يوسف الرّمادي يكتب: ‘البقري والكرشة’

كتب: يوسف الرّمادي
من الأمثلة البليغة في لغتنا اليوميّة قولنا: ‘ما يَعْرِفْ البقري كان بالكرشة’…هذا المثل شائع في كثير من الجهات التونسيّة وعندما يضرب يُراد به من فهمه بطيء أو من هو عديم الفهم..
من نوادر السفر
هذا في تونس لكن خلال سفرتي البحريّة الأخيرة على متن الباخرة “كوستا فورتونا” الإيطاليّة التي تجوب عددا من مدن البحر الأبيض المتوسط خلال خمسة عشر يوما فتزور خلالها إيطاليا واليونان وتركيا وتونس وبرشلونا ومرسيليا، حيث كان الأكل متوفّرا طول اليوم وحتّى في الليل في المطاعم العديدة في شكل الـ »السالف سرفيس ” أي أن تختار بنفسك من بين ألوان عديدة من المآكل المعروضة أمامك بشكل جميل…
كان كـ العجل الثائر
وكانت توجد ـ بعد السلاطات المتنوّعة ـ أطباق من اللحوم المعدّة، المطبوخة بطرق مختلفة ومن بينها لحم الخنزير ولحم البقر، لكن كان من الصعب التفريق بينهما لذلك كانت زوجتي تسأل معيني الطباخين -المتواجدين لإعانة الحرفاء وملء الأطباق التي تفرغ ـ عن نوع اللحم هل هو خنزير أو بقري بالفرنسيّة وحيث أنّه لا يفهمها غالبا ـ إذ هذه العمليّة تتكرّر باستمرار- فقد كنت أتدخّل لأسأل بالأنقليزيّة عن الطبق الذي كانت تريد التزوّد منه هل هو بقري أي “بيف” فيجيب نعم وحيث يظهر عليها عدم الاقتناع بترجمتي فإنّه يصيح “مو…مو…مو ” مثلما تفعل البقرة وكان يصحب هذا “المواء” بحركات مضحكة تجعله بجسمه الضخم يشبه العجل الثائر الذي يستعدّ للنطح…
وبعد الضحك أقول لها المثل عندنا يقول “ما يَعْرِفْ البقري إلّا بالكرشة” وها أنّك على ظهر الباخرة لا تعرفين البقري إلا ب مو…مو… كلّ بلاد وأرطالها أو وأمثالها.
وبالمناسبة وأقول للمتربّصين أنّ صوت البقرة في لغتنا العربيّة يسمّى الخوار لا المواء…