صالون الصريح

يوسف الرمادي يكتب: كيف نُخَلِّدُ إنجازات البطلة أنس جابر؟

Youssef Remadi
كتب: يوسف الرمادي

لتكن البداية بأن نتّفق على أنّ ما قامتْ به أنس جابر في السنين الأخيرة يعتبر إنجازا لم يسبقها إليه أي مواطن إفريقي ولا عربي، لأنّ هذه الرياضة النبيلة “التنس” بقيتْ حكرا على الدوّل التي نسميها متقدّمة…

لكن أنس جابر نافستْ في هذا الميدان الصعب وتوّجتْ بأن كان ترتيبها الثانيّة عالميّا مع الحصول على بعض الألقاب الهامة فقد كانت فعلا سفيرة السعادة عندما كانت غيوم الهمّ والغمّ ملبّدة في سماء تونس…
وهذا ليس بالأمر الهيّن ويجب على “التوانسة” أن يواصلوا الافتخار به لأنّه أمر صعب المنال ويصعب الوصول إليه مجدّدا إلّا بتوفّر شروط سأذكرها بعد حين…

حتى لا تكون ‘بيضة الديك’

كلّنا يعلم أنّ السن الرياضيّة وإن طالتْ فهي قصيرة لأنّ الرياضة تعتمد أساسا على اللياقة البدنيّة التي تتضاءل بمرور الزمن. ورغم أنّ أنس جابر أظهرتْ في العديد من المناسبات أنّها مازالت قادرة على العطاء عندما تكون في حالة انتعاشة جسديّة وذهنيّة ـ وهذا لا يخفى على العارفين بشؤون الرياضة ـ فإنّ الواقع يدعو للتفكير في المستقبل حتّى لا تبقى نجاحات أنس جابر بمثابة “بيضة الديك ” التي لا تتكرّر ….

كي ‘نصنع’ أنس جديدة؟

وقد يتساءل البعض كيف يمكن تحقيق هذا؟

أوّلا وقبل كلّ شيء هذه مهمّة القائمين على رياضة التنس في بلادنا إذ من واجبهم تثمين ما قامت به “أنس جابر” بتذكير الناشئة به، ويكون ذلك عبر عرض أفلام مبارياتها وتتويجاتها وتعليق صورها في كلّ ملاعب التنس في بلادنا…ولما لا إقامة نصب لهذه الأيقونة في المكان المناسب الذي يخلّد ذِكرى هذه التي وَلَجَتْ باب العالميّة وستُبْقِيه مفتوحا مستقبلا للناشئة الرياضيّة في لعبة التنس…
وقد يتجاوز ذلك الناشئة التونسيّة إلى الناشئة العربيّة والافريقيّة إن عرفتْ تونس كيف تُثمّن وتُبرز هذه النجاحات، ومن الآن أسأل القائمين على لعبة التنس في بلادنا هل هناك بوادر مواهب في مدارس التنس تنبأ بالتميّز في المستقبل وما هي العناية التي نحيط بها هذه المواهب؟…
وهل نحن قادرين على تمكينها ممّا تستحقّه من تكوين عن طريق التربصات في الخارج التي لا مناص منها إن نحن نريد أن نجدّد العهد مع ما أنجزته أنس جابر…

أنس يجب أن تكون حاضرة…

كما أنّه على أوساط التنس في تونس أن توظّف أنس جابر شخصيّا وذلك بتمكينها من وضع تجربتها واسمها واشعاعها على ذمّة لاعبي التنس في بلادنا بالزيارات للمدارس، والمباريات الاستعراضيّة، والدروس التطبيقيّة وخاصة على اللقطات الفنيّة الرائعة التي سجلها تاريخ التنس العالمي لأنس جابر، والتي لا مفرّ للاعبي التنس في بلادنا مستقبلا من الاعتزاز بها و الاقتداء بها و أن تكون لهم بمثابة الحافز على التألّق…
ويقتنعون وهم يشاهدون بأمّ أعينهم أنّ ذلك ليس بالمستحيل وأنّ أنس جابر رغم الظروف التي لم تكن غالبا في صالحها كانت قادرة عليه…
فما بالك لو وَفَّرْنا للمواهب أحسن الظروف وخاصة أحدث ما توفّره الدول المتقدّمة من وسائل علميّة للتمارين.

رجال المال

بدون أن ننسى رجال الأعمال وأصحاب المال الذي نذكّرهم أنّ الاستثمار في هذا الميدان مربح وعليهم من الآن أن يتبنّوا المواهب ويوفّروا ما تعجز الدولة على توفيره ثمّ زيادة على الربح المادي هنالك نشوة أخرى عندما يشعر المتبنّي أنّه ساهم في نجاح تلك الموهبة، وقد لعب الإشهار دورا أساسيّا في النهوض بهذه اللعبة.
هذا لا يعني أنّ مشوار “أنس جابر” قد انتهى فهي مازال ترتيبها من العشر الأوائل في الترتيب العالمي لهذه اللعبة وما زلنا نطلب منها إنجازات أخرى قبل أن تخلد لأعمال أخرى في ميدان التنس الذي يعتبر جزء من حياتها…
أمّا ما قلناه في هذا المقال هو من باب الاستشراف و تحريك العزائم والدفع بالمسؤولين على هذه اللعبة للتفكير في المستقبل حتّى تبقى تونس رائدة بعد أن برهنتْ “أنس” أنّ ريادة تونس ممكنة في هذا الميدان، لكن علينا أن نأخذ من الآن بأسباب النجاح حتّى لا تكون أنس جابر بيضة الديك.

صناعة الأبطال في اسبانيا…

ثمّ لا أُخفي على القارئ أنّي شعرتُ هذه السنة أنّ البطل العالمي الإسباني رافاييل نادال بعد أن فاز بلقب رولان غاروس ستّ مرّات وهو أقوى وأشهر لقب في العالم، قد سلّم المشعل هذه السنة (2024) لـ الشاب كارلوس ألكازار الاسباني الذي فاز بهذا اللقب…
معنى هذا أنّ هناك تواصل في اسبانيا فهذا لا يمكن أن يكون من قبيل الصدف بل لا بدّ أن يكون وراء هذا إعداد وتمويلات وعناية بالمواهب ليحصل هذا الشاب الاسباني على هذا اللقب ثمّ لا بدّا أن يكون “ألكازار” قد تأثر بالبطل ” نادال” وهذا لا يكون كذلك من باب الصدفة بل لا بدّ أن يكون القائمون على هذه اللعبة في إسبانيا قد وظّفوا شخصيّة وإنجازات نادال ليقتدي بها المواهب الاسبانيّة…
هذا ما أدعو إليه وهذا ليس بالمستحيل إذا صحّة العزائم وصدق القصد…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى