عالمية

داخل مخبأ زيلينسكي السري: لا هواتف ولا ضوء ولا نوم!

يتمتع مقر إقامة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمدى الظلام الذي يحيط بالداخل، حيث تُغلَق كل ستارة ويُطفَأ كل نور لتقليل خطر استهداف المبنى بالهجمات الجوية أو القناصة، بحسب ما رصدت صحيفة The Times البريطانية، الأحد 19 فيفري 2023.

بنكوفا، اسم مقر رئاسة الوزراء في أوكرانيا يتشكل من كتلة خرسانية داخلها مجموعة من المكاتب، محاطة بحلقة من الفولاذ، فيما تصطف نقاط التفتيش مع حراس مسلحين في كل شارع محاط بالمجمع، ولا يسمح بالدخول إلا لمن لديهم وثائق محددة، كما لا يمكن للسيارات المدنية الاقتراب، والجنود يطلبون من المشاة كلمات مرور سرية تتغير يومياً.

تدبير مؤقت؟

مراسل الصحيفة البريطانية افترض سابقاً أن الظلام كان تدبيراً مؤقتاً بسبب الهجمات الروسية، لكن قيل له إنه سمةٌ دائمة، حيث لم يتمكَّن حتى من رؤية قدمه، ولم يعثر على طريقه إلا بفضل ضوء هاتفه.

في وقت سابق من ذلك اليوم، احتجزه مسؤولو الأمن عند إحدى نقاط التفتيش وقادوه في شاحنة عبر المزيد من الحواجز قبل الدخول إلى فناء عبر مجموعة ضخمة من البوابات المعدنية. وفي داخل الحي الحكومي، كانت النوافذ والأبواب محجوبة بأكياس الرمل.

منذ بداية الحرب، كانت هناك محاولات اغتيال عديدة لزيلينسكي. في مارس 2022، كشف أوليكسي دانيلوف، رئيس مجلس الأمن القومي الأوكراني، أن زيلينسكي نجا من ثلاث محاولات اغتيال في أسبوع واحد فقط.

جلس المراسل في غرفة الانتظار، وكان لا يزال على ضوء الهاتف ليرى ما يدور حوله، فشاهد مستشارين عسكريين يرتدون الزي الكاكي وهم يدخلون ويخرجون من المكاتب الرئاسية.

ضرب مقر الحكومة

بالكاد كان الموجودون في المكان يصدرون صوتاً عندما بدأت الغارات الجوية للمرة الرابعة في ذلك اليوم، ولم يتحرك أحد نحو المخبأ تحت الأرض. وبحسب مسؤول حكومي، فقد استُخدِمَ المخبأ مرة واحدة فقط في الأشهر الأخيرة، بعد ورود معلومات استخباراتية خلال الصيف تفيد بأن الروس كانوا يخططون لضرب مقر الحكومة.

ظهر قائد عسكري يحمل خريطة كبيرة مطوية تحت ذراعه، من أحد المكاتب الفخمة، حيث كانت الحكومة العسكرية تعقد اجتماعاتها. انطلق في ممر عليه نقاط إطلاق نار لمساعدة القوات الأوكرانية على حماية الرئيس في حالة وقوع حصار.

ظهور الرئيس

بعد ذلك بوقت قصير، قفز جندي جالس في مكان قريب واقفاً على قدميه. ولفت الانتباه الآخرون في الغرفة إلى أن زيلينسكي، الذي يمكن التعرف عليه بوضوح بقامته القصيرة وغطاء الرأس الذي يرتديه والمكتوب عليه عبارة “أنا أوكراني”، سار في الغرفة متبوعاً بمجموعة من المستشارين.

كان أندريه يرماك، الصديق المقرب للرئيس وأكبر مستشاريه، من بينهم. كان هو وزيلينسكي قد عادا للتو من مهمتهما الدبلوماسية المكوكية إلى أوروبا، على غرار ضغط ونستون تشرشل في أمريكا خلال الحرب العالمية الثانية. كان يرماك متعباً، قائلاً إن الأمر استغرق “ثلاثة أيام طويلة” في الطريق.

كان العام الماضي بأكمله بمثابة اختبار تحمل لزيلينسكي ومسؤوليه، الذين يعملون 18 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع، وغالباً ما ينامون في مبنى مكاتبهم المظلم لحمايتهم، وبالكاد يرون عائلاتهم.

ضغط كبير

تمكَّن زيلينسكي، الذي لديه ابنة كبرى تُدعَى أوليكساندرا، من رؤية ابنه كيريلو، البالغ من العمر عشر سنوات مرة واحدة كل عشرة أيام. وقال أحد المساعدين لمراسلة الصحيفة البريطانية إن العيش في الظلام بعيداً عن زوجته أولينا وأطفاله شكَّل “ضغطاً كبيراً” عليه.

على مدار أسبوع، تحدث مراسل The Times إلى أقرب مستشاري زيلينسكي حول التحديات غير العادية التي واجهتها الإدارة في 12 شهراً منذ غزو روسيا.

هجوم الربيع

يرماك، محام سابق، هو رئيس مكتب الرئيس. ورغم أنه نادراً ما يجري مقابلات، وافق على مقابلة المراسل في إحدى غرف الاستقبال المزينة بالثريا والأوراق الذهبية في بنكوفا.

قال يرماك: “نحن نعلم أنهم يستعدون لهذا الهجوم. إنه وضع صعب”.

كانت الأزمة المباشرة خلال زيارة مراسل الصحيفة البريطانية هي المعركة الوحشية للسيطرة على باخموت، وهي مدينة صغيرة في شرق أوكرانيا كانت ذات يوم موطناً لصناعة تعدين الملح المزدهرة وأكثر من 70 ألف شخص.

ولا يزال 6 آلاف ساكن يعيشون في الغالب تحت الأرض بدون كهرباء أو ماء أو تدفئة. ذكرت التقارير أن معركة باخموت التي استمرت لأشهر قد راح فيها مئات الأوكرانيين والروس كل يوم.

يقول يرماك إن أوكرانيا لن تتخلى عن باخموت أبداً: “إنها لنا ونحن ندافع عنها ولا نخطط للمغادرة”.

المصدر: التايمز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى