صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: لا اعتماد على الأمريكان ولا ثقة في الكيان

chebbi
كتب: الأمين الشابي

حادثتان على العرب، كلّ العرب، أن يجعلاهما نصب أعينهم والانتباه إليهما في علاقتهم مع الأمريكان ومع الكيان الصهيوني. الحادثة الأولى، تتمثّل في تنكّر الولايات المتحدة إلى شاه إيران حين طلب منها اللجوء إلى أمريكا بعد الإطاحة به ابّان الثورة الإسلامية في إيران ورفضت طلبه…

أمّا الحادثة الثانية فهي مقتل رئيس وزراء الأسبق للكيان ” إسحاق رابين ” بعد توقيعه اتفاقيات سلام مع الزعيم الراحل ياسر عرفات في أوائل التسعينات من القرن الماضي.
وللتذكير فقط، فإنّ ” إسحاق رابين ” تمّ اغتياله من قبل أحد المتطرفين اليهود ويدعى ‘ايجال عامير’ و ذلك خلال شهر نوفمبر من سنة 1995، بعد توقيعه معاهدة السلام مع الفلسطينيين، حيث وصف آنذاك، اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء الحالي للكيان) إسحاق رابين بالخائن…
زد على هاتين الحادثتين، ما ذهب إليه أحد منظري السياسة العالمية حول اختيار جهة توطين اليهود في قلب الأمّة العربية…

لا عهد ولا ميثاق

ذكرت هذين الحادثتين حتّى يفهم البعض من الدول العربية أو الإسلامية ماهية هذين الكائنين ( أمريكا و اسرائيل) بأنّه لا عهد لهما و لا ثقة في فيهما. ولكم استخلاص العبرة من الحاثتين المشار اليها، حتّى يتبيّن، سواء لجمع المهرولين نحو التطبيع مع هذا الكيان الذي اغتيال رابين لمحاولته الاقتراب من إنهاء القضية العالقة منذ عقود من خلال (اتفاقية سلام مع الفلسطينيين)، أو مجموعة الدول العربية أو الإسلامية التي ما زالت تعتقد وأنّ الولايات المتحدة هي الحامي والضامن لتربع بعض الأنظمة على عرش الحكم.

فلتتأكدوا أنّ المصالح الخاصة للولايات المتحدة هي الدافع الوحيد واليتيم لمسايرتكم و ” مصادقتكم ” والتعاون معكم. وعندما تنتهي هذه المصالح لديكم، سيرمى بكم على الأرض كما تلفظ بقية السيجارة بعد تدخينها، كما حدث مع شاه إيران رغم ما قدّمه من ” خدمات جليلة لهم “.
ومن هذا المنطلق، وأنّ على كلّ عاقل من الحكام العرب أو المسلمين، وقد أثبتت له التجربة والتاريخ حقيقة هذين الكائنين، أن يعتمد على نفسه وعلى قدراته وعلى مصالحة شعبه، الذي هو الأقدر على حمايته يوم تقع المظلة الأمريكية. ونفس النصيحة يتم توجيهها للذين يعتقدون وأنّ التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، يعدّ ضمانة هامّة لحمايتهم، فهو مخطئ و زائغ عن السبيل السّوي. لأنّه وببساطة هذا الكيان، كيان مجرم ولا يعتبر وأنّ العربي كائنا بشريا…

لماذا تمّ اختيار فلسطين لتوطين اسرائيل

في البداية، لم يتم الاختيار على فلسطين لتوطين الصهاينة (هروبا من الهولوكوست ) بل كانت الفكرة في توطينهم أما في أوغندا أو أوكرانيا، إلاّ أنّ الروس وقتها اشترطوا أن تكون إسرائيل منزوعة السلاح كشرط لاستيطانها بأوكرانيا.
وهنا يطرح سؤال مفاده لماذا فلسطين؟ الجواب ينقسم إلى شقين: الأول يتعلق بطيبة الفلسطينيين الذي كان سببا رئيسيا في الاستيطان على أرضهم. حيث قبل الفلسطينيون اليهود على العيش معهم كرعايا، على غرار ” غولدا مائير ” ومناحيم بيغين الذين كانا يحملان جوازات سفر فلسطينية… وبالتالي لكان الهيكل المزعوم ولا أرض الميعاد.

والشق الثاني يتعلق بما كتبه المنظر البريطاني ” برنارد أوليس ” و هو منظر الصهيونية العالمية و الذي قسّم العالم إلى، ثلاث فئات، الفئة الأولى و هي الفئة النشطة ( و هي كما يراها هذا المنظر امتداد للرأسمالية ) و فئة ثانية هي فئة غير مستقرّة و تعتمد على القوّة و البلطجة و على رأسها أمريكا و فئة ثالثة وهي الوطن العربي بما يحمله من إرث ثقافي و ديني و لغوي و تنموي. حيث يرى هذا المنّظر بأنّه إذا تركت هذه الفئة الأخيرة لتنمو نموا طبيعيا ستكون خطرا على العالم كلّه، لذلك رأى أنّ توطين الصهاينة في هذه الفئة العربية سيكون له أبعاد كثيرة خاصة بما تكتنزه هذه الفئة من مدخرات طبيعية و من ثمّة تعطيل ” تعملق ” هذه الفئة العربية عبر زرع هذا الكيان.

هذا ما ينتظرهم لو ….

وبدون الدخول في السيرة الذاتية لهذا الكيان وما فعله طيلة أكثر من 7 قرون في فلسطين المحتلة. وهذا ليس خافيا على أحد. ولكن سنكتفي في هذه الورقة بما يدور حاليا بفلسطين من حرب ظالمة. فلو لا قدّر الله انتصر هذا الكيان ومن وراءه من الغرب في معركته الحالية ” طفوان الأقصى ” لحلّت الكارثة على كلّ العرب لأنّ مخططه هو أشمل من فلسطين ولبنان وغيرهما بل سيطال جلّ الدول العربية، وبالتالي تحقيق حلمه الكبير ” اسرائيل من الماء إلى الماء” على أساس مدّ خطّ تجاري بحري من الهند عبورا ببعض الدول العربية ووصولا إلى إسرائيل. ولكن العقبة الكأداء لتحقيق ذلك هو قطاع غزّة.
وما إن حدثت أحداث السابع من أكتوبر حتى استغلت إسرائيل الفرصة للعودة إلى حلمها ومشروعها. وبطبيعة الحال وراء الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة. وعلى أساس ذلك نفهم موقف الولايات المتحدة لرفضها وقف إطلاق النّار بل تحث الكيان على مواصلة الحرب لتحقيق هذا ” الإنجاز ” الكبير.
ولكن من ألطاف الله أوقفت هذا المخطط المقاومة الفلسطينية. لذلك هو أصاب الكيان الصهيوني الصرع والجنون ومن ورائه الغرب وعلى رأسه أمريكا، لأنّ مخططهم سيبوء بالفشل. والسؤال هنا أين الدول العربية ممّا يتمّ تخطيطه وخاصة منها دول الطوق؟

أين الدول العربية؟

الكلّ أكيد يتساءل لماذا لم تتحرّك الدول العربية لمساندة المقاومة وبالتالي كسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ حوالي عقدين من الزمن. أ ليس الوقت مناسبا لفعل ذلك خاصة أمام ما لحق الفلسطينيين من قتل وهدم لبيوتهم وتجويع و منع عنهم حتّى الدواء. بل وصل الأمر إلى العبث بالقطاع الصحي وطواقمه من قبل اسرائيل، تهديما وقتلا وتعذيبا وحبسا وحرمانا من أبسط ضروريات الحياة؟ وهل لابدّ من ضوء أخضر لهذه الدول العربية من أمريكا لتتحرّك؟ بالله عليكم يا أصحاب الجلالة وأصحاب الفخامة اثبتوا لشعوبكم ولو مرة بأن قراركم حر بدون الرجوع إلى أمريكا والتنسيق معها وارضاءها.
مصر العظيمة والأردن العميقة ماذا تنتظران لكسر الحصار وإدخال ما يستحقه الفلسطينيين من ضروريات؟ ان لم يحركما ما يعيشه أبناء فلسطين خاصة أطفال فلسطين ونساء فلسطين وشيوخ فلسطين فماذا سيحرككما؟
أين دول الخليج الغنية.. ولما هي صامتة وكأن ما يجري في فلسطين لا يهمها؟ أ لستم أهل النخوة وأهل الكرم؟ فلماذا لا تُنجدون الأطفال والنساء والشيوخ والجوعى والجرحى والمشردين فمتى تغيثون من يستحق الإغاثة؟ فلماذا تحركت دماؤكم حين تحركت روسيا ضد أوكرانيا ووقفتم معها بالعتاد والمال والدبلوماسية؟ أم أنّ الجانب الإنساني الخطير في غزة لا يهمكم والدماء الفلسطينية هي بدرجة أقل من الدم الأوكراني.؟ أ ليس من الغباء أن تقوم الدول العربية بدور المتفرج لما يحدث في فلسطين؟

آخــر الكـــلام

إنّ من يعتقد من الدول العربية وأن هذا الكيان سيصادقكم ويطيب معه العيش بعد القضاء على المقاومة الفلسطينية، فهو واهم؟ بل نقولها و بكل جرأة و صراحة و أنّ الفرصة مواتية لنجدة فلسطين و الوقوف إلى جانب المقاومة بقطع النّظر عن نعوتها، مقاومة إسلامية أو عربية أو غيرهما، فقد لا تتكرر هذه الفرصة، فلو، لا قدّر الله، انهارت المقاومة أمام الصلف الاسرائيلي برعاية أمريكية، بحكم عدم التوازن – عتادا و عدّة و عددا – فسيأتي عليكم الدور الواحد تلو الآخر. وقتها سوف لا ينفع النّدم؟ ونختم بالقول و أنّ إسرائيل و الغرب عموما، سوف لن تقتصر على فلسطين لتحقيق مشروعها المتمثل في إحداث الخط البحري المشار إليه سابقا بل ستطال دول عربية أخرى، باعتبار ما ستجني من ورائه اقتصاديا وماليا وهيمنة على العالم أمريكا وحليفتها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى