نوفل سلامة يكتب: قانون الشيك من دون رصيد/ الإبقاء على العقوبة السجنية: أين المشكل؟

كتب: نوفل سلامة
من القضايا التي حولها جدل كبير ولا تلقى إجماعا حولها وأحدثت لغطا كبيرا ولا يزال وفتحت نقاشا مجتمعيا وقانونيا واسعا قضية الشيك من دون رصيد ومسألة تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية الذي يحتاج اليوم حسب البعض إلى مراجعة وتنقيح في اتجاه إلغاء العقوبة السجنية في حالة عدم توفر الرصيد البنكي وتعويضها بإجراء آخر أو بعقوبة أخرى لا تكون سالبة للحرية مع دفع البنك إلى تحمل جزء من المسؤولية عند عدم توفر الرصيد…
إبقاء عقوبة السجن!
الجديد اليوم والذي أحدث زوبعة كبيرة وزاد من تعميق الأزمة أن المشروع الذي تقدمت به الحكومة لتنقيح الفصل 411 بصفتها الجهة المبادرة بالتنقيح، كان حسب بعض المتابعين مخيبا للآمال وجاء مختلفا عن النسخة التي بادرت بها مجموعة من النواب واطلع عليها الرأي العام في وسائل الإعلام حيث أبقى مشروع الحكومة على العقوبة السجنية مع الحط منها حسب الحالة واعتماد إجراءات الصلح بالوساطة قبل إثارة الدعوى العمومية…
وجعل إثارة الشكاية على كاهل المستفيد لا البنك وإرساء منصات الكترونية للتثبت الفوري والمجاني من توفر الرصيد من عدمه ومدى تغطيته لمبلغ الشيك قبل صرفه.
نحو التخفيف
هذه التنقيحات الجديدة والتعديلات المقترحة من طرف وزارة العدل والتي جاءت في سياق التخفيف من وقع عقوبة الشيك دون رصيد على العائلات وأصحاب الشيكات وأصحاب المؤسسات الاقتصادية، وخاصة الصغرى والمتوسطة من الذين وجدوا أنفسهم أمام أحكام بالسجن سالبة للحرية نتيجة عدم توفر الرصيد المالي بحساباتهم الجارية ولأن اعتبرت من جانب الحكومة مهمة وسوف ينجر عنها الافراج عن الكثير من المحكوم عليهم بالسجن بعد تسوية وضعيتهم وإجراء صلح مع المدين المتضرر من تسلمه شيك فاقد للرصيد المالي وإمكانية إيقاف تنفيذ العقاب، وإلغاء الخطية والمصاريف بالنسبة للمحكوم عليه الذي يقوم بخلاص مبلغ الشيك أو الباقي من قيمته..
طلب شعبي واضح
مع إقرار أثر رجعي للتعديل الجديد بما يجعله ينسحب على كل شخص يوجد وراء القضبان بسبب إصدار شيك دون رصيد، فإن هذه الإجراءات الجديدة في رأي البعض هي إجراءات لا تتضمن أهم مطلب طالب به المجتمع المدني والعديد من رجال القانون ومنظمات حقوق الإنسان وأعضاء مجلس نواب الشعب، والمتمثل في إصدار عفو تشريعي عام و إلغاء العقوبة السجنية وتعويضها بعقوبات بديلة غير فكرة سلب الحرية…
إلى جانب تخلي مشروع الحكومة عن تحميل البنوك المسؤولية في إصدار الشيكات دون رصيد وتحميلهم مسؤولية تضامنية مع مصدر الشيك.
هذه التعديلات وهذه التنقيحات الجديدة في موضوع الشيك دون رصيد والتي أبقت على العقوبة السجنية مع فتح المجال للصلح وإيقاف التتبعات وحتى إيقاف تنفيذ العقوبة في أي طور من أطوار القضية، وفي أي مرحلة من مراحل النزاع القضائي رأى فيها البعض الآخر أنها جاءت متزنة في احترامها لحقوق الدائن والمدين وراعية لمبدأ الحقوق والحريات وخاصة حرية من أصدر الشيك ومصلحة الشخص المتضرر من عدم وجود رصيد بالبنك يغطي المبلغ المطلوب.
أرقام
حسب الناطق الرسمي بإسم الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة السيد عبد الرزاق حواص فإن عدد الفارين إلى الخارج بسبب قضايا الشيك دون رصيد قد بلغ حدود 10800 شخص في حين أن الأرقام الرسمية حسب بيانات وزارة العدل تشير على أن العدد الجملي للمودعين بالسجون التونسية إلى حدود شهر أفريل 2024 نتيجة ارتكاب جريمة إصدار شيك دون رصيد قد بلغ 496 شخص منهم 292 تم الحكم عليهم و 204 رهن الإيقاف وأن عدد القضايا قد بلغ 11265 قضية باعتبار أن كل شيك دون رصيد يمثل لوحده ملف قضية.
هل يستحق هذا الضجيج؟
على ضوء هذه الأرقام فهل يرتقي موضوع الشيك من دون رصيد أن يتحول إلى قضية رأي عام؟ وهل يستحق هذا الموضوع كل هذا الضجيج وهذا الاهتمام والنقاش؟
وهل أن عدد المحكوم عليهم وعدد الهاربين خارج حدود الوطن يستحق كل هذا الضغط المسلط على برلمان الشعب وعلى المجتمع في الوقت الذي نجد فيه فئات أخرى من المجتمع تحتاج اهتماما وعناية أكبر؟