صالون الصريح

نوفل سلامة يكتب/ الحرب الإيرانية ـ الإسرائيلية: معركة تحسمها الصواريخ البالستية والطائرات الحربية

slama
كتب: نوفل سلامة

مع تقدم الحرب الإيرانية الإسرائيلية وما كشفت عنه تطورات الميدان، اتضح أن هذه الحرب التي بدأتها إسرائيل بدعوى أنها حرب وجود بالنسبة إليها لضمان أمنها وأمن شعبها…

وهي حرب كان لا بد أن تقع منذ ثلاثين سنة كما صرح بذلك نتنياهو من أجل إيقاف البرنامج النووي الإيراني المهدد لأمن إسرائيل وحتى حلفاءها من الأوروبيين، اتضح أنها حرب غير متكافئة من حيث القدرات العسكرية ومن حيث تباين نقاط الضعف والقوة بين الجانبين…

إيران مُحاصرة

فما هو معلوم أن ايران تخوض حربا مدمرة مع إسرائيل ومضروب عليها حصار اقتصادي وعسكري منذ سنوات أضر بها من حيث التزود بالسلع والمنتجات، ومنع عنها إجراء مبادلات تجارية مع الكثير من البلدان والأخطر من ذلك منعها من شراء معدات وآلات حربية جديدة…
وقد أثر هذا الواقع أيما أثر حيث دخلت إيران الحرب وهي لا تملك إلا بعض الطائرات القديمة من نوع أف 16 وآف 15 وآف 7 و دبابات لا يمكن أن تستعمل إلا في الحروب البرية وتوغلات الحدود مع دفاعات جوية غير متطورة، ويتم التشويش عليها والقوة الوحيدة التي لديها ترسانة من الصواريخ أهمها الصواريخ البالستية التي اقتنتها قبل فرض الحظر الاقتصادي عليها أو التي طورتها بقدراتها الذاتية.

اسرائيل مُسلحة بأحدث الأسلحة

في حين إن إسرائيل تخوض هذه الحرب بقدرات حربية متطورة جدا جميعها من إنتاج المصانع الأمريكية وخاصة الطائرات الحربية آف 35 القادرة على اختراق الدفاعات الجوية مع امتلاكها منظومة لردع الصواريخ متكونة من أربعة طوابق آخرها القبة الحديدية الشهيرة التي يتباهى بها الكيان والتي صممها لمنع وصول أي صاروخ قادم إليه من أي جهة كانت وخاصة من لبنان…

دعم أمريكي واضح

هذه هي المعطيات العسكرية المُعلن عنها والتي تتداولها مختلف وسائل الاعلام، وهي تبرز تفاوت القدرات بين الجانبين خاصة إذا علمنا ان إسرائيل تحظى بدعم أمريكي واضح حتى وإن انكرت ذلك ويبرز ذلك في المشاركة المباشرة وغير مباشرة للجيش الأمريكي ومؤسسته العسكرية خاصة في تزويد الطائرات الحربية الإسرائيلية بالوقود في الجو ودعما خفيا ومكشوفا من بعض الدول العربية التي سمحت لهذه الطائرات لإسرائيل باختراق المجال الجوي لإيران بما سمح بضرب كل الأهداف بكل سهولة…

الجبهة الداخلية

الأكثر خطورة على إيران من كل التفاوت في القدرات العسكرية في هذه الحرب هي الجبهة الداخلية التي كشفت عن وجود اختراقات غير مفهومة وجواسيس وعملاء بأعداد كبيرة يقدمون المعلومات للعدو بل ويساعدونه على أرض الميدان من خلال استهداف بعض الأماكن في التراب الإيراني..
حيث تبين أن العديد من الانفجارات التي حدثت كانت من وراء إطلاق قذائف مداها 30 كلم بما يعني أنها أطلقت من الداخل الإيراني وعمليات تشويش على الرادارات الإيرانية من أماكن توجد بالتراب الإيراني لتسهيل عملية وصول الطائرات الإسرائيلية و اختراق المجال الجوي وتجنب الدفاعات المضادّة.

الهدف: إسقاط النظام

اليوم بات من الواضح ومن خلال التصريحات الأمريكية والمسؤولين الإسرائيليين أن غايات الحرب لم تكن كما تم الإعلان عنه تحييد البرنامج النووي الإيراني، وإيقاف عمليات تخصيب مادة اليورانيوم المستعملة في صناعة القنبلة النووية..
وإنما الهدف الحقيقي من هذه الحرب هو اسقاط النظام الإيراني والتخلص من سلطة المتشددين وآخر حلقة في منظومة المقاومة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط فبعد تدمير غزة والقضاء على المقاومة اللبنانية وانهاك حزب الله واغتيال الكثير من القادة السياسيين والعسكريين في المقاومة الفلسطينية واللبنانية وبعد مهادنة الكثير من الأنظمة العربية وتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني.. والبعض الآخر لجأ إلى خيار الصمت والنأي بالنفس وكأن الأمر لا يعنيه…وتحييد تركيا عن الصراع العربي الإسرائيلي بعد أن تراجعت حماسة أردوغان في مقاومة المشروع الصهيوني في المنطقة..

فلم يبق في محور المقاومة إلا إيران التي على عكس ما يذهب إليه الرأي فإن سنوات الحصار والعقوبات الاقتصادية التي فُرضت عليها قد جعلتها تتقوى أكثر وتعتمد على ذاتها وقدراتها لاكتساب القوة وهي اليوم مع الصين والهند وباكستان وروسيا من أكبر القوى في القارة الآسيوية وعملية إضعاف إيران وادخالها إلى بيت الطاعة الإسرائيلية، هي مسألة استراتيجية وحيوية للمشروع الأمريكي في المنطقة العربية.

اليوم سيناريوهات الحرب ليست كثيرة وهي معروفة ومنها قدرة كل طرف على الصمود أطول وقت ممكن، قدرة إسرائيل على تدمير المقدرات العسكرية والمدنية الإيرانية بتكثيف الطلعات الجوية وتوجيه ضربات موجعة باستعمال الطائرات..
وهنا السؤال إلى أي مدى ستواصل إسرائيل في حربها التركيز على الحرب الجوية واستعمال الطائرات الحربية؟ وإلى أي مدى تقدر منظومة دفاعاتها على صد الصواريخ الإيرانية وخاصة النوعية التي لم تستعملها إيران بعد بالقدر الكافي وهي صواريخ متطورة قادرة على اختراق الدفاعات الأرضية الإسرائيلي.

نقطة قوة إيران

وفي المقابل قدرة إيران على مواصلة توجيه ضربات بالصواريخ موجهة في العمق الإسرائيلي الذي تمثل مساحته الصغيرة نقطة ضعفه وقدرتها على إدخال الصواريخ التي لا تستطيع منظومة الردع صدها ولا اعتراضها في هذه المواجهة وهي نقطة قوة إيران في هذه الحرب…
والملاحظ اليوم أن إيران تحسن إدارة الصراع من خلال عملية إنهاك منظومة الردع أو ما يسمى بالقبة الحديدية بإرسال ترسانة من الصواريخ التقليدية القديمة للتمويه، والتي تعلم إيران مسبقا أنها لن تصل إلى الكيان ثم تستعمل الصواريخ المتطورة التي لا يمكن لأي رادار ولا منظومة دفاعية اعتراضها وهي الصواريخ التي سقطت في العمق الإسرائيلي واخافت حلفاء الكيان الذين لم يتوقعوا هذه الاستراتيجية الحربية الذكية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى