صالون الصريح

مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة عرفتها الثورة: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم (4/ 7)

slama
إعداد: نوفل سلامة

يواصل فؤاد المبزع شهادته عن حدث الثورة، فـ يصل بمذكراته إلى الحديث عن لجنة إصلاح الإعلام التي ترأسها كمال العبيدي الشخصية التي اقترحها عياض بن عاشور وقد كان مقيما بالخارج، وقد عرفت هذه الهيئة بالمرسومين عدد 115 و116 الذين لم يتدخل في صياغتهما على حد قوله وترك الأمر فيهما لأهل الاختصاص ويعترف بأنهما قد ساهما في تطوير الحياة الإعلامية في تونس بعد الهيمنة التي كان يعاني منها الإعلام في عهد الرئيس بن علي…

تحدّث المبزع عن الأموال المنهوبة والأموال التي استحوذ عليها الرئيس بن علي حينما طلب منه عبد الفتاح عمر التحول مع فريق اللجنة إلى قصر سيدي الظريف، وما شاهده هناك من أموال طائلة مخبئة ومكدسة نقلت صورها التلفزة للتونسيين، وهي أموال تعود إلى الشعب كان بن علي وعائلته ينفقونها في سفرات تدوم أياما في السيشال وجزر الموريس وهي معلومات كانت ترد عن القناصل ويعلمها بعض وزرائه…
كشف فؤاد المبزع أن بن علي كان يتلقى كل شهر وعلى مدار السنة صندوقا بالأوراق المالية بالدينار التونسي يقع افراغه عنده ثم يعلن أنه لم يتلق شيئا.

القناصة حقيقة، ولكن..

تحدث عن موضوع القناصة في المذكرة عدد 107 وعن حقيقة وجود عمليات قنص تعرض لها المتظاهرون لكنه أعاد ما ردده توفيق بودربالة رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة، من أن القناصة موجودون لكنهم في الغالب عناصر غير أجنبية وليس هناك جهة أجنبية وراءهم يقول: هذا ما سمعته من بودربالة لكني أنا شخصيا لا علم لي بهذا الموضوع ولم أتلق أي تقرير في الموضوع والمهم في هذا الموضوع أنه عاد له الحديث عنه في المذكرة عدد 136 التي خصصها لهيئة بودربالة التي نوه بعملها وهي تبحث في التجاوزات التي حصلت في كل الجهات إبان الثورة والضحايا الذين سقطوا خلال مواجهات مع قوى الأمن وممن طالهم رصاص القناصة وما يروج حول وجودهم وأنهم عناصر أجنبية دخلت البلاد في أيام الثورة الأولى التي عرفت فوضى كبيرة وحتى قبل مغادرة بن علي البلاد..

فيؤكد أنه لم يتلق أي تقرير حول الملف من طرف بودربالة الذي قال له ليس هناك اثبات على ضلوع جهات أجنبية وراءهم ومع ذلك فقد اخضعت اللجنة بعض المسؤولين في الدولة إلى المساءلة والتحقيق باعتبارهم مسؤولين على إطلاق النار وعلى سقوط 338 ضحية من بينهم 80 سجينا و 14 أمنيا و 5 أفراد من الجيش الوطني إضافة إلى 2147 جريحا منهم 28 أمنيا.

تقرير لجنة بودربالة

دامت أعمال لجنة بودربالة أكثر من السنة من البحث والتقصي أنتجت تقريرا في حوالي 104 صفحة وانتهت كما أعلنت عنه في ندوتها الصحفية التي نظمتها بمناسبة انتهاء أعمالها إلى أنها لم تتمكن من تحديد الجهة التي كانت تقف وراء القناصة الذين كانوا وراء قتل العديد من الأشخاص من فوق أسطح المباني.

قضية البغدادي المحمودي

من الملفات التي نالت حيزا مهما في مذكراته وتحدث عنها بتفصيل كبير موضوع البغدادي المحمودي تناوله فؤاد المبزع في المذكرة عدد 140 حينما تعرض إلى الزيارة التي أداها على عجل البغدادي المحمودي إلى تونس قبل سقوط النظام الليبي، وكان وقتها يشغل خطة وزير أول وليبيا على صفيح من نار وتشهد أحداثا خطيرة والنظام في آخر أيامه ومساره يخطو خطى الثورة التونسية، ويرتب لانهيار النظام وسقوط القذافي…
هذه الزيارة التي أداها البغدادي المحمودي التقى خلالها الباجي قائد السبسي ولم يطلب مقابلة فؤاد المبزع، والمقابلة لم تكن مريحة للبغدادي وخرج غاضبا لأن الباجي قد أفهمه بأنه لا تراجع في بعض المسارات التي قد يكون المحمودي رأى فيها ضربة لليبيا، وقد صرح المبزع بأن الباجي لم يطلعني عن فحوى لقائه به رغم أن عملية تسليمه من عدمها من مشمولاتي…

خطأ جسيم!

يعتقد فؤاد المبزع بأن ما حدث في تونس مختلف عما حدث في ليبيا ففي تونس حصلت ثورة في حين حصل تدخل أجنبي في ليبيا أكثر منه ثورة من الداخل، حتى وإن كانت في البداية ببادرة من الشعب الليبي الذي له الحق في أن يثور على أوضاع لا تعجبه في بلاده..ما حصل في ليبيا لم يكن من أجل مناصرة الديمقراطية.
ذكر على لسان وزير الداخلية وقتها الحبيب الصيد أن المسؤول الليبي الثاني في رأس السلطة الليبية، قد دخل إلى تونس عبر الجنوب الغربي وكان في برنامجه المرور إلى الجزائر لاجئا فـ هاتف الصيد الباجي قائد السبسي وطلب منه استشارة في ملف البغدادي المحمودي؟

فكان قرار الباجي تطبيق القانون وبالتالي القبض على الرجل وهو عمل لم يعلم به فؤاد المبزع ولا استشير فيه وإنما علم بالأمر بعد أن تم إيقاف المحمود البغدادي، ويضيف المبزع لو أعلمني وزير الداخلية الحبيب الصيد لكنت أذنت للبغدادي بمواصلة طريقه نحو الجزائر وفي حديث معه بعد عملية الإيقاف أعلمه الصيد أن البغدادي قد دخل تونس بلا هوية أو بهوية مزورة…

تصرف كارثي

لما علم الرئيس المبزع بإيقاف البغدادي انزعج من عدم استشارته واتخاذ مثل هذا الموقف والقرار من دون العودة إليه ووجه عتابا للمسؤولين الذين تصرفوا من دون العودة إليه، معتبرا أن المسؤولية لما تكون بين أيدي أصحاب المراتب الدنيا يصبح القرار الصادر عنهم كارثة نظرا لعدم القدرة على تقدير الوضع ولا الوضعية
ـ في إشارة صريحة إلى تصرف المرحوم الباجي قائد السبسي ـ معتبرا أنهم قد ارتكبوا خطأ وأفتوا في أمر ليس لهم فيه باع ـ والقول له ـ ورجح أن يكون القبض عليه لعدم التعرّف عليه من قبل الأمنيين لكونه لا يحمل بطاقة هوية.
يؤكد الرئيس المبزع أنه لم يُسلم البغدادي المحمودي وتم تناول موضوع تسليمه في مجلس وزاري مضيق ترأسه الباجي قائد السبسي من دون حضوره ووافق الوزراء على التسليم في حين رفض المبزع ذلك، ورغم ذلك تم تسليم البغدادي المحمودي إلى السلطات الليبية…

والمقال صلة…

طالع الجزء الأول: مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة عرفتها تونس: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم..(1/ 7)

طالع الجزء الثاني: مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة عرفتها تونس: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم..(2/ 7)

طالع الجزء الثالث: مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة عرفتها الثورة التونسية: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم (3/ 7)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى