مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم (5/ 7 )

إعداد: نوفل سلامة
يواصل الرئيس الأسبق فؤاد المبزع في سرد أحداث القبض على البغدادي المحمودي وقرار تسليمه إلى السلطات الليبية، فيعترف بأنه بعد تسلم محمد المنصف المرزوقي الرئاسة لم يمض هذا الأخير على قرار تسليم البغدادي المحمودي لتبقى هذه العملية ـ حسب رأيه ـ وصمة عار وفضيحة في تاريخ الدولة التونسية…
حيث قيل وقتها أنه استحال الاتصال بالرئيس المرزوقي لتواجده في جهة بالجنوب التونسي ليس بها تغطية لاسلكية حسبما تم تداوله رسميا وإعلاميا…
رفض التسليم
ويذكر محادثة جانبية مسرّبة دارت بين حمادي الجبالي والباجي قائد السبسي أثناء عملية تسليم المهام بينهما جاء فيها أن الباجي أخبر الجبالي بأن فؤاد المبزع رفض تسليم البغدادي.
يقول فؤاد المبزع في يوم تسليم السلطة للمرزوقي سمعت حديثا من خلال تسريب تسجيل صوتي دار بين الباجي وحمادي الجبالي يقول فيه الباجي أنه لم يباشر في موضوع البغدادي الرئيس المبزع ولا أعلمه ولا سلمه أي وثيقة لتسليمه. ومعطيات أخرى جاءت في هذا التسجيل من أن الدولة التونسية طلبت من المملكة العربية السعودية تسليمها الرئيس بن علي وكنت قد رفضت الطلب في حين لم أطلب أنا ذلك خلال مقابلتي بالسفير السعودي وهو اللقاء الذي جمعنا بعد شهرين من قيام الثورة.
أحزاب بلا برامج
تحدث عن ظاهرة كثرة الأحزاب السياسية التي عرفتها البلاد في الأيام الأولى للثورة حتى فاقت المائتي (200) حزب مشتتة ودون برامج، وهي كلها أحزاب متشابهة تعود إلى بعض العائلات الفكرية المعروفة، وكان الأولى حسب رأيه حفظا للثورة أن تتجمع في عدد قليل من الأحزاب القوية ضمانا لمتانة الديمقراطية والحياة السياسية…
في هذا الإطار من الحديث عن المشهد السياسي أبدى المبزع افتخاره بما أنجزه في بضعة أشهر من حفظ الأمن وتأمين الانتقال الديمقراطي الذي اعتبر بعد الثورة نموذجا في نظر الأطراف الدولية، وإجراء انتخابات نزيهة وديمقراطية وشفافة هي الأولى في تاريخ تونس، لكن المفاجأة كانت مع الأسماء التي تصدرت القائمات الفائزة في التأسيسي مما شكّل انحرافا بالمسار يعبر عن رغبة في التكالب على السلطة لا غير…
يقول: لقد كانت تخامرني شكوك من أن كل هذه الأحزاب المشتتة تتسابق على السلطة ولم تكن غايتها روح الثورة وأهدافها واستحقاقات من قام بها وأعد لها منذ أحداث الحوض المنجمي ويضيف: من هنا بدأت أشعر بالخوف على مستقبل البلاد ومن الإسلام السياسي الذي جيء به إلى تونس دون أن تكون التيارات ذات المرجعية الدينية قد شاركت في الثورة، وأن قوى دولية وإقليمية قد سرّعت وشرّعت هذا النهج في تونس ومصر وليبيا وعملت هذه القوى على وصول الإسلاميين إلى السلطة عبر آلية الانتخابات.
في موضوع المحاسبة كان يرى أنه كان من الأولى ألا ننظر إلى الوراء وإنما إلى المستقبل بما في ذلك الشيطنة والشطط في المحاسبة، بل ومغالاة فيها مما جعل حسب قوله التأكيد على بلورة نظرة مستقبلية لتونس بقيت رهن المجهول ولم يجد الشباب الذي أثث القصبة 1 والقصبة 2 و كل النقاش الذي دار فيهما وكل المطالب التي نادى بها وجاءت في جميع برامج الأحزاب أثناء الحملة الانتخابية تطبيقا حقيقيا لهذه الوعود.
خصص حيزا من حديثه حول المال السياسي وكيف أن العديد من الأحزاب كانت تتلقى أموالا من الخارج عن طريق الجمعيات حيث أن قانون الأحزاب يمنع ذلك في حين أن قانون الجمعيات كان يسمح بتمويلات خارجية وتحدث عن الفترة التي سبقت انتخابات سنة 2011 التي عرفت تقلبات كثيرة و تدفق الكثير من التحويلات الأجنبية لفائدة الأحزاب السياسية بل أن المال الأجنبي – والقول له – قد وصل إلى القصبة 1 و القصبة 2 رغم أن هناك من يقول بأن كل مستلزمات الاعتصامين كان بمبادرة من أشخاص ومن متساكني المنطقة.. يعتبر أن هناك مغالاة في التركيز على ما أتاه بن علي ونظامه على حساب النظرة المستقبلية للبلاد فرأينا برامج أحزاب فارغة وأخرى لا شيء فيها؟
لا أفهم معنى إقحام الإسلام في السياسة
يواصل الرئيس المبزع شهادته ويتوقف مع وصول الإسلاميين إلى الحكم، فيقول: لقد تفطنت إلى أن المجتمع المدني من خلال جل الجمعيات إنما كان رافدا من روافد أحزاب سياسية بعينها استغلت الثغرة الموجودة في مرسوم الأحزاب والجمعيات الذي ختمه بنفسي في منع التمويل الأجنبي على الأحزاب وإجازته للجمعيات ليرسم ممرا لأموال طائلة بين هذه الأحزاب وهذه الجمعيات التي اتضح فيما بعد أنهما مرتبطان معا أو بمثابة الفروع من الأصول..
ومن هنا بدأت تظهر التعاملات الملتوية التي تم رصها في انتخابات 23 أكتوبر 2011 من دون أن يطالها القانون.
كيف سيحكُم هؤلاء وهم دون رؤية مستقبلية؟ ‘فأن تحكم يعني أن تكون لك رؤية للمستقبل وأن تكون لك القدرة على التنبؤ’
وللمقال صلة…
طالع أيضا الجزء الأول: مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة عرفتها تونس: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم
طالع أيضا الجزء الثاني: مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة عرفتها تونس: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم
طالع أيضا الجزء الثالث: مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم
طالع أيضا الجزء الرابع: مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم