صالون الصريح

نوفل سلامة يكتب: كل الحكاية وباختصار.. إسرائيل تمتلك القدرة والقوة في فعل ما تريد!

slama
كتب: نوفل سلامة

ليست هي المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل أحد قيادات المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية وليست هي المرة الأولى التي تتعرض فيها إسرائيل للقيادات الفاعلة والمؤثرة في حركة حماس أو حزب الله وفي مختلف فصائل المقاومة…

عملية نوعيّة

ولكن ما حصل هذه المرة مع تنفيذ عملية الاغتيال لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب إيران يعدّ عملية نوعية ولها أكثر من رمزية ودلالة وراءها رسائل كثيرة واضحة من أن الكيان الإسرائيلي لا يوقفه شيء، وأن لإسرائيل قوة في كامل المنطقة وفي العالم وعلى الجميع الانتباه لها وحساب ألف حساب قبل الاقتراب منها…

خرق أمني خطير

الخطير هذه المرة مع استهداف إسماعيل هنية أحد أبرز قادة حركة حماس ورئيس الحكومة الوحيد المنتخب في مسار الحكومات الفلسطينية في حكومة الوحدة الوطنية التي استمرت من 17 مارس 2007 حتى 14 جوان من نفس السنة في العاصمة الإيرانية طهران في دلالته على حصول خرق أمني خطير صاحبه دقة عالية في تنفيذ عملية الاغتيال،
ودلالة واضحة على قوة إسرائيل العسكرية والأمنية والاستخباراتية وعلى امتلاكها السرعة في رد الفعل والتنفيذ لضرب أي موقع وأي مكان وأي شخصية تقررها…

تفعل وتنفذ..

فهذه العملية قد سبقتها عملية تحضير كبرى وعمل استخباراتي كبير ودقيق، يؤكد مرة أخرى أن إسرائيل تفعل أكثر مما تتكلم و تتعامل مع اعدائها بمنطقها هي وبمنطق وتصرف مختلف عن كل تصريحات العرب والمسلمين، فهي لا تتكلم كثيرا ولا تتوعد وإنما إسرائيل تفعل وتنفذ
وتمتاز بقدرتها الكبيرة على القيام بأي عملية بكل سرعة، ودون ترقب ودون مراعاة للظروف، بل هي من تشكل الظروف ودون الإعلان عن إرجاء الرد كما تفعل ايران أو حزب الله، ولا تعلن نوايا للرد مع اختيار التوقيت المناسب والمكان المناسب مثلما نسمعه دوما كلما استهدف موقع لإيران أو حزب الله أو استهدف قيادي من قيادات جبهة المقاومة ويقع إرجاء الرد حتى يتم نسيانه ويصبح من الماضي…

عملية الاغتيال حسب الأنباء الواردة من وكالات الأنباء العربية والعالمية قد حصلت على الساعة الثانية صباحا بتوقيت إيران وباستعمال صاروخ استهدف مقر إقامة إسماعيل هنية شمال العاصمة طهران تم اطلاقه حسب الرواية الإيرانية من خارج إيران ولم يطلق من داخلها في إشارة إلى تواطؤ إحدى دول الجوار العربي أو غير العربي في تنفيذ هذه العملية وهي نفسها الرواية التي سربتها إسرائيل.
يأتي هذا الاغتيال ساعات قليلة بعد تنفيذ إسرائيل لعلمية أخرى كبرى في الضاحية الجنوبية بلبنان استهدفت فؤاد شكر القيادي العسكري في حزب الله وذهب ضحيتها عدد من الضحايا وتدمير كبير في المباني..

ضربة لـ سيادة إيران

الضربة الأخيرة جاءت فوق التراب الإيراني ومخترقة للسيادة الإيرانية و في قلب طهران، استهدفت في المقام الأول هيبة دولة إيران وسيادتها بعد أن تعرضت لبنان في هيبتها ساعات قليلة قبل اغتيال هنية، وخطورتها تكمن في ما حصل من اختراق للأجواء الإيرانية من دون أن تعترض للصاروخ الموجه الدفاعات الجوية الإيرانية التي على ما يبدو لم تكن على قدر من الجاهزية التقنية والعسكرية والحربية المتطورة بما يفيد أن إسرائيل تمتلك قوة عسكرية متطورة وضاربة في المنطقة..
وهي عملية تأتي أسابيع قليلة بعد استهداف منصة الدفاع الجوي الإيراني والغموض الذي لفّ حادث سقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في رحلة عودته من محافظة أذربيجان الشرقية في إيران بعد أن تعرضت طائرته الخاصة إلى حادث عطب مفاجئ..

المشكل الذي يُتعب شعوبنا نحن عالم الجنوب أننا بعد كل نكبة تحصل لنا من وراء عملية اغتيال أو تدمير تكون وراءها دولة الاحتلال الإسرائيلي نجد أنفسنا نغرق في بيانات التنديد وخطابات الوعد والوعيد ومهرجان خطابي تعلى فيه الحماسة والثورية يتم فيها امتصاص غضب الشارع العربي والإسلامي المتألم من حالة الضعف والعجز و العارف بحقيقته وحقيقة واقعه، وبأن الرد الواضح لن يأتي ولن يكون مباشرا ولا حتى بطريق الوكالة باستعمال الحلفاء أو الرد الدبلوماسي الذي لن يقدم للقضية شيئا..

لا قدرة ولا قوة

اليوم مع كل أسف العرب والمسلمون لا يملكون القدرة ولا القوة ولا الرغبة في تنفيذ رد مناسب على ما يتعرضون له من إهانة ولا انتهاك للسيادة الوطنية والسيادة الترابية، ومن تعد على الحق الدولي ومن انتهاك لكل المعاهدات الدولية المقرة بسيادة الشعوب واحترام حدودها ومجالها الجوي والترابي وعدم الاعتراض لأي إنسان يكون موجودا فوق تراب دولة أخرى مستقلة وذات سيادة.
اليوم من الواضح أن عالم الجنوب ومنه عالمنا العربي والإسلامي غير قادر على إنفاذ مواجهة مباشرة مع إسرائيل والوقوف الند للند مع هذا الكيان الذي يحكم العالم ويتحكم في كل شيء فيه، وهو الحاكم الفعلي والحقيقي لكل العالم فهو من يحكم في أمريكا وهو من يوجه السياسات في العالم وهو من يقود الاتحاد الأوروبي وكل الهيئات والمؤسسات والمنظمات الدولية هي في خدمته وهي مساندة له وتحميه هذه حقيقة العالم وهذه حقيقتنا..

هذه الحقيقة

مع كل أسف وكل مرارة اليوم العالم بأسره في قبضة اسرائيل وفي تحكم قادتها وعلمائها وأدبائها ومثقفيها وفنانيها وإعلامها وسياسييها وشركاتها وأموالها وصناعتها وتكنولوجياتها اليوم كل شيء يقوده اليهود واليوم الحضارة والحداثة التي بدأت غربية أطلسية تحولت اليوم إلى يهودية وفي خدمة المشروع الصهيوني.
ما حصل اليوم مع اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قلب طهران وبطريقة فيها الكثير من المهنية والدقة والتحضير وراءه موافقة ومباركة من شرطي العالم الولايات المتحدة الأمريكية وبتأييد أوروبي وباتفاق على أن لا تقوم إسرائيل بعمليات كبرى قد تشعل المنطقة وتوسع نطاق الحرب والمعركة مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية وأن لا ترد الفعل على مقاومة احتلالها، وما تقوم به من عربدة وبلطجة بضربات كبيرة ولكن في المقابل سمح لها وأعطي لها الضوء الأخضر لاستهداف القيادات والقيام بعمليات اغتيال فردية بحق الرموز من الصف الأول والثاني لقوى المقاومة بما يعني أن كل قيادات المقاومة من كل الفصائل هي مشاريع اغتيال وتصفية، وهذا ما يحصل فعلا فقد استهدفت إسرائيل خلال سنة 2023 و سنة 2024 الكثير من قيادات المقاومة المؤثرين.

لن ننتظر…

اليوم لا ننتظر أن يحصل أي شيء بعد أن تجرأت إسرائيل واغتالت إسماعيل هنية في قلب العاصمة الايرانية، ولن نترقب حصول ردة فعل في حجم الاغتيال من أي جهة كانت عربية وإسلامية، طالما لم نفهم أن الذي يقود العالم اليوم هي إسرائيل وأن الحداثة اليوم هي حداثة يهودية وأن النظام العالمي اليوم يقوده اليهود وكل من موال لهم وأن كل القوة في العالم وراءها ويقودها اليهود وأن كل المنظمات العالمية والهياكل الدولية بأيدي اليهود وأن القرار في العالم هو قرار اليهود..
وطالما لم نصبح نحن شعوب الجنوب ودول هذا العالم قوة علمية وفكرية وتكنولوجية ولم نحقق سيادتنا على ثرواتنا ولم نحقق أمننا الثقافي واللغوي و الفلاحي والطاقي والمالي والصناعي والتقني والعلمي، طالما لم نحقق كل ذلك وبقينا تحت رحمة هذا العالم الظالم الاستعماري الذي يقوده ويتحكم فيه اليهود فإن إسرائيل سوف تواصل التجرؤ علينا وتنتهك سيادتنا وتصل أياديها إلى أي شخص تريد اغتياله في أي مكان وفي كل وقت تحت مرأى ومسمع من كل العرب والمسلمين..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى