صالون الصريح

يوسف الرمادي يكتب: حديث في استشارة إصلاح التعليم…كيف ومن أين؟

aramadi
كتب: يوسف الرمادي

فُوجئتُ وأنا أشاهد القناة الوطنية الأولى بهذه “الجميلة” التي بأسلوب مبتكر يُلفِت انتباه النظّارة تقدّم إشهارا للاستشارة الوطنيّة للتعليم وهي تحرّض ـ بطريقة محبّبة للنفوس ـ للمشاركة وابداء الرأي… إلى حدّ الآن لا نملك إلّا أن نشكر تلفزتنا على هذا التجديد في تقديم الإشهار…

لكن بمجرد أن استمعت لمحتوى هذا الاشهار الذي جاء فيه “…لبلوغ المراتب الأولى بين الدوّل في التعليم –تعليم محترم مع أحدث التجهيزات الرقميّة – تعليم يتماشى مع حاجيات بلادنا للقضاء على البطالة –تعليم هو سلاح تونس لتطوير فلاحتنا والمحافظة على صناعتنا…

بأي إمكانيات؟

هذا شيء كبير لكن بأي إمكانيات ونحن مازلنا نزجّ في أقسامنا بمن ليس لهم أي تكوين ليكونوا مدرّسين؟ ومدارسنا مازالتْ تحتاج لأبسط الضروريات فما بالك بالوسائل الرقميّة، والمديرين مازالوا يتضامنون مع المعلّمين لحجب الأعداد عن الأولياء و الاكتظاظ في الأقسام هم السمة المميّزة لتعليمنا إلخ…
وأنا أستمع لهذا الاشهار تذكرتُ الـ”مونولوجست” السوداني الذي سوف لن أنساه ما حيّتُ فقد شاهدته في التلفزة الليبيّة في أواخر الستينيات كان خفيف الظلّ مرح بشوش وقدّ م الطرفة التاليّة: قال أحد الأصدقاء لصديقه تَصَوَّرْ يا أخي خروف محشي باللوز والجوز والبندق بدينار واحد .فقال له صديقه أين ؟ أين هذا؟ فأجابه يا أخي قلت لك تصوّر…

جميل أن نُصلح…ولكن..

وحديثنا قياس: جميل أن نفكّر في إصلاح منظومة التربيّة جميل أن نستشير من له علاقة بهذه المنظومة، لكن متطلّبات الإصلاح التي يعرفها رجال هذه المهنة معرفة جيّدة فهل هي متوفّرة؟ وهل في الإمكان توفّرها في المستقبل مع شحّ موارد البلاد في هذا الظرف بالذات؟شيء آخر بالله عليكم اعملوا ولا تسبّوا ولا تستنقصوا عمل من جاء قبلكم فالإصلاحات السابقة كانت ضروريّة في زمانها وقد ساهمتْ حسب الإمكانيات المتوفّرة في إصلاح البعض من أوجه عمليّة التربيّة وهي عديدة ومتعدّدة…

وأعيد وأكرّر أنّها تتطلّب أوّلا وآخرا الإمكانيات الماديّة على الأقلّ لـ بناء مدارس ترشيح المعلّمين والأساتذة في أغلب الولايات وهو أضعف الإيمان…قبل أن نصل لأحدث الوسائل الرقميّة حتّى لا يكون تعليمنا بمثابة ‘تعليم الحجامة في رؤوس اليتامى’ كما هو عليه اليوم في أغلب مدارسنا.

إذْ ينتدب مجاز في الحقوق لتدريس التاريخ، أو من قضّي سنتين في التعليم العالي لتدريس الخامسة ابتدائي، وقس على هذا ما لا يقل…

الإصلاح معلوم

عناصر الاصلاح معروفة ونجد لها جذورا في كلّ الإصلاحات السابقة لكن يجب أن نضع في حساباتنا أن المسالة ليس مسألة أفكار فقط ولا مسألة خطّة فقط، ولا مسألة وضع برامج فقط، بل المسألة هي مسألة توفير امكانيات قبل كلّ شيء وهنا بيت القصيد وحتّى لا أغوص أكثر في موضوع الإمكانيات التي لا متوفّرة الآن ولا ندري من أين ستأتينا مستقبلا ووضع البلاد لا يخفى على أحد؟…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى