صالون الصريح

يوسف الرمادي يكتب: المنصف السويسي ‘مشروع مسرحي’

aramadi
كتب: يوسف الرمادي

بمناسبة الدورة 40 لأيام قرطاج المسرحيّة أودّ تقديم تحيّة وفاء للمسرحي الفذّ المرحوم المنصف السويسي الذي كان أوّل لقاء بيننا في السنة الثانيّة من التعليم الثانوي، ومن وقتها كان يحدّثني عن التمثيل وعن مدرسة التمثيل وعن والده الذي كان ممثّلا بارعا في إحدى الفرق العريقة بالعاصمة…

بارع في التمثيل

كما كان الراحل المنصف لا يُفَوِّت أي فرصة لإتحافنا ـ سواء كان ذلك في القسم أو خارجه ـ بمواقف تمثيليّة كثيرة تشهد على براعته في التمثيل لكن.. وسأكتفي برواية إحداها:”كنّا في القسم في ساعة التربية الدينيّة وكان التلاميذ يتجاوزون في هذه الحصّة كلّ حدود التشويش إلى درجة أنّ الأستاذ رحمه الله وغفر لنا كان يستعمل معنا نوعا من الشدّة لم نكن نبالي بها إذ كنّا كما يسمّينا الأستاذ الصادق بسيّس ـ رحمه الله ـ
‘شياطين الرّياضة’…

حادثة طريفة

وفي يوم من الأيام صادف أن ركل الأستاذ المنصف بصفة عفويّة وبصورة غير مؤثّرة إطلاقا عندما غادر المنصف مقعده
ـ متعمّدا ـ دون استئذان لكن المنصف سقط على الأرض وهو يتلوّى ويصرخ ثمّ قطع أنفاسه و’رمى الأربعة’…وقد أتقن دوره إلى درجة لا يشّك فيها من يراه أنّه على الأقلّ قد فقد وعيه…

وحاول الأستاذ أن يواصل الدرس رغم أنّه لم يكن مرتاحا وكان من حين لآخر يسرق له النظر أملا في أن يراه على الأقلّ يتحرّك، وكنّا نحن نعلم أنّه مجرّد تمثيل لكن لم نترك الأستاذ يواصل الدرس مطالبين بإسعافه… فما كان من الأستاذ إلّا أن تقدّم منه وقال له مهدّدا ‘والله لو لا تنهض سأعطيك ضربة أخرى “تَبَرِيكْ” عندها لم يستطع المنصف التمالك ونهض ضاحكا’ ونال عن هذا الدور المُتْقَن عقابا شديدا…

ونفس هذا الأستاذ كان يستلطف المنصف لـ خفّة روحه ويقول له :” يا منصف يَا بْنِي مكانك في المسرح فلا تضيّع فرصتك’ فيجيبه المنصف بأسلوبه الطريف “والله يا سيدي سأعمل بنصيحتك في آخر السنة الدراسيّة’… وفعلا فقد التحق بمدرسة التمثيل وكان له شأن كممثّل ومخرج..

حامل لمشروع

لكن الذي يجب أن لا يُنْسى أنّ المنصف السويسي كان مؤسّسا للفضاءات المسرحيّة وأهمّها فرقة الكاف الشهيرة والمسرح الوطني وأيام قرطاج المسرحيّة والمسرح الكويتي، وقد كان حاملا لمشروع “المسرح المدرسي” وحاول الحصول على قاعة العرض التابعة لمعهد بورقيبة في تونس التي تفتح في نفس الوقت على المعهد وعلى الشارع ليجعل منها مركز للتكوين المسرحي للتلاميذ، وكذلك قاعة عرض للمسرح المدرسي لكن لم يجد تجاوبا من وزير التربيّة الذي كان من أكثر الوزراء حرصا على النشاط الثقّافي بالمدارس والمعاهد…
رحم الله المنصف السويسي الذي أعطى للمسرح بدون حساب وكان دافعه الأساسي هو حبّه للمسرح واخلاصه للوطن…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى