صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: هؤلاء، نقبّل نعالهم وأياديهم لأنّهم فخر الأمّة…

chebbi
كتب: الأمين الشابي

ما قيمة الحياة، إن لم تكن أعمدتها التوق إلى الحرية و الصمود أمام كلّ ما من شأنه يسلب الإنسان حريته و يجعله مكبّلا و خانعا و لا إرادة له أمام غطرسة المستعمر أو الإقطاعي المهيمن. و ما قيمة الحياة كذلك، ان لم تنبن على أساس المبادئ و القيّم…

ولكن بعض الدول، رغم ادّعائها لحمل هذه المبادئ و القيم، والعمل على تسويقها لغيرها، إلاّ أنّها تمارس فعليا عكس ذلك تماما. و ما تأتيه هذه الدول و على رأسها ماما أمريكا و الكيان الصهيوني المجرم إلاّ دليل قاطع على انفصام شخصية دولة أمريكا و هذا الكيان المجرم و البيدق…

معنى الرجولة

ولكن في المقابل، نجد رجالا و دولا كذلك، بكل ما تحمل معنى الرجولة بكل ما تعنيه من معاني الرجولة و الشجاعة و عدم القبول بحياة الذّل، و كأن لسان حالهم يقول ” عش عزيزا أو مت و أنت كريم ” و هؤلاء هم بلا شك في مقدمتهم الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وشرائحه و مستوياته و برجاله ونسائه وأطفاله وشيوخه و مقاومته و أطبائه و إعلامه و دفاعه المدني و أمنه و سياسييه. و لكلّ هؤلاء ننحني احتراما و اجلالا لهم و لصمودهم، رغم كلّ ما يأتيه الكيان الصهيوني المجرم في حقّهم من انتهاكات على كلّ المستويات.

تحيّة اكبار إلى صمود شعب الجبارين

نعم صدق الشهيد ياسر عرفات، حين وصف الشعب الفلسطيني بـ شعب الجبارين…
وقد تأكّد هذا الوصف في ما يعيشه الشعب الفلسطيني، و بكل صبر و تحمّل، لكلّ أنواع التنكيل من قبل كيان مستعمر لا تعرف جرائمه أيّة حدود. و هو يتلذّذ قتلهم و تشريدهم و تركهم يبيتون للعراء بلا مأوى و لا أكل ولا دواء و لا حليب للأطفال، بعد أن قطع عنه هذا المستعمر كلّ ما يمت للحياة بصلة؟
ورغم كلّ ذلك مازال هذا الشعب الأبّي صامدا ومتمسكا بأرضه، بل نراه يرسم أبهى صور التآزر و اللحمة بين كلّ أفراده. فتراه كخلية نحل و هم يبحثون عن شهيد أو يرفعون جريح أو يبعدون حجارة و ينبشون ولو بأيديهم و أظافرهم عن أحدهم يطلب النجدة من تحت الأنقاض. ذاك هو شعب الجبارين. و عليه، ننحني اكبارا لصبره و صموده و خاصة تمسكه بأرضه رغم الداء و الأعداء و رغم القهر و الظروف الصعبة و رغم الدّماء الزكية التي سالت أنهارا.

وللجيش الأبيض، قبلة على الجبين

للأطباء و لكلّ الكوادر الطبية و شبه الطبيةـ نرفع القبعة وننحني أمامهم لما بذلوه من جهد و مواقف مشرفة لإنقاذ حياة الشعب الفلسطيني التي عبثت بحياته و صحته آلة الحرب الصهيو – أمريكية.
نعم هؤلاء هم برتبة مقاوم في صمودهم رغم كلّ ظروف التي عليها المستشفيات من قلّة المعدات و الأدوية و التدمير و خروج العشرات عن العمل من هذه المراكز الصحيّة، ورغم العمل تحت صولة العدو و أصوات آلته الحربية، بل عديد منهم قضى نحبه و لم يفارق المستشفى. و كثير منهم من تمّ أسره، وكثير منهم أضحى من الجرحى، ورغم ذلك لم يرفعوا العلم الأبيض و لم يرموا المنديل بل واصلوا واجبهم المهني.
لكل هؤلاء قبلة على الجبين لحبهم لوطنهم وحبّهم لفلسطين و تضحياتهم من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه بالرغم من كلّ وسائل الضغط المسلطة عليهم.

الإعلام كشف الجرائم فنال نصيبه قتلا و بطشا

الإعلام هو الآخر، كشف المستور وأظهر للعالم مدى إجرامية هذا الكيان العنصري، و مدى تعطشه للدم الفلسطيني… وهذا اللون من النضال عبر الكلمة و الصورة هو ما أصاب الكيان في مقتل، باعتباره حمل إلى كلّ العالم ما يرتكبه هذا الكيان من جرائم للإنسانية و القتل على الهوية…
وعليه، طاله هو الآخر نصيبا من غطرسة العدو حيث سقط أكثر من 100 شهيد و الكثير من الجرحى بل و طال القتل حتّى بعض عائلات هؤلاء الإعلاميين و المصورين و ما فقدان مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح إلاّ أنموذج من الاعتداء الكيان الصهيوني على الإعلاميين. لعلّه بذلك يصمت صوته و يتوقف عن فضح جرائم هذا المستعمر عبر الكلمة و الصورة و التوثيق.
فلكلّ رجال الإعلام تحيّة الصمود و تحيّة النضال لتطويع الصورة و الكلمة لفضح غطرسة هذا العدو و بالتالي ” نشدّ على أياديكم ” حتى يظل هذا الإعلام المدافع الأول عن الشعب الفلسطيني و الكاشف عن كل الإجرام و الغطرسة الاستعمارية للكيان في حق الشعوب.

وللمقاومة نصيب الأسد من الاحترام

للمقاومة بكلّ أطيافها وبكلّ ألوانها، نقول لها شكرا و ألف شكر لكلّ المقاومين الشرفاء، لأنّكم بالفعل رفعتم رأس الأمة العربية والإسلامية بصمودكم و خبرتكم و تكتيكاتكم الحربية رغم انخرام التوازن بينكم و بين العدو الصهيوني عدّة و عتادا و عددا. و شتّان بين من يدافع على قضيته و أرضه و عرضه و وطنه و بين من هو مهزوز و مهزوم من الداخل لأنّه يعي أنّه لا قضية له ليدافع عنها.
وما متابعة كل الشعوب لصمودكم الأسطوري وإيلام العدو في مقتل بين صفوفه و عتاده و عدته و خسائره – التي يتستّر عليها – إلاّ عنوان و بشائر لنصر قادم إن شاء الله. بل و برهنتم و أنّ هذا العدو لا يفهم إلاّ لغة القوّة و فوهة المدفع و الإرادة و التصميم في مقارعته رغم محدودية الوسائل المتاحة. و بالتالي، فأنتم لا تستحقون فقط أن نقبّل أياديكم بل و أيضا نعالكم التي داست على كبرياء و تسلط و اجرام هذا العدو الصهيوني المتكبر و العنصري و اللاّ انساني و كبدّته ما لم يكن على باله و بعثرتم كلّ مخططاته بالرغم من مساندته تقريبا من قبل كلّ العالم الغربي سرّا أو علانية وحتى لا نقول أيضا من قبل بعض الأنظمة العربية.

الشعوب الحرة هي صوت الحق

عنصر له أهميته في الضغط على الأنظمة التي تساند هذا الكيان المجرم و تشاركه في البطش بالفلسطينيين بل و تسانده بالعتاد و المال و في المواقف الدبلوماسية وفي أروقة الأمم المتحدة والمحافل الدولية عموما. هذه الشعوب لم توقفها الحدود بل خرجت، و في كلّ الدول تقريبا، في مسيرات و مظاهرات لتقول لأنظمتها كفاكم مساندة لعدو يقتل الأطفال و النساء و يهدم البيوت على رؤوس أصحابها و يهدم المدارس و المساجد و الكنائس و المستشفيات و يقتل الفلسطينيين على الهوية.
هذه الشعوب غيّرت، و لو قليلا، من مواقف أنظمتها و لينت البعض منها بل غيّرت وجهتها تماما في جهات عديدة.
هذه الشعوب الحرّة تسحق تحيّة اكبار و اجلال لمواقفها الإنسانية، و التي لا تصمت عن الظلم مهما كان مأتاه و مصدره. و هذا هو المكسب الأهم في العلاقات بين الشعوب، الكل يتضامن مع الكل مهما اختلفت الديانات و اللغات و الحدود.

كلمة أخيرة

كلمة أخيرة، نرسلها إلى الجهات التي تساند الظلم والقتل و الاعتداء على الشعب الفلسطيني الأبّي و تحول دون حصوله على استقلاله وحريته، و ذلك عبر تقوية العدو الصهيوني بالسلاح و العتاد و العنصر البشري و التكنولوجيا الحديثة، إمعانا في قتل الفلسطينيين و ابقائه يرزح تحت نير استعمار غاشم و عنصري.
لكل هؤلاء نقول و أنّ التاريخ علّمنا و أن الاستعمار مهما طال فهو إلى زوال. و بالتالي ستبقى مواقفكم المساندة للظلم و الاستعمار وصمة عار على جبين أنظمتكم الفاشية. بل دعنا نقولها من الآن فإنّ النصر آت.. آت .. مهما طال ومهما كانت مساندتك للجهة الغاصبة.. و لكم أن تنظروا بعقلانية إلى ما حققته المقاومة في صفوف هذا العدو لتفهموا و أنّ النصر قريب..قريب..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى