دون حرج، وقد يساعد ربة البيت في صنع حلويات العيد…وكان أولاد الحومة يعاكسون الطراح بأغنية شعبية يقولون فيها (طراح الحومة مرتو فطومة، طراح الكوشة مرتو عيشوشة، طراح البية مرتو عربية…كان الطراح، وكان خبز الدار في عهد أجدادنا لأنه كان من العار على الصفاقسي أن يشتري (خبز الكوشة)…وإذا احتاج واشتراه يخفيه ويضعه في طربوشة البرنس…

انتهى عهد ‘الطراح’

لكن في عهد الحماية، ظهر (الخبز السوري طليان وفينوا وغيرها، وتفنن الكواشة في صنع الخبز، وكثرت المخابز، وصارت العائلات تأكل (خبز السوق ) دون حرج…
ولكن بقيت بعض العائلات يعددن ويعجن خبز الدار، ورب البيت أو ولده يأخذها للمخبزة دون حرج، وانتهى (عهد الطراح) لكن بقي يذكر للتاريخ ونترحم عليه، فبماذا يذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما…وأنا أحب أن أفهم….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى