صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: أيّ مستقبل لأنظمة تنحاز لأعدائها من أجل الحفاظ على السلطة؟

chebbi
كتب: الأمين الشابي

بلغة الأرقام لدينا 22 دولة عربية، بمختلف أنظمتها، الجمهورية والملكية والبرلمانية والعشائرية والكليّة وغيرها، هذه الدول في معظمها حباها الله بموارد طبيعية كبيرة، تعد أحد مصادر قوّتها الاقتصادية وبالتالي رخائها الاجتماعي…

ورغم كلّ المظاهر العصرية للبلاد العربية فهي في جوهرها قبائل تتنازع الغنائم والسلطة قبل بناء الدولة، بدليل سرعة انهيار بعض أنظمة هذه الدول العربية في لمح البصر، سواء بخيانات داخلية أو عبر مخططات خارجية.

والسبب حسب اعتقادنا المتواضع، أوّلا، يتمثل في غياب بناء الدولة على أسس المؤسسات. وثانيا، في أزمة الثقة بين الأنظمة وشعوبها؟ وهذا ما يفسّر تفكك بعض الدول في لمح البصر، والأمثلة كثيرة على غرار السودان وليبيا وسوريا واليمن، ومن يدري؟

أنظمة هشّة في غياب دولة المؤسسات

في قراءة سريعة لدولنا العربية، نجد وأنّ الحاكم العربي عموما، مع بعض الاستثناءات القليلة، أتى للسلطة إمّا بالوراثة.. أو عبر انقلابات كما حصل سابقا في مصر والعراق وليبيا والسودان أو عبر انتخابات ‘مضروبة’ حتى لا نقول شيئا آخر في بعض الدول العربية الأخرى. ونتحدّى، من يقدم لنا حاكما عربيا واحدا احترم مدّة حكم عهدته بصفة عادية؟

هشاشة بعض الأنظمة العربية، تدعوني للقيام بمقارنة بسيطة بينها وبين بعض الدول الغربية التي تشهد استقرارا يتولّد عنه تقدم اقتصادي ورفاه اجتماعي. في حين وأنّ جل الدول العربية، رغم ما حباها الله من مقدرات وخيرات، فإنّ جل شعوبها تعيش أوضاعا لا تُحسد عليها. وما الهجرة المنظمة أو غير المنظمة إلاّ أحد تجليات هذا الوضع.
ولنأخذ دول الغرب عموما، رغم شراسة حملاتها الانتخابية، إلاّ أنّها تحترم نتائج الصندوق وتلتزم بها بكل اريحية وشفافية، في حين أنّ بعض أنظمتنا العربية، التي تحتكم إلى الانتخابات عموما لانتخاب من يحكمها، كثيرا ما تتهم هذه الانتخابات بتزييفها من قبل معارضيها في غياب الشفافية عموما.

انعدام الثقة بين الأنظمة والشعوب

أيضا تفتقر بعض الأنظمة العربية، إلى الثقة المتبادلة بينها وبين شعوبها. وهذا ما يفسّر أوّلا، الاعتماد على القوة والجبروت في تسيير دواليب الحكم فضلا عن دوس معارضيها. وانعدام هذه الثقة المتبادلة، تساهم في انهيار هذه الأنظمة في لحظات لأي سبب من الأسباب لتجد هذه الشعوب فرصتها للانتقام من أنظمتها المتسلطة ولو كان الحاكم الجديد أتى على ظهر دبابة أو عبر صناعة غربية (وهذا ما حصل في العراق سنة 2003 وما يجري اليوم في سوريا) والأهم من كل هذا وأنّ الغرب عموما فهم نقطة ضعف الحاكم العربي والمتمثلة في تشبثه بالكرسي، فكانت المخططات تحاك والفخاخ والمطبات تدار وراء الأبواب المغلقة وعلى قدم وساق خدمة لمصالحه والسيطرة على مقدرات عالمنا العربي، وهذا لا يستحق لأدّلة لتأكيده.
بل والخطير وأنّ بعض الحُكّام لأسباب نعرفها جميعا، غير قادر على الدفاع عن قضاياه المصيرية أو مستقبل أجياله. وما الصمت العربي فيما يأتيه الكيان الصهيوني، على مرأى ومسمع بل وصمت من الأنظمة العربية، من قتل وسجن وهدم وتقطيع للأوصال وإبادة جماعية في حق اخوتنا الفلسطينيين، إلاّ دليل قاطع على ضعف ووهن هذه الأنظمة التي لا تقدر أن تقدم ولو رغيف خبز لطفل فلسطيني جائع أو جرعة ماء لشيخ، قد يموت من الظمأ أو لنجدة شعبا يباد على بكرة أبيه. أي الأنظمة هذه التي لا تقدر عن الدفاع عن بني جلدتها؟

لذلك تاهت البلاد العربية

وهكذا تظل البلاد العربية تراوح مكانها. أوّلا، بسبب تهرب الأنظمة من بناء دولة قويّة قوامها المؤسسات، وذلك حفاظا على حياة البذخ لديها والتمسك بالسلطة. المهم لديها أن يرضى عنّها الغرب ويحميها من ” تنطع شعوبنا”. وثانيا، إنّ ذاكرة الشعوب العربية قصيرة (شعارها الله ينصر من صبح)، زادها غياب ثقافة التوثيق والتقييم والمحاسبة لكل من ارتكب أخطاء في حق الدولة؟ باعتبار وأنّ الكل حذق فنّ التنصل من المسؤولية.
بل وكذلك في غياب زعامات عربية قادرة على تعبئة الشعوب وتوحيدها في إطار الهوية الوطنية وخدمة للحس الوطني بعيدا عن الولاءات والأجندات الفئوية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى