محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: النوري كمون

كتب: محمد الحبيب السلامي
عائلة كمون في صفاقس معروفة ومشهورة، يقول ماهر كمون في كتابه الثري الأنيق الذي تحدث فيه عن فروع جده (محمد سعيد كمون)…إن عائلة كمون أصلها من النواولةً، والنواولة فرع من الأعشاش السكان الأصليين بصفاقس…
عائلة كمون تفرّعت إلى فروع واختلفت في الغنى والفقر وفي العمل بين فلاحة وتجارة وإدارة، كما اختلفت في السياسةً…وفيها من عاش في صفاقس وكان له فيها دور وأثر….
في التعليم
صاحبنا الذي أحدثكم اليوم عنه، واحد من آل كمون سجل في تاريخ صفاقس صفحة…إن أباه محمد كمون، وإن أمه من عائلة الكراي التي اشتهرت بعدد من رجالها الصالحين…إنه لما ولد سنةً 1918 سماه أبوه (النوري) وبين والديه تربى وحبا ودب…
إنه لما بلغ سن الدراسة أدخله المدرسة، وفي المدرسة تعلم، وطوى سنوات الدراسة في مرحلة التعليم الابتدائي وتحصل على الشهادة الابتدائية…إنه النوري الذي خطا نحو التعليم الثانوي، وتحصل على شهادة في الاقتصاد، قرر أن يُوظف علمه في الميدان الذي يفيد الناس عامة والمرأةً خاصة في بلده صفاقس…
دخل تجارة القماش
كانت في صفاقس قبل الحرب العالمية الثانية سوق تُعرف بسوق الفرياني، في أغلب دكاكينها تجار صفاقسيون يبيعون القماش التقليدي من شرتل، وقمراية، وملف، ومديانة وكان الرجل الزوج هو في الغالب الذي يشتري له ولزوجته وبناته وأبنائه القماش المناسب من سوق الفرياني..
فالمرأة لا تطوف في الأسواق…إنه النوري كمون الذي أخذ دكان والده الكائن بجانب سوق بللعج، هيأه، وسّعه، وملأ مرافعه المتعددة بأنواع جديدة عصرية من القماش الذي يستهوي المرأةً…وتسامعت نساء صفاقس بدكان النوري كمون، وبلغتها أنواع وألوان قماش النوري كمون، فتجرأت كثير من النساء، وفتحن الأبواب المغلقة، وقمن بزيارات ‘بازار’ النوري كمون، واشترين الروبة من معروضات النوري كمون…
قماش النوري كمون
وقد وجدن في مغازته حسن الاستقبال من طرف الأعوان وصارت المرأة تفتخر بأنها تلبس من قماش النوري كمون، وخاصة بعد حرب عالمية ثانية افرغت فيها دكاكين سوق الفرياني من القماش…
إنه النوري كمون الذي أعطى النموذج والمثال، فظهرت بعده مغازات مثالية جميلة، تبيع الجديد من القماش المستورد من أوروبا بجديده وأنواعه، فكانت مغازات الجراية والمصمودي، والحكموني وغيرها…
عائلة النوري كمون
إنه النوري كمون الذي تزوج المرأة الفاضلة تراكي القرقوري، وأنجبا ذرية طيبة تثقفت وتعلمت، فكان ولده محمد مهندسا في النسيج، وفاروق دكتوراه في الإعلامية مسؤولا في التعليم العالي، وكان مصطفى مهندسا، وكانت ابنته الوحيدة سهام أول من أسسّت شركة للملابس الجاهزة…
ودع الدنيا
هذا النوري الذي عاش سنوات طفولته وشبابه بنشاطه، وجماله وأناقة شهرة مغازته العصرية يُصاب بمرض يفرض عليه ملازمة الفراش، والخضوع للأطباء والدواء، فلما جاء أجله ودع دنياه وودعه أولاده وأحفاده وأحبابه، وودعته صفاقس بالرحمة وحسن الذكر…
فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما، وأنا أحب أن أفهم؟