محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: محسن كمون

كتب: محمد الحبيب السلامي
ولد محسن كمون بصفاقس في 29 جانفي 1929، لما بلغ سن الدراسة أدخله أبوه مدرسة فرنسية عربية بصفاقس، مديرها (جان) الفرنسي،ومن معلميها في الفرنسيةً عمه الفيتوري كمون، وفي العربية عبد الله الجفناوي…من هذه المدرسةً فاز بالشهادة الابتدائية…
اختار التوجه نحو التعليم الزيتوني فتقدم للامتحان، فنجح في الدخول للسنة الثانية، مع صحبه، عبد العزيز التركي وأحمد التركي ومحمود البحري …وبعد ثلاثة شهور من الدراسة مرض محمود البحري بالحمى وتوفي، وتحسرت عليه فقد كان ذكيا خير صديق…تواصلت الدراسة ثلاث سنوات ،في آخرها فاز محسن وصحبه بشهادة الأهلية ..
في جامع الزيتونة
شهادة الأهلية أهلّت محسن لمواصلة الدراسة بجامع الزيتونة…اكترى مع عدد من الأصدقاء منهم محمد مزيد دارا…وواصلوا الدراسة ثلاث سنوات كان فيها صاحبنا محسن يراجع الدروس في الدار، ويطالع في المكتبات، ويتابع في جامع الزيتونة الدروس على عدد من المدرسين الذين يفاجئ بعضهم بأسئلته المشاكسة…
شهادة التحصيل
وفي نهاية الثلاث سنوات تقدم محسن لامتحان شهادة التحصيل، طوى مراحلها بنجاح وفاز بشهادة التحصيل التي تؤهله ليكون معلما لكنه واصل الدراسة…وأصبح رفاقه معلمين…قضى ثلاث سنوات في قسم التعليم العالي الشرعي بجامع الزيتونة…في نهايتها فاز بشهادة العالِمية…
في التعليم الابتدائي حفظ عددا من الأناشيد باللغتين..أثرّت فيه،أحبها…سقط في هواها، صار يدندن …في تونس العاصمة وجد معهد الرشيدية ومعهد الموسيقى…انخرط فيها فكان يجمع بين التعليم الزيتوني وتعليم الموسيقى…ونجح، وفاز بشهادات ثانوية وعليا في الموسيقى
يُدرّس الموسيقى
لم يطلب أن يكون بشهاداته الزيتونية معلما ولا مدرسا اللغة العربية والتربية الدينية وهو كفؤ لها وفيها…وإنما اختار أن يكون بهوايته وكمنجته أستاذ موسيقى…وانتدب لذلك فكان يقدم الدروس الموسيقية في المعاهد الثانوية….
سافر إلى ليبيا
وجد الفرصة فسافر إلى ليبيا، وقضى فيها سنوات يُدرّس الموسيقى في معاهدها، ويُوجه هواتها
ثم عاد إلى صفاقس…ووصل إلى مرحلة التقاعد فتقاعد…وهنا تقدم بشهادة التعليم الزيتوني لمناظرةً عدول الإشهاد…نجح، وانتصب مع والده محمود في مكتب والده بباب البحر ليتحملا معا مسؤولية الشهادة العدلية بعد أن كان والده من عهد الحماية (لوسي!) وهو ما يعبر عنه الآن عدل تنفيذ…ولما توفي والده أكمل مشواره وحده في مكتب والده..
محسن في أسرته
بعد أن أكمل صاحبنا مرحلة التعلم ودخل مرحلة العمل تزوج المرأة الفاضلة (حميدة مزيد) أخت صديقه ورفيقه في الدراسة محمد مزيد، وكان زواج مودة ورحمةً، فأنجبا من البنات اثنتين هما…هالة التي تأهلت بكفاءتها لتكون أستاذة في العلوم الطبيعية، وهاجر التي توظفت في مؤسسةً للأوراق الماليةً…وأنجب محسن كمون وزوجته ابنين هما هيكل وقد وجد مكانه في شركة صناعية، وهيمان شابه أباه فكان مثقفا ثقافة موسيقية أهلته ليكون متفقدا في الموسيقى…
وجاء أجله يوم 13 جوان 2020 ودع محسن كمون الدنيا الفانية بما فيها، وودعته زوجته وأولاده وأحفاده وأحبابه، وودعته صفاقس بالرحمة وحسن الذكر…فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما، وأنا أحب أن أفهم؟