الصريح الثقافي

بنزرت تعيش على وقع  ثلاثة أحداث مفرحة/ مؤلمة: مهرجان، إعفاء وفراق

هل هي الصدفة أم القضاء والقدر أم كلّ ذلك معا، أن تعيش ولاية بنزرت، و في يوم واحد، بين دمعة و فرح لأحداث ثلاثة أوّلها مفرح و ثانيها مؤلم و ثالثها محزن.

1/الفرح، بالدورة التاسعة لمهرجان حسيبة رشدي ببازينة:

هذا الخبر المفرح تمثّل في انطلاق الدورة التاسعة لمهرجان حسيبة رشدي  للموسيقى و السينما و ذلك يوم 14 مارس ليتواصل إلى يوم 16 مارس الجاري حيث كانت الانطلاقة بدار الثقافة ببازينة  و بحضور ضيوف  على غرار الممثلة القديرة سلوى باعتبارها تقاسمت مع الفنانة حسيبة رشدي الأدوار في الشريط السينمائي ” الفجر ” و أيضا بحضور الفنانة أمينة الصرارفي باعتبار و أنّ والدها  قدور الصرارفي عايش الفنانة حسيبة رشدي و لحّن لها بعض الأغاني إضافة إلى الفنان عبد الوهاب الحناشي و الإعلامي الإذاعي حبيب جغام فضلا  عن الدكتور عبد الرحمن المرساني مؤلف كتاب ” حسيبة رشدي عذابات طفولة و مجد فنانة “
وكذلك بحضور رسمي في شخص السيدة وفاء العريف، معتمدة جومين التي أعطت إشارة انطلاق هذه الدورة الجديدة  بمعية السيد خالد العبيدي، المندوب الجهوي للشؤون الثقافية ببنزرت زائد وسائل الإعلام بمختلف محاملها و المتتبعين لمسيرة الفنانة حسيبة رشدي عموما. فقط ملاحظة أخيرة حول هذه المناسبة و أنّه منذ دخولك لمنطقة بازينة لا توجد أي معلقات أو لافتات تدّل أو توحي بأنّ المنطقة تعيش مهرجانا بحجم مهرجان حسيبة رشدي للموسيقى و السينما، نرجو بكل لطف من المشرفين على مثل هذا المهرجان تلافي هذه الناحية.

نشاط اليوم الأوّل من المهرجان:

برنامج اليوم الأول، الذي تقاسم فيه التنشيط كل من الحبيب جغام و رشيد البكاي، انطلق بعرض شريط وثائقي، بعنوان ” كما لو كانت بيننا ” أعدّه الزميل رشيد البكاي، عن حياة الفنانة حسيبة رشدي و مسيرتها الفنية على امتداد أكثر من 7 عقود من العطاء بين المسرح و الغناء و السينما و تنقلاتها من مسقط رأسها ببازينة مرورا بماطر و بنزرت و صفاقس و ووصولا  لأمريكا و مصر و العودة إلى تونس ليتم بث كذلك حوار إذاعي، جمع بينها و بين حبيب جغام، تكشف من خلاله عن بعض الردهات من حياتها و مسيرتها عموما، لتنطلق بعض الشهادات الحيّة لبعض الحضور، حيث بيّنت الفنانة أمينة الصرارفي و أن الفنانة حسيبة رشدي تعتبر من بين أهم أربع نساء اعتلين الركح في ظرف اجتماعي صعب من حيث نظرة المجتمع إلى المرأة عموما. مؤكدة في نفس السياق و أنّ والدها المرحوم قدور الصرارفي هو من لحّن لحسيبة رشدي أغنية ” سوق الجمال ” لتتحف الحضور و بصوتها بأغنية ” يا اللي عيونك في السماء ” في حين تقول الممثلة سلوى محمد و أنّ سعيدة جدّا لحضور هذه الدورة 9 للمهرجان  و سعيدة أيضا لزيارتي لهذه المنطقة الريفية الجميلة، مضيفة و أنّ شاركت المرحومة حسيبة رشدي في أداء دور ابنة حسيبة في فلم ” الفجر ” و كانت أيقونة في عصرها و عهدها. الدكتور عبد الرحمان المرساني من جهته أضاف و أنّ الفنانة حسيبة رشدي كان لها علاقات مع أغلب الفنانات في مصر من أم كلثوم و عبد الحليم و كذلك في المجال السينمائي.
هذا و أضاف الإعلامي الأمين الشابي و أنّ تاريخ حسيبة رشدي حافل بعدة محطات هامة في حياتها فهي المرأة التي افتكت حريتها في مجتمع له نظرة دونية للمرأة عموما و هي التي لم يتجاوز سنها الـ  11 سنة و أيضا هي من كوّن نفسها بنفسها  باعتبارها المرأة الأميّة التي ناضلت من أجل أن تتعلّم الكتابة و القراءة و هي أيضا الفنانة التي غارت منها أم كلثوم و وقفت إلى جانب عبد الحليم حافظ في ” ديو ” غنائي و تركت العشرات من الأغاني التونسية، و هي الممثلة السينمائية التي أنجزت بمصر لوحدها 5 أفلام إلى جانب أهم النجوم السينمائية في مصر  في تلك الفترة.

وللأطفال نصيب في تأثيث المهرجان:

هذا تخلل هذا اليوم الأوّل تقديم العديد من الرقصات و الأغاني و الأناشيد لأطفال نادي روضة ”   P. KIDS ” وذلك تحت اشراف مديرة هذه الروضة وئام المرساني و من بين ما قدمه الأطفال أغنية ” سير يا لزرق سير ” لحسيبة رشدي، و أيضا ” يا تونس الخضراء ” و أنشودة الترحاب بالضيوف و كان كلّ الأطفال بناتا و ذكورا يرتدون الملابس التقليدية التي زاداتهم جمالا على جمال البراءة التي كانت تشع من وجهوهم و ملامحهم البريئة، دون أن ننسى كرم أهالي بازينة و ما قدموه لضيوفهم من أكلات تقليدية تعكس عراقة هذه الجهة و تجذرها في الأصالة و الكرم فضلا عن بعض التكريمات التي تمّت في هذا اليوم الأوّل.

بقية برنامج المهرجان:

في اليوم الثاني للمهرجان ( 15 مارس ) يتابع أبناء الجهة بعض الورشات سواء في صناعة السينما أو التصوير الفتوغرافي أو حول كتابة السيناريو و التصوير السينمائي ليختتم هذا اليوم الثاني بعرض موسيقي لمجموعة ليالي الأنس من بنزرت بقيادة الفنان محرز خليل و بمشاركة المطربين هيثم عمر و كريمة عمارة. أمّا اليوم الثالث و الأخير فيتضمن حلقة نقاء بعنوان ” حسيبة رشدي بقلوبنا ” إلى جانب ورشات فنّية و يختتم بحفل موسيقي تحييه الفنانة علياء بلعيد.

2/الألم، لإعفاء مندوب الثقافة و هو يشرف على المهرجان:

خالد العبيدي، بصفته مندوب للشؤون الثقافية بولاية بنزرت، ليس في حاجة إلى شهادة من أي جهة كانت بل أعماله و إنجازاته و تفانيه في اشعاع الثقافة عموما، محليا و جهويا و حتى عالميا تغني عن أي  شهادة أو كلام لجديّة هذا الرجل و نظرته الاستشرافية و نظافة يديه و سموّ أخلاقه و حبّه و تفانيه في عمله  و حبّه لبلاده العالية و توازنه و صانته عدم التميز بين هذا أو ذلك بل لم يتحيّز إلاّ للمبادرات و الاقتراحات الثقافية الجدّية و التي تزيد الجهة اشعاعا في أكثر من مجال.
ولكن في اليوم الذي يشرف فيه بنفسه على انطلاق مهرجان حسيبة رشدي في دورته التاسعة، ينزل خبر اعفائه من مهامه كالصاعقة على الجميع وهو الناشط و المتحفز و المشجع و المؤطر لكل من يخدم الجهة ثقافيا.. والكلّ وضع العديد من نقاط الاستفهام بعد اعفاء هذا الرجل المناسب في المكان المناسب و رغم هذا الاعفاء أبى خالد العبيدي إلاّ أن يواصل مشاركة الجميع في هذا اليوم الأول للمهرجان و الذي كان وراء احداثه منذ سنة 2014.
هذا و قد قال بالمناسبة كلمة جاء فيها بالخصوص ” أنا من كان وراء بعث هذا المهرجان منذ سنة 2014 و أنا من تمّ اعفاءه كمندوب للثقافة في يوم انطلاق نفس هذا المهرجان في دورته التاسعة  
وجسدت ثقافة القرب عبر سجنان وغزالة و منزل بورقيبة و ماطر و غيرها و أتذكر أني حين كادت أن تصبح  سجنان امارة سلفية، صمدت و لم أسلم العهدة إلاّ بعد أن رجعت سجنان منارة للثقافة
وأنا لن ابتعد و سأبقى في الصف الثاني و الشكر الموصول لوزيرة الثقافة و شكرا للجميع ” إلى درجة أنّ أحد الحاضرين قال تعليقا على عملية الاعفاء هذه ” لقد خسرنا مندوبا ثقافيا ناجحا و ربحنا انسانا وطنيا صادقا”

3/الحزن، لفراق العزيزة بسمة، مندوبة المرأة ببنزرت:

الحزن لفقدان بنزرت للعزيزة بسمة العوني، مندوبة الطفولة و المرأة و كبار السن ببنزرت و معتمدة بنزرت الجنوبية سابقا و التي وافاها الأجل بعد صراع مع المرض و الذي لم يمهلها كثيرا لتنتقل إلى جوار ربها. هذا و قد ودعها، يوم أمس الثلاثاء أبناء بنزرت بمسؤوليها   يتقدمهم والي الجهة سمير عبد اللاوي و بحضور وزيرة المرأة السيدة آمال بالحاج موسى و كل  زملائها و أصدقائها و أفراد عائلتها و كل من يعرف الفقيدة، الوداع الأخير ليتم مواراة جثمانها الطاهر بمقبرة العين ببنزرت. و بهذه المناسبة الأليمة لا نسأل الله إلاّ أن يغمرها برحمته و ان شاء الله في جنّات الخلد.

مواكبة الأمين الشابي

صور زهور بوشــان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى