محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ أعلام عاشوا في صفاقس ثم ودعوا: المؤدب محمد كانون

كتب: محمد الحبيب السلامي
ولد محمد كانون في صفاقس سنة 1883…ويظهر أنه أصيب في صغره بمرض في عينيه تسبب له في ضعف البصر، كما أصيب في إحدى يديه فقُطع جزء من ذراعه، لكنه مع ذلك بقي قادرا على العمل بيديه وقادرا على القراءة والكتابة…
حفظ القرآن
حفظ القرآن وارتوى من الفقه لذلك اختير أن يكون إمام خُمس ومؤدب صبيان في المشروع الديني التعليمي الذي سأحدثكم عنه…في حي بطريق العين من طرقات صفاقس يُقال له (العالية) يبعد عن المدينة بأقل من ثلاث كيلو متر كان الخباز كانون…وله ثلاثة أولاد، الصادق وأحمد أخذا عن أبيهما المخبزة والطاحونةً، أما ابنه الثالث محمد فقد تقدم أهل الفضل في المنطقة لتأسيس مشروع بنى في نصفه تاجر الزيت الفاضل السيد على الطرابلسي مسجدا ومئذنة وعيّـن فيه محمد كانون إمام خُمس…
زاوية
وتقدم التاجر في سوق الربع الفاضل السيد حسونة كمون فبنى في النصف الثاني من المشروع زاوية بها ثلاث قاعات لتعليم الأطفال القرآن والقراءة والكتابة…كما بنى بيتا لسكنى المؤدب محمد كانون…ولأن الزاوية بها ثلاث قاعات فقد انتدب المؤدب مؤدبين لمساعدته على التعليم…نذكر أولهم المقرئ الكفيف الفقيه قاسم شيحة، والمقرئ الكفيف سالم الصامت، والمقرئ عامر غربال…
كما تداول بعض المبصرين على تعليم الأطفال الكتابة والقراءة وقواعد اللغة والحساب، ونذكر من بينهم: الشيخ الزيتوني العالم الإمام حامد بوعتور، والشيخ الزيتوني العالم الإمام محمد بنحليمة، والشيخ الزيتوني حامد دريرة، والشيخ البشير بن حميدة…
تخرّج مئات الأطفال
وتمر عشرات السنين، ويستفيد مئات الأطفال من أبناء المنطقة من هذه الزاوية، ويتخرّج منها كثير واصلوا الدراسة في التعليم الزيتوني، وكنت من بينهم ومن تلاميذ الزاوية في الحرب العالمية الثانية، ويتخرج منها آخرون ليواصلوا الدراسة في التعليم الثانوي…
ويحفظ القرآن كله عدد من تلاميذ زاوية العاليةً ويشارك بعضهم في المسابقة الوطنية لحفظ القرآن التي تُنظمها جمعية الشبان المسلمين بتونس فينجح عدد من تلاميذ زاوية العالية، نذكر منهم، أحمد المنيف وأحمد بن محمد بوعتور، وأحمد بن علي السلامي…
وتمر عشرات السنين، ويدخل على المشروع تغيير وتحوير، فالمسجد توسع بانضمام قاعات الزاوية إليه، وتُبنى عليه صومعة أطول إلى جانب الصومعة الأولى القصيرة التي أذن فيها المؤذن صاحب الصوت الحسن القوي منصور النيفر، ويُفتح الجامع لصلاة الجمعة بإمامة الخطيب الشيخ الأستاذ حامد بوعتور، ثم الإمام المؤرخ الأستاذ رشيد الحبيب…
حان أجله
ويحين أجل المؤدب محمد كانون سنة 1975 فيودع الدنيا الفانية إلى الدار الباقيةً، ويودعه أهله، أولاده وأحفاده وأهل العالية وأحبابه بالرحمة وحسن الذكر…
فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟