فنون

مهرجان بنزرت الدولي: حتـى لا تبقــى دار لقمــان علــى حالــها..

كتب: الأمين الشابي

الآن وقد أسدل الستار على الدورة 40 لمهرجان بنزرت الدولي، بغثّها و سمينها، بإخفاقاتها و نجاحاتها، بل وصل الأمر، بين أعضاء الهيئة الواحدة، إلى رفع القضايا ضدّ بعضهم البعض ليتم، بعدها تهدئة النفوس وتدخل الجهات المسؤولة وإقرار برمجة لهذه الدورة عدد 40…

وأقل ما يقال فيها و أنّها برمجة ” البايت و المجمّر ” و بالتالي علينا أن نقف على نقاط القوّة في المهرجان عموما و ندعمها، و نقاط الضعف لنتفاداها وذلك على أساس الطرح الموضوعي ـ خاصة و أن جمعية المهرجان مقبلة على جلسة عامة انتخابية في الأيام القادمة ـ وذلك انطلاقا من قناعاتنا وأنّ مهرجان بنزرت الدولي هو مكسب للجهة وعلى الجميع المحافظة عليه بل و تطويره ليظل منارة تشع وطنيا و لم لا دوليا؟.
وانطلاقا من هذا الطرح، سنتناول أوّلا موضوع الجلسة الانتخابية القادمة، وثانيا تطوير المهرجان من النواحي التنظيمية… وأخيرا البرمجة التي لابد أن تراوح بين ما هو ثقافي وما هو تجاري…

الاستعداد لانتخاب هيئة جديدة

انتخاب هيئة جديدة لمهرجان بنزرت الدولي، نعتبره أهمّ عنصر لاستمرارية هذه المهرجان ولكن بشرط تطبيق ما جاء بمرسوم الجمعيات لا شكلا بل فعلا و روحا.
فالهيئات المتتالية منذ سنة 2011، عرفت الكثير من التجاوزات والمشاكل، رغم أنّها في الظاهر قانونية ولكن في الواقع تمّ توظيف بعض الجوانب “القانونية” منها لتمديد أمد تلك الهيئة أو هذه. و بالتالي نعتبر و أنّ الانتخابات القادمة و التي ستفرز هيئة جديدة هي محطّة مفصلية لها من الأهميّة بمكان، إذا ما تمّ، فعلا، احترام المرسوم المنظم للجمعيات و القانون الداخلي لجمعية المهرجان، وذلك بعيدا عن البيع و الشراء في إطار التكتلات و اللوبيات، و التّي لا هدف لها سوى ضمان بقائها في هيئة المهرجان.

وبالتالي كخطوة أولى وأساسية لإنجاح هاته المحطة الانتخابية، لابدّ من طرح بيع الاشتراكات بكل شفافية ولكلّ من يرغب في ذلك بعيدا عن كلّ عملية إقصاء ‘مقننة’…

ثانيا لابدّ من تعيين هيئة محايدة، بما تعنيه الكلمة من معنى الحياد، للإشراف على العملية الانتخابية برمتها، وذلك على أساس احترام القانون والشفافية المطلقة ودون الولاء لأيّ قائمة مترشحة.. وفي هذا السياق يمكن اختيار هيئة محايدة يرأسها محام أو قاض وبمساعدة أشخاص يُشهد لهم بنزاهتهم من غير المترشحين، وأيضا تمكين مراقب عن كل قائمة مرشحة لمتابعة العملية الانتخابية ولكن بدون تدخل في ذلك. نقول مثل هذا الكلام، لأنّه ومنذ سنة 2011، لاحظنا وأنّ الهيئات المسيرة تقريبا هي نفسها مع تغيير، من دورة إلى أخرى، بعض المواقع. وهذا أوّلا، لا يخدم تطوير المهرجان اطلاقا، بل و يحرمه من ضخ دماء جديدة في هيئته، قد تغيّر المشهد الثقافي للمهرجان، و بالتالي تقضي تماما على عملية التداول على تسيير جمعية مهرجان بنزرت الدولي، خاصة إذا ما علمنا و أن ولاية ببنزرت تعجّ بالكفاءات القادرة على الإضافة.
وبالتالي لماذا يبقى المهرجان رهينا لنفس الوجوه ولنفس النمط الفكري ولنفس الأسلوب في التنظيم والإدارة.

الجانب التنظيمي بالمهرجان

يعتبر الجانب التنظيمي أحد أهم الهنات التي واكبت الدورات المتتالية للمهرجان، رغم رفع البعض منها تباعا، و لكن بقي الكثير من هذه الهنات التي يجب الاهتمام بها و لعلّ في مقدمتها تنظيم عملية دخول الجمهور خاصة إذا ما كانت تعرف بعض العروض إقبالا جماهيريا كبيرا.
فلا يمكن أن يكون عدد الجماهير يفوق قدرات مدارج وكراسي المسرح و هذا ما لاحظناها في بعض العروض، وما يعنيه ذلك من ناحية أولى من خطورة على سلامة الجمهور.
وهنا نطرح سؤالا موضوعيا فهل يتم في هذا المجال التنسيق مع الجهات المسؤولة لحفظ سلامة الجمهور وتحديدا مع إدارة الحماية المدنية وهل يتم تنفيذ ملاحظات هذه الجهة المسؤولة عن السلامة؟
ثانيا، هناك شق من الجمهور ـ وهو الذي اقتطع تذكرة في الكراسي ـ يحرم من الاستمتاع بالعرض خاصة أمام ما يشهده الفضاء المخصص للكراسي من سوء التنظيم و ما يمكن أن ينتج عن ذلك من مشاحنات التي يمكن أن تؤول إلى ما لا يحمد عقباه. والمفروض أن يكون الفضاء، المعد للكراسي، في شكل منحدر حتى يتمكن الجميع من متابعة السهرة بدون عناء.
وعليه نقترح على الجهات المسؤولة إمكانية إعادة النظر في الفضاء المخصص للكراسي وجعله ملائما، كذلك لاحظنا التطاول على رجال الإعلام من قبل بعض الجهات التّي علاقة لها بتنظيم الدخول الندوات الصحفية بعد كل عرض، ولكن ما لاحظناه وأنّ هذه الجهات تسمح لمن لا علاقة لهم بالنّدوة الصحفية من الدخول للقاعة الشرفية لأخذ صور تذكارية مع هذا الفنان أو ذاك، و تتصدى للصحفي الذي يكاد يتوسل من تلك الجهات الدخول للقيام بواجبه. ذلك هو الواقع للأسف، ولم ينفع لفت النظر إلى تلك المشكلة مرارا وتكرارا. أيضا لاحظنا وأنّ الأسعار، لنقطة البيع داخل فضاء المهرجان، لمختلف المواد الاستهلاكية، لا علاقة لها بالواقع، فهي مرتفعة جدّا وكأنّنا في نزل أو في فضاء ترفيهي.

مع الإشارة أيضا وأنّك إذا ما هممت بالدخول إلى بيوت الراحة بالمهرجان عليك أن تدفع معلوما بـ 500 مليما؟؟ أيضا نشير إلى أنّ شارة الدخول التي يحملها الإعلامي كانت تسمح بدخول شخصين ولكن منذ الدورة 35 تغيّرت الأمور في اتجاه تقليص ذلك والاكتفاء بدخول شخص واحد وهو الإعلامي؟ وكأنّ هذا الأخير أصبح في نظر الهيئة عبئا في حين أنّه يشكل عنصرا فاعلا في اشعاع فعاليات المهرجان؟ وأخيرا، رغم أنّنا لفنا النّظر إلى ذلك في أكثر من مناسبة، نلاحظ أن المعدات السمعية تمثّل مشكلا جديا في مهرجان بنزرت الدولي؟ فكم من مرّة تعطلت أثناء بعض العروض بل وصلت الأمر إلى إيقاف بعضها برهة من الزمن؟ فلماذا لا يتم التعامل مع جهة أخرى؟ ولماذا الإصرار على التعامل مع نفس الجهة؟
هنا نسأل فقط وننتظر جوابا مقنعا؟

البرمجة تكاد تكون تجارية بحتة

لاحظنا، و على مرّ الدورات المتعاقبة و أنّ جلّ البرمجة لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض بل يمكن القول و أنّه إذا أردنا ” انصاف ” هذه البرمجة عموما أن ننعتها بكونها برمجة ” البايت و المجمّر ” بل الخطير في ذلك و أن جلّ هذه العروض تكاد تكون نفسها من دورة إلى دورة..
ويكفي الرجوع إلى الاحصائيات لوجدنا أنّ بعض العروض لم تغب عن المهرجان للمرّة التاسعة أو أكثر؟ وكأنّ هذه العروض متعاقدة مع مهرجان بنزرت الدولي لمدّة 99 سنة؟ بل الأخطر وأنّ جلّ العروض هي عروض تجارية بحتة؟ و كأنّ الهيئة تبحث عن الربح بعيدا عن الدور التنويري و التثقيفي للمهرجان؟.
فالمطلوب، وهذا أضعف الايمان، المراوحة في اختيار العروض بين ما هو تجاري – ونحن نتفهم ذلك باعتبار تكاليف التنظيم و جلب العروض – و بين ما هو تثقيفي عبر جلب عروض تساهم في وعي الجمهور و تجعله مطلعا على ثقافات الآخر.
وبالتالي لابدّ من ضوابط و مقاييس في اختيار العروض، بعيدا عن السقوط في العمليات المشبوهة – تحت الطاولة – و لم لا العمل على استشارة أهل الذكر و المختصين في شتى المجالات الفنية – و لا خاب من استشار – بل و نقترح إضافة إلى ذلك، حتى يصبح المهرجان محطة للمّ الشمل وربط الصلة بين مختلف الأجيال و ذلك عبر تكريم، عبر الدورات المختلفة، لكل من سبق له أن العمل ضمن الهيئات المختلفة منذ احداثه. و أيضا نقترح تكريم الإعلاميين الذين يساهمون فعليا، في اشعاع المهرجان عبر مواكبتهم لمختلف دوراته ، و ذلك على أساس مقاييس موضوعية بعيدا عن المحاباة و مقياس الأقربون أولى بالمعروف. كما نقترح إمكانية تنظيم مسابقات للجمهور عبر طرح أسئلة بسيطة حول تاريخ المهرجان أو حتى لمن يحمل تذكرة دخول تحمل رقما معيّنا، وبذلك يمكن جلب كلّ الأطراف للمهرجان : الجمهور و الإعلام و المسيرين السابقين وغيرهم.

كلمة أخيرة

هذه بعض الأفكار والمقترحات ـ وأكيد أنّه يوجد غيرها كثيرا ـ التي نراها من أجل تطوير عمل مهرجان بنزرت الدولي وجعله بالفعل منارة ثقافية و سياحية بالجهة، ونرجو أخذها بعين الاعتبار لتجد طريقها إلى التنفيذ و ذلك حتى لا يبقى مهرجان بنزرت الدولي كدار لقمان على حاله، بنفس الفكر النمطي
وبنفس الوجوه وبنفس التمشي التجاري والتنظيمي.؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى